عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة, واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم, حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم.
لقد ارتكب السيسي وأنصاره في حق مصر وشعبها من تخريب وخيانة وسجن وتشريد للآلاف وحرق وقتل للأحرار من الركع السجود في رابعة والنهضة وميادين مصر وقراها ما يجعلنا نطمأن أن نهايته محتومة وقريبة جدا وهو الذي يسارع بها.
ما بال هؤلاء؟ أيحسبون أن لن يقدر عليهم أحد؟ .. كلا, فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، قال: ثم قرأ ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]؛ متفق عليه.
وﻤﻦ ﺍلاﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺃﻥ يُملي للإنسان ﻓﻲ ﻇﻠﻤﻪ وغيه، ﻓﻼ يعاقبه ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻜﺪﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ, وما زال هؤلاء المجرمون ﻳﺘﻤﺎﺩون ﻓﻲ ظلمهم وغيهم ولا ﺗﻌﺠﻞ لهم ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ البلاء العظيم، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺧﺬهم الله ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺘهم، يأخذهم أخذ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﻘﺘﺪﺭ.
إن كل ظالم مجرم أمثال السيسي ومن على شاكلته من أصحاب القلوب المريضة، تراهم يتوددون إلى أسيادهم ويقدمون الولاء لهم حفاظا على كراسيهم, فوضعوا أيديهم مع شياطين الأنس والجن من كارهي هذه الأمة؛ من اليهود والنصارى والشيعة الرافضة، ولقد نبه القرآن عن هذه الأذرع الخبيثة للغرب فقال سبحانه (فتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)، فحينما يتمدد وينمو مشروع الأمة، ينزعجون ويخشون على كراسيهم فيقفون حجر عثرة أمام حرية الشعوب ونهضتها، فيتناجون مع حزب الشيطان ولاءً له ومنبهين له فيبلغونه عن كل صغيرة وكبيرة وينفذون أجندته، أيحسب هؤلاء أن الله غافل عنهم؟ ساء ما يحكمون. قال تعالى ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ إبراهيم 42 -43.
وهناك من ركنوا إلي مجرمي العسكر ففوضوهم في قتل الأبرياء، وهم أيضا يتملقون أسيادهم مثلما يفعل أكابر مجرميهم فيذكروننا بمقولتهم لفرعون (وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) إنها صورة تتكرر عبر الزمان لعبيد البشر، فيا حسرة على من باعوا دينهم بدنيا فانية, ويا حسرة أشد على من باعوا كل شيء؛ دينهم ودنياهم بدنيا غيرهم, خسروا الدنيا والآخرة، والكل يذوق من مجرمي الانقلاب سوء النكال والأذى، وإن لم يتوبوا ويتبرؤوا هنا من أسيادهم سيلحق بهم العذاب هناك, قال تعالى (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) هود113.
– هؤلاء وهؤلاء من المجرمين؛ سيختصمون في يوم عظيم؛ يوم القيامة ( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ) إبراهيم 21. وقال تعالى( قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ) سبأ 32.
– لقد اغتر ﺍﻟمجرمون بأنفسهم، وبإملاء الله لهم، فمصيبتهم ﻣﺼﻴﺒتان؛ لأﻥ الإﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﻮﻗﺐ ﺑﻈﻠمه ﻋﺎﺟﻼ ﺮﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﻆ ﻭﻳﺪﻉ ﺍﻟﻈﻠﻢ ويُرجع الحقوق ويرتدع، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺃﻣُﻠﻲ ﻟﻪ ظل يرتكب ﺁﺛﺎﻣًﺎ ويزﺩﺍﺩ ﻇﻠﻤًﺎ بل يفرح بظلمه، فتأتيه العقوبة بغتة وهو في قمة مجده وصولجانه ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻩ الله ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺘﻪ، قال تعالى( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) الأنعام 44. وهذا ما يتنظر السيسي، ولقد رأينا عبر التاريخ القديم والحديث ما حدث لفرعون وقارون والنمرود وجنودهم من خزي ونكال وما حدث لمجرمي العصر الحديث أيضا كالقذافي ومبارك ومن على شاكلتهم والخاسرين من الهمل وما أكثرهم. لذا فالسيسي وأكابر المجرمين ومؤيدوهم لا بقاء لهم، قال تعالى( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) مريم 75, وللأسف ربما يحل الهلاك بصغارهم وتعم البلوى الجميع. قال تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) الإسراء 16.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على السيدة زينب بنت جحش وهو يقول: ” لا إِلَهَ إِلا الله وَيْلٌ لِلْعَرَبِ منْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمُ منْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هذَا، وحلق بين إبهامه والتي تليها، قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ”. لاحظ “الصالحون” فالصلاح لا يكفي, ولقد رأينا من الصالحين من سكت.
فماذا ينتظر شعب مصر, و هذا المجرم المنقلب يُفسد في مصر ويتلاعب بمقدراتها وأراضيها ويبدد خيراتها وينتقم كل يوم من خصومه المصلحين للقضاء عليهم؟ ماذا لو ذهب المصلحون؟ إنه الهلاك. قال تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الانفال 25, وقال تعالى ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) هود 117.
فحذار من الهلاك.