حذرت صحيفة الجارديان البريطانية من كارثة حقيقية غير مسبوقة ستحل بحلب إن لم يضغط المجتمع الدولي لفك الحصار عنها وعلى الفور.
وتحت عنوان “أوقفوا المعركة فى حلب الآن” كتبت الصحيفة فى افتتاحيتها اليوم تقول: “يعد الوضع فى حلب الآن أكثر صعوبة مما كان عليه فى أى وقت مضى منذ بداية الحرب فى سوريا قبل خمسة أعوام ويحدث ذلك فى وقت غير موات على الإطلاق مع انجذاب انتباه الغرب إلى الإرهاب فى أوروبا والحملة الانتخابية الأمريكية، بيد أن على الغرب أن يلتفت أيضا إلى الأوضاع فى سوريا ذلك أن ما يحدث حاليا قد يصبح نقطة تحول مهمة فى الصراع والتى قد تبدد تماما الآمال الدبلوماسية المعقودة على التوصل إلى حل له عبر السبل التفاوضية”.
وأضافت الصحيفة أن هناك ما يتراوح بين 200 ألف إلى 300 ألف شخص عالقين فى الأحياء الشرقية فى حلب التى تحاصرها فى الوقت الحالى القوات التابعة للحكومة السورية والمدعومة بالقوة الجوية الروسية والميليشات التى تسيطر عليها إيران، مشيرة إلى عدم إمكانية وصول المواد الغذائية أو المساعدات الطبية أو الإنسانية إلى السكان الموجودين فى الأراضى التى يسيطر عليها الثوار فى حلب منذ عدة أسابيع بسبب كثافة الهجوم العسكرى.
وذكرت أن حلب كانت ثانى كبرى المدن فى سوريا وكانت أحد الرموز الرئيسية لمقاومة نظام الأسد منذ عام 2012 حتى استولت على أجزاء منها الجماعات الموالية للأسد، لافتة إلى أن سحق حلب لطالما كان هدفا لهيكل السلطة الذى يهيمن عليه الأسد.
وحذرت من أنه إذا لم يتم القيام بأى مسعى من أجل منع تقدم قوات الأسد فإن سحق المدينة سيكون وشيكا، ولن يكون ذلك مجرد هزيمة للثوار (ربما هزيمة نكراء للثورة فى سوريا)، بل أيضا بداية لكارثة أنسانية جديدة غير مسبوقة فى سوريا.
وترى “الجارديان” أن المأساة لا تتمثل فى حصار حلب فحسب، بل فى أن القوات التى تحكم الحصار عليها خلال الأيام القليلة الماضية تريد أما تجويع سكانها أو طردهم منهم.
وأضافت أن حلب تعرضت للقذف والقصف الشديدين خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى درجة باتت معها تشبه جحيما لهؤلاء الذين يناضلون ما بين الأنقاض، مشيرة إلى أن المدينة تخلو من الأطباء فضلا عن تدمير المستشفى الوحيد الذى ظل يعمل بها، وتعلن المنظمات التابعة للأمم المتحدة أن المخزون من المواد الغذائية يكفى لمدة شهر واحد.
وأشارت إلى أن حكومة بشار وحلفاءها الروس يلجأون إلى تكتيك الحصار والتجويع الذى تم استخدامه من قبل فى سوريا بيد أنهم يستخدمونه الآن على نطاق أوسع وأكثر علانية، لافتة إلى ضرورة فضح إعلانهم عن وجود “ممرات إنسانية” للمدنيين والثوار الراغبين فى الفرار من المنطقة على أنه حيلة من جانبهم لتحقيق مآربهم.
وترى أنه لا يدعو للدهشة أن سكان حلب لا يندفعون لاجتياز هذه الممرات التى ليس لها وجود على أرض الواقع، فوعود الأسد لا تصدق لاسيما وأن الحكومة السورية أوضحت مرارا وتكرارا أنها لا تعبأ بالقانون الإنسانى الدولى ولا تفرق آلة القمع الخاصة بها بين المقاتلين المسلحين والمدنيين، فقد لقى عشرات الآلاف من المدنيين حتفهم فى مراكز الاعتقال السورية.
وذكرت الصحيفة أن إعلان المسئولين السوريين والروس عن الممرات دون استشارة أو حتى تحذير المنظمات التابعة للأمم المتحدة مقدما هو برهان على أنهم لا يريدون شهودا على مذبحتهم من الخارج.
ودعت إلى وجوب رفع الحصار عن حلب على الفور فقد بلغت الأزمة الذروة ويجب على المجتمع الدولى أن يمارس الضغط على روسيا لدفعها لسحب قواتها حتى يتسنى انقاذ الأرواح، مشيرة إلى أن مصير سكان حلب ربما يعتمد إلى حد كبير على كيفية حشد دعم الرأى العالم العالمى.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن انقاذ حلب من الدمار المؤكد والمزيد من المذابح ليس عملا إنسانيا ضروريا فحسب، بل يمثل أيضا الوسيلة الوحيدة لانقاذ الفرص الضئيلة المعلقة على التوصل إلى تسوية للصراع فى سوريا.