عمدت قوات “الدعم السريع”، أخيراً، إلى استخدام المدافع الثقيلة والطائرات المسيّرة لضرب محطات الكهرباء والماء والمستشفيات وحتى السدود، وأخيرا مصفاة النفط “جيلي” بالتزامن مع احتدام المعارك الميدانية مع الجيش الذي يتقدم ميدانياً، واضعاً يده على مواقع جديدة في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، وولاية شمال دارفور غرباً.
وقد تمكن الجيش في 11 يناير الحالي من السيطرة على مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وعلى مناطق أخرى في الولاية بعد أن ظلت تحت قبضة “الدعم السريع” منذ 17 ديسمبر 2023.
كما يخوض قتالاً مستمراً مع “الدعم” في مدينة بحري، إحدى مدن ولاية الخرطوم الثلاث، وفي ولاية شمال دارفور.
خلال الأيام الماضية ومع التقدم الميداني للجيش كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها على محطات الكهرباء والمطارات والمستشفيات مستخدمة الطائرات المسيّرة، ما تسبب في احتراق عدد من محطات الكهرباء.
فقد استهدفت مسيّرات محطة توليد الكهرباء الرئيسية في سد مروي في الولاية الشمالية، أيام 9 و13 و15 يناير الحالي، وتسببت بقطع التيار عن مناطق واسعة. وقبلها في 28 نوفمبر الماضي، هاجمت مسيّرات “الدعم السريع” مطار مروي، فيما أعلنت الفرقة 19 التابعة للجيش بالمدينة، في بيان، يوم 29 نوفمبر، إسقاط جميع المسيّرات المهاجمة، موضحة أن الهجوم استمر لما يقارب الست ساعات.
في 18 يناير الحالي هاجمت طائرات مسيّرة أطلقتها “الدعم السريع” المحطة التحويلية للكهرباء بمنطقة الشوك في ولاية القضارف شرقي البلاد، متسببة في انقطاع تام للتيار عن ولايات القضارف وكسلا وسنار.
كما ضربت “الدعم” بطائرات مسيّرة مفخخة محطة كهرباء مدينة دنقلا التحويلية بالولاية الشمالية، في 20 يناير الحالي، ما تسبب في انقطاع التيار عن عدة مواقع، واستهدفت أيضاً بهجوم مماثل، يوم 9 ديسمبر/ الماضي مطار مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل، شمال شرقي البلاد.
وصف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الغارات التي شنتها قوات الدعم السريع بطائرات مسيّرة على سد مروي بأنها هجمات على الشعب السوداني ويجب أن تتوقف.
وقال في تصريح على منصة إكس، يوم 15 يناير الحالي، إنه بين عشية وضحاها وردت المزيد من التقارير “المزعجة” عن غارات طائرات بدون طيار شنتها “الدعم السريع” تستهدف مجمع سد مروي في السودان، مضيفاً أن السد هو مصدر طاقة حيوي للمنازل والمستشفيات والمدارس وأكثر من ذلك، مذكراً بأن البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف ينص على حماية خاصة للسدود.
من جهتها قالت منظمة أطباء بلا حدود إنه مع استمرار دوران رحى الحرب في الخرطوم، يعاني السكان الآن أيضاً من انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه من الشبكة العامة بعد تعرّض محولات الطاقة في أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في السودان في مروي لأضرار بالغة، بسبب ضربة في 13 يناير الحالي.
وأضافت المنظمة في بيان يوم 18 يناير الحالي، أنه مع انقطاع الكهرباء منذ 13 يناير، وغياب إمدادات المياه العامة منذ 14 يناير، بدأت المستشفيات التي تدعمها في أم درمان، بولاية الخرطوم، في تقنين الطاقة وتقليل الخدمات. ولضمان عدم انقطاع الكهرباء والمياه والأكسجين للمرضى، ذكرت المنظمة أنها اشترت وقوداً واستأجرت مولدات كهربائية ونقلت الأكسجين إلى مستشفيات النو والبلك، في أم درمان.
كما زادت سعة إمدادات المياه من البئر الموجودة في مستشفى النو، مشددة على ضرورة أن تتوقف الهجمات التي تشنها الأطراف المتحاربة في السودان على البنية التحتية المدنية الحيوية على الفور.
كذلك أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، في بيان يوم 19 يناير الحالي، أن الدعم السريع نهبت مستشفى منطقة أربجي بولاية الجزيرة، وهو المستشفى الوحيد العامل في المنطقة، ما يفاقم معاناة المواطنين ويُعد استهدافاً مباشراً للبنية التحتية الصحية.
وأضافت أن “الدعم” نهبت الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك المحال التجارية والمواشي، ودمرت أيضاً محطات الكهرباء والمياه، “ما يُعد جريمة حرب وفق القانون الدولي”.
وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر، في بيان يوم 20 يناير الحالي، إن “الدعم السريع” كثفت “هجماتها الإرهابية” لتدمير المرافق الحيوية في السودان، من خلال استهداف السدود ومحطات الكهرباء، وآخرها الهجمات على سد مروي ومحطة كهرباء مدينة دنقلا.
وأضاف أن هذه الممارسات تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمدنيين، معتبراً أن هذا “المسلك الإجرامي يعرّض حياة المدنيين في السودان للخطر ويزيد من معاناتهم”.
وذكر أيضاً أن “الدعم” أقدمت سابقاً على تدمير المتاحف والمساجد والكنائس والأسواق والمدارس والجامعات، واعتدت على الممتلكات العامة والخاصة، مستهدفةً التراث الثقافي والديني للشعب السوداني، وأكد أن هذه الأعمال تتعارض مع الجهود الدولية الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي، وتؤكد ضرورة محاسبة الميليشيا والأطراف المسؤولة عن تزويدها بالطائرات المسيرة الاستراتيجية التي تستخدمها في ارتكاب هذه الجرائم.