الأديب عبدالحميد ضحا: مصر تعيش فترة انحطاط حضاري وأخلاقي

معظم النخبة من ضعيفي أو عديمي الأخلاق والمروءةو منافقين

منذ عهد مبارك والداعية الإعلامي له دور معلوم وسقف لا يتخطَّاه

السياسة تم اغتيالها في مصر منذ 3 يوليو 2013

المسيطرون على الإعلام بلطجية وشبيحة

مذبحة رابعة ستتحول إلى أعمال فنية مسلسلات وأفلام

العلمانية معناها تطويع الدين وتأميمه

للأدب والشعر دور عبر كل العصور في مواكبة الأحداث العظيمة التي تمر بها المجتمعات، وخاصة الثورات والمحن ، والتحولات السياسية والمجتمعة .

الشاعر والروائي المصريعبدالحميد ضحا، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو تجمع شعراء بلا حدود،قال إن السياسة في مصر اُغتيلت يوم 3 يوليو 2013، وأن مصر الآن تعيش فترة انحطاط حضاري وأخلاقي لم يحدث من قبل.

وأضاف الروائي في حواره لـ”علامات أونلاين” أن المسلسلات والأفلام الحديثة موجَّهة لخدمة النظام القائم، أما الأعمال الأدبية يعتَّم عليه وتحارب حتى لا تنتشر؛ ليحل محلها الأدب الخانع للأنظمة، الذي يخاطب الغرائز، مؤكدًا أن مذبحة رابعة تستتحول لأعمال فنية كمسلسلات وأفلام بعد نهاية هذا النظام.

  • بداية.. هل ترى أن هناك تدهورًا أخلاقيًّا حدث في مصر بعد 3 يوليو؟وما هي مظاهره؟

لا شك أننا نعيش فترة انحطاط حضاري وأخلاقي لم تحدث من قبل، تفتَّت فيها المجتمع ونُحِرت القيم التي كانت تميِّز المجتمع المصري، والسبب الأول في ذلك علوُّ السَّفِلة من الناس في كافة المجالات، خاصة من المجالات النخبوية؛ مما  جعل كثيرًا من الناس يقلِّدونهم، ويتخذونهم قدوة في الجهر بكل ما هو شائن؛ كإظهار الجيران الشماتة في قتل جيرانهم؛ بل يرقصون ويغنون، وهذا لم يكن يتخيَّله أحد – مهما اشتطَّ في تشاؤمه – من شعب، كان يبكي ويغضب ويتظاهر على مقتل طفل أو شاب في فلسطين أو في أقاصي الأرض.

  • هل إشاعة جو من الانفلات الأخلاقي أمر مقصود بعد الانقلاب؟

لا أظن ذلك؛ ولكنها سنن الحياة، تسود أخلاق المنتصر.

hqdefault

  • كيف ترى استعانة الأمن بالبلطجية ليتحرشوا بالنساء المتظاهرات كما حدث في العديد من المرات في ميدان التحرير وغيره في الفترة التي أعقبت ثورة يناير؟

استعانة الأمن بالبلطجية ليتحرشوا بالنساء، هذا لا دليل عليه، ولكن عندما تنظر لطبيعة الموجودين في الميدان، ستبدو الحقيقة؛ إذ يتصرف المرء على طبيعته، وإذا كان سيخاف إذا كان ضعيفًا ولا نصير له، فبالتأكيد سيفعل ما يشاء إذا كان من على شاكلته عددًا كبيرًا.

نخبة بلا أخلاق

  • هناك من يتساءل عن علاقة الأخلاق بالسياسة؟

الأخلاق لها علاقة بكل شيء بالسياسة والأدب والفن…الخ، فهي شخصية المرء وسجيَّته، ولا يعقل أن تتغير أخلاق الإنسان حسبتغير المواقف، فيخلع رداء الأخلاق هنا، ويلبسه هناك؛ وهذا دليل على أن معظم النخبة مجموعة من ضعيفي أو عديمي الأخلاق والمروءة، أو المنافقين، وهذا من البلاء الذي تعيش فيه مصر، فإنها في أشد الاحتياج إلى نخبة من ذوي الأخلاق والمروءة.

  • ما رأيك في أسلوب الإعلام المصري وطريقته في إقناع المواطنين بالانقلاب بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة؟

من الأمور القليلة المجمَع عليها في مصر بل العالم كله – حاليًّا – انحطاط الإعلام المصري؛ بل إنه من الخطأ تسمية ما يقدَّم في مصر حاليًّا “إعلام”؛ فهؤلاء المسيطرون عليه عبارة عن بلطجية وشبِّيحة يشهرون أسلحتهم الإعلامية في وجه من لا ينال الرضا، ومن أسهل ما يكون لديهم اغتيال شرف الإنسان وعقله، ويجاهرون بالكذب واحترافهم له دون أدنى مراعاة لعقل من يعقل، ولكن عليهم أن يعلموا أنك قد تخدع كل الناس بعض الوقت، ويمكنك أن تخدع بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت؛ وهذا ما يبدو للعيان الآن.

حسابات السلفيين ومشايخ السلطان

  • ما رأيك في طريقة ومواقف الدعاة ومشايخ السلفيين بعد الانقلاب أمثال محمد حسان وحسين يعقوب ومن على غرارهم؟

عامة دون ذكر أسماء أو مناهج؛ فإنه منذ عهد مبارك والداعية الإعلامي أو النجم الشهير، له دور معلوم، وسقف لا يتخطَّاه، وإلا نال السخط وصار مغضوبًا عليه، وأقل عقاب حينها تغييبه عن الإعلام أو اغتياله معنويًّا؛ فهو يلعب في حدود هذا الدور الآمن المسموح به؛ كحديث عن الآخرة، والصبر في الدنيا على الفقر وما يلاقيه الفقراء من مشقَّة، ويا له من خطيب عندما يعيش في دور الجلَّاد، فيلهب الناس بكلمات قاسية أنهم سبب ما تحياه الأمة من فساد وظلم، أما الحديث عن الطغاة وفسادهم وإفسادهم، فيختار كلَّ حرف بعناية؛ خوفًا من أن يصير حرفَ جرٍّ يجرُّه إلى لجَّة غضبهم؛ فالحدُّ عنده واضح بين المسموح والممنوع؛ غضب السادة الطغاة.

  • وما رأيك في مشايخ السلاطين أمثال “أحمد الطيب والمفتي شوقي علام ووزير أوقاف السيسي وكذلك على جمعة” ومن على غرارهم؟

العلمانية في بلاد المسلمين لها مفهوم خاص، فهي ليست “لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين”؛ بل تطويع الدين وتأميمه؛ فلا يستطيع شيخ رسميٌّ ممن تعيِّنه الحكومة في أي موقع أن يفتي برأي حرٍّ في كافة المسائل العامة والخاصة؛ فقضايا المرأة مثلا محكوم فيها بما يراه النظام فإما يجهر بذلك أو يصمت، والقضايا السياسية فتاويهم عبارة عن بيانات سياسية لا فتوى دينية تبدي للمسلمين الحلال والحرام، حتى المسائل اليسيرة كالتدخين وخلافه لو تعدَّى حدوده فيه سينال غضبًا بقدر خروجه عن المسموح له به.

images

إغتيال السياسة

  • منذ أن نشأنا ومازلنا نردد أن “السياسة” هي فن السفالة الرفيع وأن السياسة “نجاسة” وغيرها من المصطلحات غير اللائقة.. فما رؤيتك للواقع السياسي العام؟ وما رأيك في المشهد السياسي بعد انقلاب 3 يوليو؟

لقد تم اغتيال السياسة في مصر منذ 3 يوليو 2013، فلا سياسة في مصر الآن، وبدا للعيان أن المجتمع الذي يضحِّي بالحرية ليحقق الأمن والطعام، يخسرها كلها؛ الأمن والحرية والطعام، والفائدة الوحيدة من ذلك هي انتهاء حقبة من أشد حقب الفساد النخبوي، فمع موت السياسة ماتت النخبة السياسية في نفوس الشعب، ولا مجال لبعثها ثانية، ولا بد أن هذه الحقبة ستنتهي، ولابد من خروج نخبة جديدة، وتغييب النخبة الحالية الجاثمة على صدر الأمة منذ عقود.

