فضّت وحدات من القوات المسلحة، مساء أمس، الوقفات التي نظمها عشرات من أبناء قبيلتى السواركة والرميلات، منذ يومين في عدة قرى بمدينتي رفح والشيخ زويد في شمال سيناء، للمطالبة بالسماح لهم بالعودة لمنازلهم وأراضيهم التي غادروها قبل سنوات.
الفض أعقب قيام بعض شباب القبائل بقطع الطريق الدولي في رفح، وإشعال النيران، ما انتهى بمشادات بينهم وبين أفراد القوات المسلحة، الذين أطلقوا الرصاص في الهواء لتفريق المتجمعين، وإلقاء القبض على بعضهم، حسبما قال لـ «مدى مصر» مصدران حضرا الوقفة.
كان العشرات من السواركة والرميلات تجمعوا أمس، في رفح والشيخ زويد مجددين المطالبة بـ«حق العودة» لأراضيهم، بعد انتهاء مهلة اتفقوا مع مسؤولين بالدولة عليها، لوضع آلية للسماح لهم بدخول قراهم، وذلك عقب الاعتصام الذي نفذوه لمدة 48 ساعة في أغسطس الماضي جنوب الشيخ زويد، وانتهى وقتها بوعود من جهة سيادية بالسماح لهم بالعودة ﻷراضيهم مطلع الشهر الجاري.
بحسب المصدرين من القبائل، اللذين طلبا عدم الإفصاح عن هويتيهما، كان تجمع «مربعة الفول» في قرية الحسينات، في أراضي الرميلات، هو الأكبر بين تجمعات اﻷمس، وزادت الأعداد فيه قرب الساعة الخامسة مساءً، ليدخل العشرات من أبناء القبائل إلى القرى ويتفقدوا منازلهم المهجورة، وصولًا إلى عمق المنطقة العازلة.
وعلى إثر ذلك، قام أفراد القوات المسلحة بمطاردة أبناء القبائل وإخراجهم من القرى وإغلاق الطرق المؤدية إليها بالآليات العسكرية، وطلب الضباط من الشباب إنهاء الوقفات «لأن الوقت غير مناسب للعودة» وردوا بالتأكيد على أنهم لن يرحلوا ومستمرين في التجمع.
أعقب ذلك محاولة القوة العسكرية إلقاء القبض على عدد من المتجمهرين، وتصدى لهم باقي أبناء القبائل، قبل أن ينفصل بعضهم عن وقفة «الحسينات» قاصدًا قرية «الوفاق»، حيث قطعوا الطريق الدولي، وأشعلوا النيران، ليقوم أفراد القوات المسلحة بإطلاق الرصاص في الهواء لتفريق المتجمعين، وألقوا القبض على بعضهم، قبل أن يقيم الجيش والشرطة كمائن داخل مدينة الشيخ زويد، حيث قاموا باعتقال شباب من قبيلة الرميلات.
وأكد مصدر من قبيلة الرميلات ممن شاركوا في اعتصام أغسطس الماضي، وشارك في وقفة أمس، أن ما قام به شباب القبائل، من قطع الطريق وإشعال النيران والتعدى على الجيش بالسباب، أمر غير مقبول بالمرة، في الوقت نفسه رفض قيام أفراد الجيش بإطلاق الرصاص «فوق الرؤوس» على حد تعبيره، واستخدام العنف في القبض على الشباب.
وشدد المصدر أن الدولة هي المتسبب الأول في ما آل إليه الوضع، وفي خلق أزمة بين الجيش والقبائل، لأن الدولة أخرجت الأهالي من القرى والمنازل منذ عشر سنوات، في خضم الحرب على الإرهاب، الذي انتهى حاليًا، بمشاركة القبائل مع القوات المسلحة، وفقدانها لعشرات الشباب من أبنائها في مواجهات مع التنظيم.
وأوضح المصدر أن الدولة لم تطرح حتى الآن رؤيتها للمنطقة، أو آلية رجوع الأهالي إليها، فيما تسمح لمقاولين بإقامة شبكة طرق متشعبة، وللجان من وزارة الزراعة بأخذ عينات من التربة، وسط تردد أنباء عن إقامة مشروعات على اﻷرض بغير علم الأهالي.
وأضاف: «أمس الضابط يطلب مني أروّح؟، أنا بيتي في رفح، يبقى سيبني أروّح بيتي لا تمنعني»، متابعًا: «أنا عايز أرجع بيتي و أزرع أرضي بالآلية اللي تحددها الدولة»، مطالبًا الحكومة بإصدار قرار رسمي يحدد مستقبل المنطقة وأبناء القبائل، بدلًا من قيام أجهزة أمن سيادية بمنح وعود لشيوخ القبائل ونواب البرلمان في الاجتماعات المغلقة، دون أن ينفذ منها شيء.
ورحلت القبائل، خاصة السواركة والرميلات عن رفح والشيخ زويد نهاية 2014 بعد تدهور الوضع الأمني في المدينتين إثر الحرب ضد تنظيم «ولاية سيناء» وإنشاء السلطات منطقة عازلة بمحاذاة قطاع غزة بطول 13 كيلو مترًا وبعمق خمسة كيلو مترات في رفح.
وضمن خطتها للحشد القبلي في سبيل القضاء على «ولاية سيناء»، وعدت القوات المسلحة، قبل نحو عام ونصف، أبناء قبيلتي السواركة والرميلات بالعودة إلى قراهم في رفح والشيخ زويد، مقابل حمل السلاح والمشاركة في الحرب، وهو العرض الذي استجابت له القبائل، وحشدت أبناءها بداية من مارس 2022، ليتم القضاء على التنظيم قبل نهاية العام، بعد مقتل العشرات من أبناء القبيلتين في المواجهات، وتلا ذلك سحب السلاح منهم، ليبدأوا في انتظار تحقيق وعد العودة لأراضيهم.
وفي أغسطس الماضي نفذت القبائل اعتصامًا في الشيخ زويد، مطالبين الدولة بتنفيذ وعدها بالسماح بالعودة لأراضيهم وبعد 48 ساعة من الاعتصام تواصلت جهة سيادية مع منظمي الاعتصام ووعدتهم بالعودة إلى أراضيهم في 20 أكتوبر الجاري.
أعقب إنهاء الاعتصام اجتماعًا في سبتمبر الماضي، حضره ممثلون للقبائل مع جهة سيادية وبحضور رجل الأعمال السيناوي، إبراهيم العرجاني، وعدت فيه الجهة السيادية القبائل بالعودة إلى جميع القرى خارج المنطقة العازلة، وبناء 100 منزل في كل قرية، على أن تكون العودة مطلع أكتوبر الجاري، وهو الأمر الذي لم يتحقق، خاصة بعد تكرار وعود من أجهزة الأمن ونواب برلمان ومشايخ، لأبناء القبائل عن زيارة لرئيس الوزراء، مصطفي مدبولي، سوف يُعلن خلالها عن فتح القرى والسماح بالعودة، آخرها كان مفترض أمس، وهو ما لم يتحقق.