دعا الخبير الأمني المنشق عن النظام الجزائري كريم مولاي، الأطراف السياسية الجزائرية الرسمية والمعارضة، إلى إعادة فتح ملف العشرية الحمراء، وعدم الركون إلى ما يُعرف بـ “ميثاق السلم والمصالحة”، من أجل تحقيق العدالة المطلوبة.
وجدد مولاي في حديث مع “قدس برس” استعداده للإدلاء بكل ما يمتلكه من معلومات وأدلة، حازها أثناء عمله ضمن المخابرات الجزائرية بين عامي 1987 و2000″.
ورأى مولاي، “أن ميثاق السلم والمصالحة، الذي تمر اليوم الخميس ذكراه السنوية 11، لم يكن عادلا ولم ينصف ضحايا الجزائر في العشرية الحمراء، وأنه كان بمثابة تبرئة للأجهزة الأمنية المسؤولة الأولى عن أغلب الجرائم التي ارتكبت في الجزائر عقب الانقلاب على المسار الانتخابي 1992”.
وحسب مولاي، فإن “المصالحة الوطنية لم تحصل بعد، وأن ما جرى هو فرض المنتصر لوجهة نظره، وتغييب للحقيقة التي هي أصل أي مصالحة مطلوبة”.
وأضاف: “لم تستطع السنوات الـ 11 التي مرت منذ الاستفتاء على ميثاق المصالحة، أن تعالج القضايا الأساسية، وعلى رأسها الجهة المسؤولة عن الجرائم المرتكبة، وأيضا عدم الكشف عن مصير آلاف المفقودين”.
وأكد مولاي، أنه و”نظرا لعدم وجود جهة سياسية وقضائية جزائرية محايدة وتمتلك من الأدوات ما يمكن أن يكشف الحقيقة بكاملها، فإنه من المهم الاستغانة بفريق حقوقي وقضائي أممي مستقل مسنود من مؤسسات الأمم المتحدة، من شأنه أن يسمع لمختلف الأطياف السياسية ويصدر تقريره تبعا لذلك”، على حد تعبيره.
يذكر أن “ميثاق السلم والمصالحة الوطنية” هو الميثاق الذي قدمه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، محاولاً إنهاء حرب ما يُعرف بـ “العشرية السوداء في الجزائر” أو “الحرب الأهلية الجزائرية” من خلال منح عفو عن معظم أعمال العنف التي ارتكبت أثناءها.
وقد تم إجراء استفتاء عام على الميثاق في 29 (سبتمبر) 2005، وقد حصل الميثاق خلاله على موافقة بنسبة 97%، وتم تنفيذ الميثاق بوصفه قانونًا في 28 (فبراير) 2006.
وكانت الحرب قد انلعت بعد أن أوقفت السلطات العسكرية الجزائرية أول انتخابات ديمقراطية وطنية في أوائل تسعينيات القرن الماضي للحيلولة دون فوز الإسلاميين بالانتخابات.
ويقدر عدد الضحايا الذين خلفتهم العشرية بنحو ربع مليون قتيل أو مفقود جزائري، حيث تم تحميل الجماعات المسلحة بوجه عام المسؤولية عن معظم الوفيات، بما في ذلك مجازر المدنيين الوحشية؛ بينما تم توجيه الكثير من النقد كذلك إلى القوات الجزائرية الخاصة وغيرها من الوحدات العسكرية لتورطها في أعمال تعذيب وحوادث الاختفاء القسري.
هذا وقد تراجع العنف في الفترة بين منتصف وأواخر تسعينيات القرن العشرين بعد حملة حكومية ناجحة إلى حد كبير.