  • حدثنا عن الدعاة الذين في السجون وهم كثيرون وغيرهم وهل يوجد بديل لهم حاليًّا؟

إن الدعاة والشباب والثوار الذين في السجون هم جزء قليل من الشعب، وإن كانوا هم درَّة هذا الشعب وأفضل ما فيه، فإن هناك غيرهم الكثير، ولكن – للأسف – لا مجال لظهور هذه الطاقات الكبيرة الآن، أما من في السجن فطريقه واضح وهو الصبر والثبات، وعليه الاستفادة من محنته هذه، وتحويلها إلى منحة، وإعداد نفسه لما بعد انتهائها.

  • ما رأيك فيما يعرض الآن على شاشات التلفاز من “مسلسلات وأفلام”؟

إن كنت تقصد المسلسلات والأفلام الحديثة، فهي موجَّهة لخدمة النظام القائم، ومنذ الخمسينيات وهناك سيطرة دائمة من الأنظمة على المسلسلات والأفلام.

الأدب والثورة

  • كيف ترى العلاقة بين الأدب والثورة ؟

يجب أن يستشرف الأدب الأحداث، ويدعو المجتمع للحياة الكريمة، والثورة على الظلم، ومعالجة السلبيات المجتمعية، ولكن للأسف الأدب الذي يسير في هذه الطريق يعتَّم عليه؛ بل يحارب حتى لا ينتشر؛ ليحل محله الأدب الخانع للأنظمة، الذي يخاطب الغرائز، فيصير بدلاً من توعيته للشعوب، من عوامل تغييب الوعي، وإن كان الأدب الهادف قد أخذ وضعًا جيدًا بعد يناير 2011 – على الأقل بعدم محاربته – فإنه قد عاد لوضعه القديم بعد انقلاب يوليو 2013.

  • هل ترى أن المآسي والأزمات التي نمر بها منذ عدة سنوات أثرت على الإنتاج الأدبي وتركت آثارها على مضمونه؟

بالتأكيد الأديب يعيش الأحداث ويحاول أن يترجمها إلى أعمال أدبية من شعر ورواية وقصص وغيرها من فنون الأدب، ولكن تبقى الحقيقة: مَن الأديب الذي يستطيع دفع ثمن كلمته؟ للأسف هم قليل، وطبعًا محارَبون ومغضوبٌ عليهم من الأنظمة، وربما كان هناك من الأدباء من كتب أعمالاً عن هذه الأحداث القاسية وبحر الدماء المنهمر في بلادنا، ولكنه يخفيه لحين تغيُّر الأحوال!

rabaa_3_mosaab-elshamy

  • ألا تستحق مذبحتا فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة عملاً أدبيًّا يعكس ما حدث فيهما من وحشية ومآسٍ إنسانية؟

لقد كُتِب عنها كثيرًا في مجال الشعر، وما زال يكتب، أما مجال الرواية والقصة فبالتأكيد سيُكتب عنها كثيرًا؛ ولكن خلال السنوات القادمة، خاصة بعد تغيير النظام القائم، أما الآن فالنهاية غير واضحة، وأظن أن كثيرًا منها سيتحول إلى أعمال فنية كمسلسلات وأفلام؛ حيث إنها أحداث فريدة في تاريخ مصر لم تحدث من قبل بهذه الصورة، وثريَّة بالقصص والمآسي!

شاهد أيضاً

حوار خاص مع الأستاذ «رجب البنا» عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين

حوار خاص مع الأستاذ «رجب البنا» عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين في ضيافة …