استراتيجيات عمل ولاية الفقيه الإيرانية في الكويت

ما زالت طهران منذ ثورتها عام 1979 وحتى الوقت الراهن، تنتهج أسلوباً معادياً لدولة الكويت ولم تكف عن تحقيق مبدأ رئيسي من مبادئ ولاية الفقيه، وهو (تصدير الثورة) إلى دول الجوار.

إن السياسة الملتوية غير المسؤولة التي تنتهجها طهران تجاه الكويت ودول المنطقة، تُؤكد حقيقة مطامعها التوسعية لإقامة دولة الفقيه العالمية.

أولاً- زرع الخلايا الإرهابية

فرضية وجود الخلايا الإرهابية من عدمه في منطقة الخليج العربية لا يمكن طرحها لأنها باتت من بديهيات الواقع، تؤكد وجودها العديد من المواقف ومنها:

  • اعترافات السفير عادل الأسدي، الذي انشق عن النظام الإيراني – عندما كان قنصلاً عاماً لبلاده في دبي عام 2003م، وطلب اللجوء السياسي في السويد – عن أمر هذه الخلايا النائمة الموجودة في دول الخليج العربية، التي ترتبط استخبارياً مع السفارات الإيرانية، وقوله إن تلك (الخلايا النائمة منتشرة في كل الدول الخليجية من دون استثناء).
  • زرع إيران لخلاياها في دولة ما يُشير بالتأكيد إلى مهام أخرى، مما يُنذر بحدوث اضطرابات داخل المجتمعات الموجود بها هذه الخلايا التي يجري إيقاظها أو تحريكها في الوقت المناسب.
  • الخلايا النائمة شديدة الخطورة على الأمن القومي لأي دولة، إذ ترتبط بمفهوم (الطابور الخامس) وهي أشد فتكاً من القوات العسكرية النظامية، لأنها تمثل قوات سرية متخفية بملابس مدنية، كما أنه من الصعب معرفة عددها وعدتها وطرق تمويلها.
  • الخلية النائمة التي تم الكشف عنها في الكويت أصابت المجتمع الكويتي بالصدمة. إذ أنّ إيران بدأت تتدخل على نحو فاضح في الخليج وأخذت تستثمر ما يجري في سورية والعراق لزعزعة الاستقرار بالمنطقة.
  • المتتبع لملف الخلايا الإيرانية في منطقة الخليج, لا سيما الكويت يُلاحظ أنها بمنزلة خط دفاع رئيس لإيران في مواجهة أي تهديدات محتملة ضدها بسبب برنامجها النووي، فهي أداة رئيسة في إدارة الصراع الإقليمي بمنطقة الخليج، إذ تعتمد عليها طهران أكثر من أي مؤسسة نظامية أخرى لنشر أفكارها التحريضية، واستخدامها ورقة ضغط في حال الهجوم العسكري عليها أو في حال التفكير به، وبالتالي لا يمكن الاستغراب أو التعجب من المكانة التي تحتلها هذه الخلايا والدعم المقدم لها.
  • تقدم إيران كافة أنواع الدعم لهذه الخلايا، بل تسعى إلى زيادة أعدادها، وتطويرها وفقاً لمراميها السياسية ومتطلبات خططها الآنية والمستقبلية، إذ أوكلت ملف الخلايا بمنطقة الخليج العربية للحرس الثوري الإيراني، وهو ما أكدته تقارير عدة منها: تقرير للبحرية الأمريكية نشره موقع (Secrecy News ) الإلكتروني، مفاده: (أنه بعد إعادة تنظيم الجهاز العسكري الإيراني في بداية عام 2007م انتقلت مهمة مراقبة هذه المنطقة الاستراتيجية، أي منطقة الخليج العربية، إلى الحرس الثوري).

%d9%88%d9%84%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%82%d9%8a%d9%87

ثانياً-المد الإيراني:

على الرغم من كل الأصوات المطالبة بمواجهة «المد الإيراني»، وربما بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، إلا أن الواقع البراجماتي يشير إلى أن إيران دولة فاعلة ومؤثرة في المنطقة، ولا يمكن تجاهلها، وقد زاد تأثيرها بشكل واضح بعد زوال نظام صدام حسين في العام 2003، وقدرتها حتى الآن على إبقاء حليفها الاستراتيجي في دمشق، وكان من نتائج هذا النفوذ المتزايد لإيران، ظهور المبادرة الأمريكية بفتح قنوات الحوار مع طهران، وهذه المبادرة من جانب واشنطن كان من المتوقع أن تنعكس على العلاقات بين دول الخليج، وعلى ضفتيه، العربية والفارسية، حيث أصبح هناك اعتقاد متزايد في دوائر صنع القرار السياسي في واشنطن بأن معادلة الأمن الخليجي لا يمكن تحقيقها دون مشاركة طهران، ودون وجود اتفاق على القضايا الخلافية بين دول الخليج العربية وفي مقدمتها السعودية من جانب، وإيران من جانب آخر، لذلك فإن أول تداعيات التقارب الأمريكي الإيراني هو بقاء نظام بشار الاسد، أما الرأي القائل بأن التقارب الثنائي بين واشنطن وطهران سوف ينعكس ايجابياً ويفضي إلى نوع من التقارب الخليجي العربي الإيراني، فهو أمر بعيد المنال في الزمن المنظور فثمة بعض المعوقات التي لا يمكن إغفالها في هذا الخصوص، من قبيل الملف السوري، والبحريني، والوضع في اليمن، والموقف السعودي، وعدم وجود أرضية وقاعدة مشتركة سواء بين دول مجلس التعاون نفسها، أو ما بينها وبين الجار الإيراني، وهناك الكثير من الهواجس الخليجية تجاه مظاهر التدخل الإيراني في المنطقة وقد جاء حادث الاعتداء على السفارة السعودية في طهران يوم 2 يناير 2016, على ردة فعل إعدام الرمز الشيعي السعودي نمر النمر, القشة التى قصمت ظهر البعير, الأمر الذي دفع بثلاث دول عربية (السعودية والبحرين والسودان) إلى قطع علاقاتها مع طهران, ومن ثم تفاعل الموقف مما يؤكد على أن إيران مستمرة في مسارها التوسعي في المنطقة.

ثالثاً-العلاقات السياسية المتوازنة:

ترى الكويت أن من مصلحتها إقامة علاقات متوازنة مع الجار الإيراني، على الرغم من كل المخاوف والمحاذير، وإذا عدنا قليلاً إلى الوراء، وتحديداً إلى عام نجاح الثورة الإيرانية 1979، نجد أن الكويت كانت أول دولة خليجية تبادر حينها إلى فتح قنوات حوار مع النظام الجديد في طهران، وذلك من خلال زيارة الشيخ صباح الأحمد الذي كان حينها وزيراً للخارجية، ثم زيارته الأخيرة لطهران بوصفه أول أمير لدولة خليجية يزور إيران بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع دول (5+1), فالخيار المطروح أمام سياسة الكويت الخارجية هو إقامة علاقات دبلوماسية وسياسية جيدة ومتوازنة مع طهران مع الالتزام بالأمن الخليجي وضروراته, وهذا ما أكدته الكويت مؤخراً في موقفها من حادث حرق السفارة السعودية في طهران وما ترتب عليه من استدعاء سفيرها في طهران واستنكار هذا الاعتداء والموافقة على كل الإجراءات السعودية تجاه طهران في ضوء هذا الحدث, فضلاً عن مساهمة الكويت في عاصفة الحزم دعماً للتحالف الذى تقوده السعودية.

رابعاً- التحقيق والنتائج:

من خلال التحقيقات التي أجرتها أجهزة الأمن الكويتية تم الوصول إلى نتائج وحقائق لا ترقى للشك بوجود علاقة مباشرة بين هذه الخلية من ناحية وإيران وحزب الله من ناحية أخرى؛ ما أدى باختصار إلى توجيه الاتهام لهذه المجموعة بالتخابر لصالح إيران وحزب الله.  بالمقابل جاء الرد الإيراني على ما حدث وفق مسارين:

-الأول: نفي مباشر دون انتظار على لسان مساعد وزير الخارجية حسين عبداللهيان؛ لهذه التهمة وتكذيبها من أصلها، بوصفها لا أساس لها من الصحة.

-المسار الثاني: استبقت إيران نتائج التحقيقات، واعتبرت أن ما حدث في الكويت لا يعدو كونه قصة بوليسية من إنتاج وتعاضد أجهزة مخابرات دول الخليج، وتبادل الأدوار فيما بينها، لصناعة هذه القصة، واختلاق شخوصها وأدواتها، لإخراجها بهذا الشكل السييء، وكل ذلك – حسب الزعم الإيراني – بهدف وقف مسار قطار تطوير العلاقات الإيرانية مع دول العالم العربي عامة والخليجي خاصة، لاسيما أن المسرحية – حسب ما تدعيه طهران –جاءت في الوقت الذي تدافع فيه إيران بقوة عن حق الشعب الفلسطيني واليمني والسوري ومظلوميتهم، كما أنها برزت إلى السطح بشكل متزامن مع إثارة مسألة المال الخليجي، وقضية الإرهاب الذي ينمو ويترعرع في البيئة الخليجية لاسيما السعودية، وضرورة وقفه فوراً.

-أظهرت حيثيات الحكم الصادر من محكمة الجنايات بتاريخ 12/1/2016 الستار عن قضية خلية العبدلي المسلحة، المتهمة بالتخابر مع إيران و«حزب الله» اللبناني أن النفوذ الإيراني يؤتي أكله وأن الخطة الإيرانية تسعى في نواياها إلى أبعد من التمثيل الدبلوماسي أو التبادل الثقافي، فطهران تواصل تنفيذ استراتيجية اختراق المجتمع الكويتي لتحقيق موطأ قدم لها يمهد الطريق أمام مشروعها الطائفي التجزيئي.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …