إضاءة .. ليسوا “ثوار الناتو” !

لماذا يدعم الغرب انقلاب اللواء “خليفة حفتر”، ويمنع ليبيا التي تمتلك عوامل القوة من النهوض، بينما بالأمس هو نفسه – أي الغرب- وقف ضد القذافي حتى سقط، ويقال إنه قدم الدعم للربيع الليبي؟!

من يتصور أن الناتو, أو أي قوة غربية, ساعدت المسلمين، أو سوف تساعد المسلمين في التخلص من طاغية كان الغرب يغذيه و يرعاه أكثر من ٤٠ سنة، فهو إما جاهل أو معتوه, وإما مدلس، أو كلهم معاً !

لاشك أن حظر الطيران فوق ليبيا كان له أثر كبير في تقدم الثوار على الأرض، غير أنه رفع بلاءً عظيما عن المدنيين الذين عانوا من قصف يومي، من طائرات القذافي من فبراير حتى ١٩ مارس 2011.

لكن..

هل كان الحظر الجوي وقصف الناتو مجانًا لوجه الله؟

بالطبع لا.. أولاً كان سقوط القذافي آتٍ لا محالة، بسبب طبيعة ليبيا الجغرافية والديمغرافية والعسكرية إضافة إلى انحسار دور القذافي الذي رسمه له الغرب وهو الذي دعم ساركوزي وقبله برليسكوني وقدم البترول المجاني لأوروبا… إلخ.

على العكس تماما من الوضع في سوريا، المحاطة بـ”إسرائيل” والعراق وتركيا والأردن والأكراد ولبنان، والتي تختلف حساباتها تماما عن حسابات ليبيا في التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة.

ثانيا وهو الأهم، ضربات “الناتو” كانت تهدف لتحقيق عدة أهداف استراتيجية وعلى رأسها هدفان رئيسيان:

١-  تدمير أي منظومات صواريخ متقدمة في معسكرات ومخازن القذافي قبل تمكن الثوار منها.

٢-  العمل على عرقلة الثوار، ووقف تقدمهم لحين تحقيق الهدف السابق.

وعندما بدأ الثوار بالزحف نحو “سرت”، آخر المعاقل “المهمة” للقذافي، انسحبت الكتائب التابعة له لداخل المدينة، وكانت مخازن السلاح في “وادي جارف” خالية تماماً للثوار، لكن الناتو قصفها، وسواها بالأرض، وترك القصفُ مساحات هائلة من الذخيرة التالفة، والقذائف والصواريخ والقاذفات، وقواعد الصواريخ المدمرة بفعل قصف الناتو.

مرة أخرى في مصراتة قصفت طائرة للناتو الثوار على جبهة “الدافنية”، وفي شهر يونيو قصف الناتو رتلاً للثوار قرب “أجدابيا” وقتل على الأقل ١٦، و بالرغم من أن أغلب عربات وآليات الثوار كان مكتوب عليها حرف “N”، وأغلبها مطلي باللون الأسود للتمييز بينها وبين كتائب القذافي، كان الناتو يبرر قصف الثوار بزعم “التشابه” في المظهر والمعدات بين كتائب القذافي والثوار!

طبعا تكرر قصف الناتو للثوار من الشرق حتى الجبل الغربي، وكان العامل المشترك هو وقف تقدم الثوار وانسحابهم بضع كيلومترات، حتى يتم تدمير السلاح والذخيرة، التي كان بإمكانهم السيطرة عليها.

وحتى يضمن الناتو التأخر العسكري لليبيا في المستقبل، قصف الحلف المطارات والرادارات العسكرية والمدنية، وخاصة في الغرب وهي خالية من الكتائب، فما أهمية ضرب الطائرات المشلولة المهجورة على الأرض؟!

أخيراً.. آلاف الشباب استشهدوا لتحرير ليبيا من “معمر” الغرب، وآلاف سوف يقضون بقية حياتهم بعاهات وإعاقات وإصابات خطيرة، لا يصح بأي حال تقزيم تضحياتهم وبطولاتهم وكأن تدخل “الناتو” كان بإرادتهم، وكأن “الناتو” قد انتصر لحرية وكرامة المسلمين!

شاهد أيضاً

غضب شعبي وحقوقي لاستهداف السيسي نجل عبد المنعم أبو الفتوح بعد أبيه

تصاعدت حالة الغضب الشعبي والحقوقي من قيام أجهزة الأمن باختطاف نجل السياسي المعارض الدكتور عبد …