عريقات : قد يؤثر الجدار نسبيا لكنه لن يقضي على الأنفاق لوجود عقول مبدعة
جعارة : الأنفاق ستظل كابوسًا يؤرق مضاجع الاحتلال مهما حاول القضاء عليها
الصواف : الخطوة الإسرائيلية تهدف للتخفيف من حدة الرعب الموجودة بداخلهم
بعد انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة (حرب العصف المأكول) أصبح الشغل الشاغل لدى قوات الإحتلال الصهيوني البحث عن الوسائل والطرق المختلفة لمواجهة أنفاق المقاومة الفلسطينية ،ومنع المجاهدين من التسلسل عبرها لتنفيذ العمليات الجهادية ضد جنود الإحتلال ، وذلك بسبب ما تكبدته قوات الإحتلال من خسائر باهظة في الحرب الأخيرة على القطاع ،والتي لعبت فيها الانفاق العسكرية دوراً مهماً فيتحقيق توازن الرعب من خلال قتل الجنود من مسافة صفر وخطف آخرين ، وهو مشهد أساء لسمعة جيش الإحتلال الذي لا زال يروج للعالم نظرية “الجيش الذي لا يقهر”.
جدار شديد التحصين
وآخر ما توصل إليه قادة الكيان الصهيوني في بحثهم عن أفكار ومشاريع لمواجهة الأنفاق هوالإعلان عن بناء جدار اسمنتي سميك جدا على الطول الحدود الشرقية لقطاع غزة التي تمتد لـ40 كيلو مترا .
وقد وضع الجيش (الإسرائيلي) بالشراكة مع شركات مدنية، بينها “سوليل بونيه”، خطة تتكون من ثلاث مراحل لمحاولة درء خطر أنفاق المقاومة الفلسطينية التي تمتد من داخل قطاع غزة إلى مستوطنات غلاف غزة، وتبلغ تكلفته 2.5 مليار شيكل.
وبحسب ما أورده موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، تنص الخطة على حفر الأرض قرب السياج الحدودي ووضع ألواح سميكة من الإسمنت هناك، لمنع مرور الأنفاق، وهذه المرحلة الأولى التي شرعت الشركات بتنفيذها رفقة الجيش ، والمرحلة الثانية هي بناء جدار إسمنتي فاصل فوق الأرض، يشبه جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل على طول الحدود مع الضفة الغربية، في حين أن الخطوة الثالثة تتمثل في تزويد الجدار بأجهزة مراقبة واستشعار إلكترونية حديثة،لكشف الأنفاق تحت الأرض، وإقامة جدار ذكي على طول الحدود مع قطاع غزة مثل الموجود حالياً على الحدود بين “إسرائيل” ومصر ،كما يضم منظومة للإنذار المبكر لقذائف الهاون والصواريخ.
سلاح الأنفاق مستمر
اللواء المتقاعد والخبير العسكري واصف عريقات يرى أن المشروع الإسرائيلي لمواجهة أنفاق المقاومة لا يمكن أن يحد من عملها العسكري على حدود القطاع، خاصة أن “إسرائيل” فشلت خلال الأعوام الماضية في حل معضلة الأنفاق.
وأوضح الخبير عريقات أن المشروع الخرساني على حدود القطاع لن يعيق الفصائل من مواصلة حفر الأنفاق، مشيراً إلى أن التأثير قد يكون نسبي، ولن يقضي على هذا النوع من المقاومة، لوجود عقول مبدعة وإمكانيات قادرة على تجاوز محاولات الاحتلال للقضاء على سلاح الأنفاق.
وقال عريقات “إسرائيل كانت تتغنى خلال الأعوام الماضية بمنظومة القبة الحديدة؛ لكنها فشلت في صد صواريخ المقاومة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة”، مشيراً إلى أن هدف الخطوة لا يعدو كونه إجراء لتطمين الجبهة الإسرائيلية الداخلية، ومحاولة لرفع معنويات جنود جيش الاحتلال.
وبين أن المقاومة لن تلجأ إلى فتح جبهة حرب مع الاحتلال للرد على بناء الجدار الخرساني، وأنها ستلجأ إلى أساليب أخرى من المقاومة لتجاوز الجدار كفتح ثغرات داخل الجدار وخطط أخرى مشابهة ،ونوه الى أن المعركة الرئيسية هذه المرة ستكون تحت الأرض، مشدداً على ان “جيش الاحتلال قضى وقتًا كبيرًا لدراسة وفهم تكتيك الانفاق، وما بنائه للجدار الا اعتراف صريح بفشله الامني والاستخباراتي”.
اعتراف بالفشل
وسبق أن اعترف ضابط “إسرائيلي” رفيع المستوى، بإخفاق قوات الاحتلال في مواجهة أنفاق كتائب القسام في غزة.
ونقلت القناة العاشرة “الاسرائيلية” عن قائد المنطقة الجنوبية في قوات الاحتلال قوله: “إن الجيش يواجه فشلًا ذريعًا في مواجهة ظاهرة الأنفاق التي تحفرها الفصائل المسلحة، وبالتحديد حماس، لتنفيذ عمليات ضده”.
وأكد الضابط “أن الجيش مضطر لإرسال قوات المشاة للبحث عن عيون تِلك الأنفاق”، موضحًا أن التقديرات تشير إلى حفر حماس العديد من الأنفاق لتنفيذ عمليات كبيرة.
سيبقى خطرها قويًا
ويرى الدكتور عمر جعارة المختص في الشأن “الإسرائيلي” أن المنطق العسكري يقول حتى لو احتلت “إسرائيل” غزة مرة ثانية لن تستطيع القضاء على الأنفاق؛ لأنها وسيلة ناجحة في الحروب المعاصرة.
ويقول جعارة “بعد فشل تجربة الاحتلال مع الأنفاق وانتصار المقاومة عليه مرتين أولا في عملية أسر جلعاد شاليط عام 2006، وثانيا في عملية بوابة المجهول بخانيونس التي أصيب فيها 5 جنود، ليس من العجب أن يضخّم الإعلام “الإسرائيلي” خطر الأنفاق وأسر الجنود لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين”.
وأضاف “العسكريون يعرفون أن هذه الوسيلة (الأنفاق) لا تقاوم إلا بالعمل الاستخباري وتوفير المعلومات، وبعدم توفر هذه المعلومات للاحتلال سيبقى خطر النفق قويًا وفعالًا ومؤثرا، خاصة من جانب ضعيف يمتلك إرادة المقاومة والصمود بوجه المحتل الظالم”.
ويؤكد جعارة أن الأنفاق ستظل كابوسًا يلاحق ويؤرق مضاجع الاحتلال مهما حاول القضاء عليها أو كشف بعضها.
قيادات صهيونية تعارضه
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف اتفق مع سابقه في أن المشروع الإسرائيلي لن يقف عائقاً أمام أنفاق المقاومة، وأنها ستلجأ إلى أساليب وإمكانيات تمكنُها من تجاوز الجدار ومواصلة بناء الأنفاق.
ويوضح الكاتب الصوافأن الخطوة الإسرائيلية على حدود قطاع غزة تهدف للتخفيف من حدة الرعب الموجودة لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية نتيجة ما قيل وما يقال عن الأنفاق، مقللاً من نجاعة المشروع الإسرائيلي خاصة في ظل معارضة قيادات صهيونية للمشروع من ناحية التكلفة وقدرته على تحقيق أهدافه.
يشار الى ان وسائل إعلام اسرائيلية ذكرت أن هناك قيادات داخل الجيش الاسرائيلي أبدت معارضتها الشديدة لإنشاء الجدار الخرساني، مطالبين بضرورة تجنب الإنفاق الكبير على هذا المشروع، واللجوء بدلاً من ذلك إلى الهجوم عبر نشاطات ميدانية داخل القطاع.
ولا تزال الأنفاق الهجومية التي حفرتها المقاومة الفلسطينية، تشكل تحدياً جدياً للاحتلال،الأنفاق التي اجتاز بعضها الحدود الإسرائيلية، وسمحت لمقاتلي المقاومة بالوصول لمشارف المستوطنات الحدودية الإسرائيلية.