استقبلت حكومة الانقلاب بمصر، الجمعة 14 أكتوبر 2016، وفدًا عن الجمهورية العربية الصحراوية المعروفة بـ”البوليساريو” للمشاركة في أعمال المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي المنظم في مدينة شرم الشيخ.
استقبال مصر لوفد البوليساريو، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية من أيدي المغرب، قد يجعل العلاقة بين مصر والمغرب تعرف منحى آخر، خاصة أنها لم تكن من بين الدول الإفريقية التي وقعت على طلب تعليق مشاركة البوليساريو في جميع هياكل الاتحاد الإفريقي.
يرى الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، الباحث الأكاديمي المتخصص في قضايا الساحل والصحراء، أن إقدام مصر على السماح للبرلمان الصحراوي التابع لجبهة البوليساريو – التي يعتبرها المغرب دولة وهمية – في أعمال المؤتمر البرلماني العربي – الإفريقي بشرم الشيخ “هو سلوك معادٍ للوحدة الترابية للمملكة المغربية”.
واعتبر الخبير الدولي في تصريح أن الموقف المصري “من شأنه أن يؤثر كثيرًا على مستقبل العلاقات بين البلدين، لاسيما أن مصر وبكل تأكيد تستوعب حجم تداعيات موقفها هذا على مستقبل البلدين”، وأضاف أن ذلك “سيلقى ردود فعل جدّ غاضبة من الجانب الشعبي والرسمي على حد سواء، وهو ما يضع علاقات البلدين على كفّ عفريت”.
وقال المتحدث نفسه إن تضمين بيان هذا المؤتمر “توصية لدعم ومساندة ما تسميه (حق الشعوب في تقرير مصيرها)، والعيش في سلام طبقًا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، يجعل مصر حاضنة لفئة لا شرعية لها حتى تشارك في هذا المؤتمر”.
المتخصص في قضايا الساحل والصحراء لفت إلى أن قبول مصر وبرلمانها بما ورد في البيان “سيكون له بالضرورة تداعيات مخيبة لدى الجانب المغربي، لاسيما أن البلدين عاشا توترًا دبلوماسيًا عميقًا في بداية السنة الماضية، بعدما تنبه المغرب إلى وجود تنسيق بين مصر والجزائر لدعم جبهة البوليساريو الانفصالية، وقد تم احتواء هذه الأزمة، ما أعاد التأكيد على ضرورة الرقي بالعلاقات الدبلوماسية المغربية المصرية”.
وحذر الفاتحي من القرار المصري على اعتبار أنه “سيفقد المغاربة لثقتهم بمصر حكومةً وشعبًا”، خاصة أن المغرب لا يقبل “دعم كل من يعادي المملكة المغربية في قضية وحدته الترابية”.
وأشار المتحدث إلى أن “الموقف المصري الجديد بالسماح بحضور البوليساريو إلى مدينة شرم الشيخ لا يختلف كثيرًا عن استدعائها وفد الحوثيين إلى شرم الشيخ، وهو موقف مستغرب لدى كل الأوساط السياسية العربية”، وتبعًا لذلك يضيف الفاتحي: “الجميع يحاول رصد معالم عقيدة السياسة الخارجية المصرية الجديدة، خاصة بعد تصويتها في مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الروسي لوقف إطلاق النار في سوريا”.
صبري لحو، الخبير الدولي في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، اعتبر أن مصر لا يمكنها منع وفد البوليساريو من الحضور والمشاركة في المؤتمر على اعتبار أن “البوليساريو عضو في الاتحاد الإفريقي، وهذا الاتحاد له أجهزة متعددة ومن بينها البرلمان الإفريقي”.
وأكد الخبير في القانون الدولي وقضايا الصحراء، في تصريحه لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن استقبال مصر وفد جبهة البوليساريو يأتي لكونها “لا تملك اختصاصًا ولا تنعقد لها الولاية من أجل رفض مكوّن من مكونات البرلمان الإفريقي للحضور الذي تعتبر الجبهة عضوًا به”.
وأضاف لحو أن “باقي الدول التي تساند المغرب من داخل المؤتمر بتسجيل رفضها لتواجد هذا المكون – البوليساريو – بالنظر إلى كونه لا يكتسي صبغة دولة حتى أمام الأمم المتحدة ومجموعة من التجمعات الإقليمية باستثناء الاتحاد الإفريقي”.
غير أنه لفت إلى أن البرلمان العربي يحق له تسجيل الاحتجاج والتحفظ على وجود هذا المكون وإثارة ذلك، مشيرًا إلى أن مثل هذا الأمر هو “ما دفع المغرب إلى طلب التواجد في الاتحاد الإفريقي من أجل إزاحة البوليساريو من هذا التنظيم”.
أمام هذا الوضع حاول الموقع الاتصال بالجهات المسؤولة في المغرب من أجل معرفة موقفها من استقبال مصر وفد جبهة البوليساريو، غير أنه لم يتمكن من الحصول على موقف رسمي.
فقد حاول “هافينغتون بوست عربي” الاتصال بالوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة، التي طلبت معاودة الاتصال بعد حين بدعوى تواجدها في اجتماع، غير أنها لم ترد على الاتصالات التي أجريناها بعد ذلك.
ورغم العلاقات القوية التي تربط بين الرباط والقاهرة فإنها بين الفينة والأخرى تعرف مدًا وجزرًا، بسبب مواقف مصر المتذبذبة من قضية الصحراء التي تعد خطًا أحمر للمغرب، خاصة بسبب استقبالها محسوبين على البوليساريو.
وتوترت العلاقة بين الطرفين خلال تقديم المغرب طلبًا للعودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، حيث وقعت مجموعة من الدول الصديقة للرباط على طلب تعليق مشاركة البوليساريو في جميع هياكل الاتحاد الإفريقي، غير أن مصر لم تكن من هذه الدول الموقعة على الطلب رغم تأكيدها دعم الموقف المغربي.
السفير المصري في المغرب إيهاب جمال الدين سبق له في ظل استياء المغرب من عدم توقيع القاهرة على الطلب الذي وقعته 28 دولة، أن أكد أن مصر “تأمل في رؤية المغرب مستعيدًا دوره ضمن الأسرة الإفريقية في أقرب الآجال”، مشيرًا إلى “وجود تنسيق دائم بين المغرب ومصر حول هذا الموضوع وغيره من الأمور التي تهم البلدين والشعبين الشقيقين”.
كما عبر السفير المصري في تصريحه لوكالة الأنباء المغربية الرسمية عن ترحيب بلاده وتأييدها الكامل لرغبة المغرب في العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي.