الباحث السوداني د. محمد تورشين لـ “علامات “: إعادة بناء السودان مرهون بحوارسياسي بين كل القوى السودانية

في ظل زحمة الأحداث تغيب عن الرأي العام العربي والإسلامي قضية السودان الذي يعاني منذ أكثر من عام من مواجهات داممية مع حركة التمرد التي تقودها قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني ، بما خلف آثارا سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة على واقع ومستقبل السودان.

وحتى نقف على حقيقة الأحداث في السوادن لتدخل في سياق الاهتمام العربي والإسلامي كان لموقع ” علامات أون لاين “ لقاء مع الباحث السياسي السوادني محمد تورشين لنتعرف منه على آخر تطورات الأحداث وتأثيراتها على حاضر ومستقبل السودان.

 

في البداية، سألنا  الدكتور محمد تورشين عن آخر التطورات في الحرب الدائرة، فأكد أن المواجهة ليست مجرد صراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بل هي تمرد على الحكومة الشرعية في السودان وأن هذا التمرد ليس وليد اللحظة، حيث شهد السودان العديد من التمردات في مناطق مثل جنوب السودان ودارفور وشرق السودان إلا أن  التمرد الحالي يختلف عن سابقيه ، حيث أن قوات الدعم السريع كانت جزءًا من الأجهزة الرسمية للدولة، وانقلابهم على السلطة أدى إلى تحول الصراع إلى تمرد مسلح.

وأكد تورشين أن المعارك في البداية كانت مركزة في العاصمة الخرطوم باعتبارها مركز السلطة، ولكن مع فشل الدعم السريع في السيطرة على الخرطوم، انتقل الصراع إلى مناطق أخرى في البلاد ، مما انعكس على حياة المواطنين بشكل مباشر، حيث أدى إلى تعطيل الدولة وإحداث تأثيرات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين السودانيين ، إضافة إلى أن الخرطوم أصبحت مركزًا للصراع المسلح مما أضعف قدرتها على إدارة شؤون البلاد.

 

 

توزيع مناطق السيطرة

حول المناطق التي يسيطر عليها الجيش وتلك التي يسيطر عليها الدعم السريع أكد تورشين أن الدعم السريع ينتشر في بعض المناطق مثل دارفور والجزيرة وبعض مناطق الخرطوم، ولكنه أكد أن هذا الانتشار لا يمكن وصفه بالسيطرة الكاملة ، ولكن لا توجد في مناطق تمركز الدعم السريع أي مظاهر للدولة، ولا تعمل مؤسسات الدولة فيها بشكل طبيعي.

أما  الجيش السوداني – يستطرد توشين – فيسيطر على مناطق أخرى مهمة مثل إقليم شرق السودان وإقليم الشمال بالإضافة إلى السيطرة على قواعد عسكرية حيوية في الخرطوم مثل قاعدة المدرعات وسلاح الإشارة والمهندسين ، مؤكدا أن هناك احتمال لتغير هذا التوزيع في المستقبل مع استمرار المعارك، واتساع نطاق المواجهات ليشمل مناطق أخرى.

 

الفيضانات والأزمة الإنسانية

وحول تأثير الفيضانات على النزاع المسلح والأزمة الإنسانية في السودان، أشار تورشين إلى أن الكوارث الطبيعية فاقمت من معاناة المواطنين في بعض المناطق التي لم تكن تاريخيًا مناطق ماطرة ، كما أن التغيرات المناخية وسد النهضة أثرت على هذه المناطق، مما أدى إلى حدوث فيضانات وسيول تفاقمت مع استمرار الصراع ، ويستدرك توشين أن هذا الصراع لم يكن له تأثير مباشر على المناطق التي تأثرت بالفيضانات، ولكن هذه الكوارث الطبيعية كشفت عن ضعف استجابة المؤسسات الإنسانية التي كانت تدعو للتدخل في ظل تفاقم هائل للأوضاع الإنسانية بسبب تزامن هذه الكوارث الطبيعية مع النزاع المسلح.

وبسؤاله عن أعداد الضحايا في هذه المعارك  أكد تورشين أن أعداد القتلى والجرحى في ارتفاع مستمر نتيجة لاستخدام قوات الدعم السريع للمدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة في استهداف المدن السودانية ، مؤكدا عدم توجد إحصاءات دقيقة حتى الآن، ولكن من المؤكد أن هناك عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى الآثار

الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي يعاني منها السودان ، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية التي تمثلت في تدهور الأوضاع التعليمية والصحية والاقتصادية، حيث نزح عدد كبير من المواطنين إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السودانية حيث يعيش النازحون ظروفا سيئة في أماكن مؤقتة مثل المدارس والمؤسسات العامة، مما أدى إلى تعطيل الحياة الطبيعية في هذه المناطق.

 

جهود الحل ومستقبل الأحداث

وتحدث تورشين عن الجهود المبذولة حاليًا للوصول إلى حل سلمي للصراع، مؤكدا أن هذه الجهود لا تزال محدودة ولم تحقق تقدمًا ملموسًا واصفا إياها بأنها ” جهود خجولة وموسمية” ، حيث تنشط بين الحين والآخر دون أن تحقق نتائج واضحة في إشارة إلى المبادرات المختلفة مثل مبادرة الإيغاد والاتحاد الإفريقي ومبادرات الدول المجاورة، مؤكدا أنها جميعا لم تتمكن من إنهاء الصراع ، أما المبادرات الدولية مثل تحركات الولايات المتحدة الأمريكية عبر منبر جنيف ومنبر جدة، فهي أيضا لم تحقق هي الأخرى النجاح المطلوب.

وتطرق توشين في ختام حواره  إلى تأثير استمرار الحرب على مستقبل السودان مؤكدا أنه سيؤثر بشكل كبير على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي في البلاد خاصة إذا طال أمد الحرب ، خاصة وأننا لسنا بصدد مجرد مواجهة عسكرية فحسب حيث يمتد أثر تلك المواجهة إلى كل جوانب الحياة في السودان، من السياسة إلى الاقتصاد مرورًا بالحياة الاجتماعية ، وفي الوقت الذي لا تزال فيه الجهود الدولية والمحلية غير كافية لإنهاء الصراع .

إلا أن توشين أكد إلى أن الأمل في إعادة بناء السودان بعد انتهاء الحرب مازال قائما والذي يمكن أن يتحقق من خلال حوار سياسي بين القوى السياسية السودانية والسعي للوصول إلى ميثاق اجتماعي جديد يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو إعادة بناء البلاد ومعالجة القضايا الخلافية ، وإيجاد حل سياسي شامل يعيد الاستقرار للبلاد.

شاهد أيضاً

حماس: الاحتلال ارتكب10100 مجزرة خلال 470 يوما و2092 عائلة أبيدت

‏‏‏‏‏‏‏‏نشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة (التابع لحركة حماس)، تحديثاً لأهم إحصائيات “حرب الإبادة الجماعية” …