هل نحن على الحق؟ هل جماعة الإخوان المسلمين تستحق أن يواجهها الناس بمثل ما واجهوها ويواجهونها به طوال أكثر من ثمانية وثمانين عاما؟!
هل عجزنا عن توضيح فكرنا للناس، أم أن الآخرين هم الذين لم يستطيعوا فهم ما نقول؟
هل كنا عبر هذا التاريخ الطويل نصرخ في بوادي الدنيا حيث لا تسمعنا غير حبات الرمل أو الصخور الصماء، فإذا ما تكلمنا أمام البشر جيلا بعد جيل، تلبست الصخور الصماء البشر، وكأننا نتحدث بلسان أو ألسنةٍ غابت عن هذه الدنيا لغتها، مع غياب جثمان ابن آدم الأول الذي قتله أخاه، وأصبح بعدها من النادمين؟
واجهتنا الملكية بنظمها وأعوانها بالإنكار وأسالت من أجسادنا الدماء..
وقابلتنا الانقلابات العسكرية بتشكيلاتها وأجهزتها بمثل ما واجهنا به من انقلبوا عليهم… فأسالت منا المرة بعد المرة، الدماء..
تجري الأحداث في الدنيا على يد البشر، وكلها في قدر الله قد كتبت، مماثلة لما فعل إبن آدم الأول مع أخيه .. ثم يقع الندم .. فهل يفلح بعدها الندم؟
وهل أتت أحداث التاريخ بعد ذلك في قصص عادٍ وثمود والفرعون وكل الطواغيت تتحسب لموقف الندم؟
سؤال تجيب عليه الدماء التي يهرقونها من أجساد الدعاة إلى الله, حقدا أو حسدا أو خوفا من أن تفوتهم لعاعات الدنيا، رغم انهم يرددون أمامهم قول ابن آدم الاول ” لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”.
أما الآخرة فقد هان عليهم حسابها ووعيد الله عز وجل للظالمين فيها…
نؤمن نحن في جماعة الإخوان المسلمين، أننا بفضل الله وعونه وتثبيته، على الحق.. ولا ندعي احتكار العمل لدين الله.. فقد سبقنا دعاة أتقياء .. ورافقنا في مسيرتنا دعاة أتقياء .. وستظل راية الدعوة مرفوعة بإذن الله إعذارا ومحبة وحجة على كل الناس حتى قيام الساعة.
لا نواجه صخور صماءَ .. فالصخور وإن لم تنطق، فقدرها يجري بإذن الله، لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي أن ينطبق الجبلان على كل من كذبوه وأدموا قدميه الشريفتين وأسالوا منها الدماء الزكية بعد رحلة الطائف، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا.
نطلب من الله العافية … فهكذا أمرنا رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولكن نوقن ونعلم أننا على الحق، عندما تسيل منا الدماء البريئة، ويختار الله منا الشهداء في دربنا حتى لا ننحرف أو نتخلى عنه.
هذا ما نقوله أمام مشهد شهيدين من قافلة شهدائنا ( نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا)؛ محمد كمال وياسر شحاته, شمعتان سالت دماؤهما في مجرى عطاء متواصل على الطريق، لتؤكد أن الباطل يأبى عليه باطله إلا أن يقول مثل ما قال الفرعون ( يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب).. ثم كان مصيره الغرق بعد أن ظن أن بمقدوره أن يصعد إلى إله موسى ( حاشا لله ).
رحمك الله أخي محمد كمال .. رحمك الله أخي محمد شحاته .. قتلوكما غدرا وفي ظلمة الليل وأنتما عزل .. خوفا ورهبا من أن يراهم أحد .. وهم الذين يتيهون بأعدادهم وسلاحهم أمام الدنيا كلها.
رحمكما الله رحمة واسعة وأسكنكما فسيح جناته، وهنيئا لكما قدركما بأن تنيرا الطريق أمام من يأتي خلفكما بإذن الله تعالى.
شمعتان مضيئتان .. تكملان وأنتم في رحاب الله، مسيرة عطاء جماعة الإخوان المسلمين.
نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين