“الإسلاموفوبيا”.. تطرف أوروبي وإرهاب سياسي

 

تسود القارة الأوروبية، حالة من تشديد القبضة الأمنية عقب ما شهدته من عمليات “إرهابية”، في الآونة الأخيرة، راح ضحيتها العديد من المواطنين.

وتساهم تلك الهجمات في تصاعد موجة “الإسلاموفوبيا”، وهي ما أدت – عقب هجمات بروكسيل – إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بطرد مسلمي أوروبا البالغ عددهم 26 مليون مواطن، وفقًا لآخر إحصائيات أصدرها مكتب الهجرة في فيينا، وهو ما تود عدة دول أن تفعله على رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

وكانت الهجمات التي تعرضت لها باريس – نهاية العام الماضي – قد عمقت مشاعر انعدام الأمان في أوروبا، وهي المشاعر التي يحاول اليمين المتطرف، دائمًا استغلالها لصالحه، ولكنه لا ينجح دائمًا، إلا أنه مما لاشك فيه أن الهجمات الأخيرة والمتتالية في القارة الأوروبية زادت من تعقيد وحساسية أزمة اللاجئين.

وتحول الأمر بعد الترحاب باللاجئين إلى رفض لتواجدهم وإنهاء استقبال المزيد منهم، حيث نادى عدد من الدول بوقف استقبال اللاجئين، ولم يتوقف الأمر على توقف استقبال اللاجئين، حيث ازدادت المخاوف من احتمالية إعادتهم إلى موطنهم.

رقم قياسي في العمليات “الإرهابية”

أعلن جهاز الشرطة الأوروبية “يوروبول” أن عام 2015 شهد 211 هجومًا إرهابيًا، وهو أكبر عدد من الهجمات منذ بداية تسجيلها عام 2006، ووقع أكبر عدد من هذه الهجمات، (103) هجمات، في المملكة المتحدة، ويعتقد أن معظمها وقع في شمال إيرلندا.

وجاءت فرنسا في المرتبة الثانية، حيث ارتكب فيها 72 هجومًا، تلتها إسبانيا، التي ارتكب فيها 25 هجوما، واعتقل 687 بتهمة – يطلقون عليها – “الإرهاب الجهادي”، أدين 94 % منهم.

واعتقل 1000 شخص بسبب صلة بهجمات “إرهابية”، منهم 424 في فرنسا.

وذكر جهاز اليوروبول أن 151 شخصا قد قتلوا وجرح أكثر من 360 شخصا خلال هجمات عام 2015.

وأضاف التقرير أن الجهاديين العائدين من ساحات القتال يشكلون خطرًا متزايدًا، بالإضافة لتفاقم روح كراهية الأجانب والعداء للسامية.

وفي 22 مارس 2016 شهدت العاصمة البلجيكية بروكسيل، هجمات متزامنه، راح ضحيتها 32 شخصا، وتعرضت مدينة نيس الفرنسية لهجوم في14 يوليو الجاري، راح ضحيته 14 شخصا، وفي 22 من نفس الشهر تعرضت ميونيخ الألمانية لهجوم مسلح على مركز للتسوق، قتل خلاله 9 أشخاص.

إجراءات ضد اللاجئين

فى موجة لم يسبق لها مثيل من الهجرة العام الماضى، وصل إلى دول الاتحاد الأوروبى 1.3 مليون شخص تجاهل معظمهم القيود القانونية وأتوا من ساحل البحر المتوسط ليقدموا طلبات للجوء فى ألمانيا الأمر الذي دفع بعض دول الاتحاد إلى تعليق نظام “شنجن” للحدود المفتوحة المطبق بين معظم دول الاتحاد الأوروبى.

وعقب ازدياد وتيرة الهجمات، اقترحت المفوضية الأوروبية، في منتصف شهر يوليو الجاري، المزيد من قواعد اللجوء الموحدة في محاولة لمنع الأشخاص الذين ينتظرون للحصول على وضع لاجئين من التنقل فى دول الاتحاد، بدعوى أنهم يثيرون الاضطرابات في المناطق التي يُسمح لهم بالتنقل فيها دون جوازات سفر.

وقالت المفوضية إن فترة الانتظار البالغة خمس سنوات والتي يستحق اللاجئون بعدها الحصول على تصاريح إقامة طويلة الأجل سيعاد حسابها من البداية إذا انتقلوا من الدولة المحددة لهم.

ويحدد الاقتراح أيضًا مزيدًا من الحالات التي يمكن فيها إلقاء القبض على طالبي اللجوء وهو ما جعل جين لامبرت عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر البريطاني تقول إن الاقتراح يبين أن الاتحاد الأوروبي يتخذ موقفًا خطأ إزاء طالبي الحماية.

في ألمانيا التي تعرضت لأربع هجمات، يعاد طرح قضية اللاجئين مع تعالي الأصوات التي تدعو للتشدد حيالهم وتعتبرهم تهديدًا للبلاد.

وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد اتبعت سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين، لكن مع مرور الوقت بدأ الترحيب باللاجئين يخف شيئا فشيئا، في مقابل تعالي الأصوات المناهضة للاجئين، وهو ماسيجعل تداعيات الهجمات الأخيرة سلبية، بشكل أكبر على اللاجئين.

ويرى محللون أن التوتر أضحى واقعًا داخل حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي تتزعمه ميركل، وتتصاعد في المقابل شعبية حزب “البديل من أجل ألمانيا”.

ويسعى المتطرفون الألمان إلى استغلال الهجمات الأخيرة، خاصة أنهم يعتبرون وجود اللاجئين تهديدا لهم.

واستغلت مجموعة “بيجيدا” المعادية للإسلام في ألمانيا أزمة اللاجئين المتصاعدة في البلاد، وسارعت إلى تنفيذ مظاهرات كبيرة في دريسدن، وجذبت هذه الحركة مزيدا من الأنصار، كما أعلنت اعتزامها تأسيس حزب سياسي في البلاد.

وتضاف هذه المعطيات إلى أخرى سجلتها السلطات الألمانية تفيد بوقوع 1029 هجومًا ضد مساكن اللاجئين خلال عام 2015، في وقت سجلت نحو 300 هجوم آخر في الربع الأول من عام 2016.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …