الخديوي السيسي والانتداب الأمريكي في سيناء!

وصل فتيل تدمير السيادة الوطنية الذي أشعل ثقابه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، إلى حد الدعوة إلى احتلال أمريكي خالص في سيناء، بحجة دعم الجيش المصري أمام ضربات ولاية سيناء التي التحقت بـ”داعش”، في حين تدور تكهنات بأن الأمر مخطط له من البداية، ولا علاقة له بداعش التي تدربها وتسلحها أطراف دولية بالاتفاق مع العسكر، لتأدية مهمة واحدة هي جلب قوات الاحتلال الأمريكي إلى مصر.

البداية

الجيش المصري في سيناء

عقب اتفاقيات “كامب ديفيد” بين العسكر والاحتلال الصهيوني في 1979م، حاولت جبهة الرفض العربية وقف مصر/السادات عن مسيرة التطبيع مع العدو الصهيوني, فضغطت على الاتحاد السوفيتي (آنذاك) باستخدام حق الفيتو ضد أي قرار يصدر بتواجد قوات للأمم المتحدة في سيناء.

وبناء على ذلك، هددت الصين وروسيا باستخدام “الفيتو”، ولذلك لجأ عسكر نكسة 67 وكيان الاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية إلى تشكيل قوات لحفظ السلام في سيناء عام 1982، وتحديد إدارتها وتمويلها وأماكن تواجدها في المنطقة (ج) التي تعادل ربع مساحة سيناء تقريباً.

وبالتالي أصبح مسرح عملياتها يتضمن المناطق (أ) و (ب) و (ج) في مصر، والمنطقة (د) في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أما بالنسبة لميزانيتها، فتنقسم على الثلاث دول بالتساوي، ساهم كل منها بمبلغ 25 مليون دولار عام 2011، وساهم دول أخرى بمنحٍ تقل عن ذلك بكثير، وبذلك نجحت أمريكا والكيان الصهيوني في استبدال دور الأمم المتحدة بقوات متعددة الجنسيات، للحفاظ على أمن واستقرار عصابات الاحتلال وقطع الطريق على أي مقاومة مصرية.

وتضم القوات 35 برج مراقبة ونقطة تفتيش على طول شرقي سيناء، بالإضافة إلى 15 مراقب أمريكي مدني؛ للتأكد من سير الاتفاقية.

ويوجد 12 دولة مشاركة في القوات البالغ عددها 1700 جندي: (الولايات المتحدة- كولومبيا- فيجي- إيطاليا- أستراليا- كندا- فرنسا- المجر- نيوزيلندا- النرويج- أوروجواي- هولندا)، ويبلغ عدد الجنود الأمريكان في هذه القوات 700 جندي، موزعين على فريق عمل كتيبة المشاة 425 مجند، ووحدة الدعم اللوجستي 225 مجند وتقوم بتوفير الطائرات والقيام بعمليات جوية، ومقر يضم 40 موظفاً.

أسد على مصر وحدها!

الجيش المصري في سيناء

وتقوم القوات بدوريات جوية للتحقق من أن نشر القوات المصرية يتفق مع أمن الاحتلال، بالإضافة إلى العمليات البرية، ولكن هذه الدوريات تكون على مصر وحدها دون إسرائيل؛ لأن الكيان الصهيوني رفض وجود قوات أجنبية على الأراضي المحتلة، فيتم مراقبته بعناصر مدنية فقط؛ لذلك سميت بـ “القوات متعددة الجنسيات” و”المراقبون”.

وتمارس هذه القوات عملها منذ انسحاب إسرائيل من سيناء في 25 أبريل 1982، وهي مخولة بالتدخل في حالة حدوث أي انتهاك لمعاهدة السلام أو أي تهديد لإسرائيل.

وقد تعاون عسكر كامب ديفيد أكثر من مرة مع كيان الاحتلال لإجراء تعديلات على اتفاقياتهم السابقة، وفي عام 2005، وافقت إسرائيل على التواجد المصري في المناطق التي يفترض أنها ممنوعة من التواجد فيها، بحجة مواجهة الإرهاب.

استنزاف قوت الشعب

الجيش المصري في سيناء

وفي الاجتماع السنوي للقوات، طلب عسكر كامب ديفيد تقليل حجم القوات؛ لأن هذا يكلف خزينة الشعب المصري تسديد ثلث نفقاتها دون أي عائد يذكر، إلا مصلحة وأمن الاحتلال الصهيوني، وهذا ما رفضه الطرفان الأمريكي والإسرائيلي.

ونشر موقع ” مليتاري تايمز” الأمريكي، المتخصص في تغطية الأخبار العسكرية، القصة الكاملة لمشروع احتلال سيناء، وإعلان الولايات المتحدة إرسال قوات إضافية إلى شبه الجزيرة اليتيمة، التي ربما تلحق بمصير جزيرتي تيران وصنافير، وزعم الموقع أن التهديدات التي يفرضها ” داعش” هو السبب الرئيسي لتلك الخطوة!

أما حقيقة الأوضاع فيذكرها سفير الاحتلال الإسرائيلي السابق بالقاهرة، يتسحاق ليفانون، في مؤتمر نظمته جامعة اريئيل، عندما أوضح أن البنتاجون يرى ضرورة وأهمية تغيير مهام الجنود الأمريكيين في سيناء، من مراقبي حدود إلي قوات استخبارات واستطلاع، لجمع المعلومات وإرسال الطائرات بدون طيار.

ارحل!

الجيش المصري في سيناء

ويرى الناشط المصري “خالد عبيد”، أن إعلان احتلال سيناء: ” أمر عادي .. أهم حاجة للسيسي إن أمريكا تبقي راضية عنه ومتعملش معاه زى مبارك وتقول له: “ارحل”، مضيفاً:” تغور سيناء في ستين داهية .. المهم الكرسي”.

جدير بالإشارة أن السيسي قام بتنفيذ توصيات البيت الأبيض الأمريكي وإسرائيل، بتدمير أنفاق “الحياة” التي تنقل الطعام والأدوية والبضائع لقطاع غزة المحاصر، وضخ مياه البحر المالحة وتدمير المياه الجوفية علي الحدود، بالإضافة إلي تهجير سكان رفح.

من هنا يبدو أن السيسي يرى أنه أمر عادي ترك سيناء تحت الانتداب الأمريكي، خاصة بعد الموافقة على ترك المطارات في سيناء تحت إدارة أجنبية، فهل هذا تمهيد أو تواطؤ لكي تكون هناك منطقة عازلة على الحدود الشرقية، إما لتوطين الفلسطينيين وإحياء مشروع “آيلند”، أو للحفاظ على أمن الاحتلال الإسرائيلي ونفوذ أمريكا، وأن الخديوي “السيسي” صاحب موكب السجادة الحمراء والـ ٢٢ دراجة بخارية و١٩ سيارة، منح حق الامتياز الأجنبي الدائم لأمريكا في سيناء؟!

الإجابة على هذا السؤال تناولتها مراسلة قناة “سي بي إس” الأمريكية، التي تخفت في زى امرأة بدوية لتصور حجم الدمار الذي خلفه السيسي في سيناء، وتصف ما شاهدته بأن السيسي يتبع سياسة “الأرض المحروقة” على أرض سيناء، ويطبق “العقاب الجماعي” على أهلها، مما نتج عنه تعاطف بين شبابها مع العنف ضد الجيش، كرد انتقامي على مجازر السيسي، وهو ما يريده السيسي الذي بات انقلابه يهدد الأمن القومي المصري، بدفع أبناء سيناء نحو العنف وفقدان الانتماء لمصر.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …