إسرائيل تقول إنها ربحت معركة غزة وصحف عالمية تؤكد خسارتها الحرب

أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن إسرائيل تواجه احتمال “خسارة الحرب” في قطاع غزة، مع فقدان القتال زخمه وفشل خطط ما بعد الصراع، وسط التعثّر الحاصل لدى جيش الاحتلال وعودة معظم جنوده إلى ديارهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية “حماس” يعودون للمناطق من جديد، ما يمثل “إحباطاً” لهدف إسرائيل الذي أعلنته عند بدء الحرب، وهو قتل قادة حماس وتدمير الحركة كقوة عسكرية وسياسية.

ويلقي بعض القادة العسكريين والسياسيين اللوم على فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نشر خطة لغزة ما بعد الحرب، قائلين إنها “تركت فراغاً سياسياً تستغله حركة حماس لإعادة بناء نفوذها في القطاع”

ويشعر جيش الاحتلال الإسرائيلي “بالإحباط بشكل متزايد” إزاء تردد الحكومة، وبدون خطة سياسية لغزة، فإن المكاسب التكتيكية لن تضيف أي مكاسب استراتيجية دائمة، كما يقول كبار الضباط والجنود الحاليين والسابقين الذين أمضوا شهوراً في قتال شوارع شاق، وفق الصحيفة.

ولفتت إلى أنه رغم إعلان جيش الاحتلال تحقيق “نجاح كبير” وقتل الآلاف من مقاتلي حماس وتدمير العديد من الصواريخ والأنفاق، وفق زعمه، فإنه “في السر يشعر العديد من الضباط والجنود بالقلق إزاء احتمالات تبديد نجاحاتهم التكتيكية ضد حماس بسبب التردد السياسي”

في السياق، قال عوفر فريدمان، وهو ضابط إسرائيلي سابق وباحث في دراسات الحرب بجامعة كينغز كوليدج في لندن: “هناك تفاهم عام بين الأجهزة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، بأن هذه ليست مشكلة يمكن حلها عسكرياً”

وقال جنود الاحتياط الذين عادوا من غزة مؤخراً إن الإحباط بشأن عدم وجود خطة لتعزيز “مكاسبهم التكتيكية” وتحويلها إلى “نصر استراتيجي دائم” يتزايد أسبوعياً، بحسب ما نقلت وول ستريت جورنال.

وقال جنود احتياطيون آخرون إن هناك إحباطًا بشأن الفشل في “تحرير” أكثر من 120 محتجزاً إسرائيلياً متبقين في غزة، أو قتل كبار قادة حماس مثل يحيى السنوار، وهما هدفان من الأهداف المعلنة للحرب ولم يتحققا بعد.

وقال تامير هايمان، رئيس معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب ومستشار وزير الدفاع الإسرائيلي، إن هدف إسرائيل المركزي من الحرب -تغيير النظام- هو أمر ليس من السهل تحقيقه على الإطلاق، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لم تتمكن من تحقيق تغيير كامل للنظام في العراق أو أفغانستان.

وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 13 ألف مسلح، وفككت 20 كتيبة من 24 كتيبة تابعة لحماس، في حين تعتقد أجهزة المخابرات المصرية أن عدد مقاتلي حماس الذين قتلوا أقل.

فشلت بتحقيق أي من أهدافها

ورغم مقتل مئات الجنود وجرح آلاف آخرين، وخسارة مئات الدبابات والآليات، وعدم تحرير الأسرى الذين في قبضة حماس، يقول كبار الضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي بفخرٍ إن “المناورة العسكرية البرية في غزة نجحت”

ويقول الصحفي أنشيل فيفر، كاتب العمود بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، إنه من أجل فهم سبب اعتبار كبار الضباط ذلك “نجاحاً”، لابد أولاً من فهم طريقة تفكير هؤلاء الضباط.

حيث يرى كبار ضباط الجيش الإسرائيلي أن المناورة نجحت لمجرد أنها حدثت وعملت الفرقة النظامية المكونة من فرقتين ونصف في الجيش الإسرائيلي (الفرقة 98 عبارة عن مزيج من الوحدات النظامية والاحتياطية) على الأرض في غزة، كما فعل لواء احتياطي كامل وعناصر أخرى. وهكذا عادت المناورة.

ولكن هل كان هذا نجاحاً؟ تعترف إسرائيل بمقتل نحو 300 جندي منذ 27 أكتوبر فقط، رغم أن تقديرات حماس تشير إلى أعداد أكبر من ذلك بكثير، وعموماً هذا ثمن باهظ.

ومن الناحية العسكرية الموضوعية، فمن المتوقع أن تكون هناك خسائر فادحة عندما تقاتل لأكثر من خمسة أشهر في بيئة حضرية كثيفة ضد “عدو راسخ” مثل حماس داخل أرضه، كما تقول هآرتس.

ويعتبر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أنهم حققوا نجاحاً عسكرياً لأنهم يدّعون أنهم قتلوا حوالي 12 ألف من مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي علاوة على آلاف آخرين من الجرحى، لكن لا يوجد شيء يؤكد هذه الأرقام في ظل استمرار المقاومة واستهداف الدبابات والكمائن المميتة التي تستهدف الجنود مثل كمين “الزنة” في خان يونس مؤخراً.

لذلك فإن اعتبار العملية العسكرية البرية ناجحة بشكل تلقائي يعني عدم طرح الأسئلة الصعبة، كما تقول صحيفة هآرتس. وتشمل هذه الأسئلة ما إذا كان قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين والدمار واسع النطاق لقطاع غزة مبرراً لإنجاح العملية أو تقويض قدرات المقاومة التي تعمل بالأساس من أسفل الأرض.

وهذا يعني أيضاً تجاهل حقيقة أن الجيش الإسرائيلي لم يجهِّز حلولاً للكارثة الإنسانية الحتمية حتى الآن. ويعني في المقام الأول عدم السؤال عن الغرض من كل ذلك. ربما دُمِّرَت بعض البنية العسكرية لحماس ولكن الحركة نفسها لم تُدمَّر، ويعود مقاتلوها إلى المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي.

وفي السر، يلوم الجنرالات نتنياهو ووزراءه على الافتقار إلى استراتيجية اليوم التالي لملء الفراغ في غزة. وهم بالطبع على حق، كما تقول هآرتس.

لكن الأمر لا يبدو كما لو أنهم التقوا بنتنياهو للمرة الأولى في 7 أكتوبر فقد كانوا يعلمون أنه مماطل سيئ السمعة يتجنب التوصل إلى استراتيجية حتى لا يعرض ائتلافه الحاكم اليميني المتطرف للخطر. كانوا يعلمون أنهم سيُدفَعون إلى غزة دون استراتيجية.

وبعد فوات الأوان، أصبح الإسرائيليون يطالبون بشن هجوم بري محدود، والذي كان ليتسبب في قدر أقل من الضرر لحماس وغزة، ولكنه كان ليترك لإسرائيل المزيد من الخيارات بينما يحسم ساستها قرارهم، ربما فقط بعد استبدال نتنياهو أخيراً، وهم يطالبون بذلك في الأساس لأن الأهداف المعلنة لم تتحقق، على الأقل تحرير أي من “الرهائن” لدى حماس.

وتقول الصحيفة: يعتبر الجيش أن “المناورة” في غزة نجحت، لكن المناورة دون وجود استراتيجية قابلة للتطبيق أو أهداف ملعنة يتم تحقيقها تظل مجرد مناورة. مناورة من أجل المناورة كما تقول الصحيفة الإسرائيلية.

شاهد أيضاً

الأورومتوسطي: الاحتلال يحول مراكز المساعدات بغزة إلى ساحات موت

اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إسرائيل بتحويل نقاط توزيع المساعدات في قطاع غزة إلى “ساحات …