” اللي تشتريه بالرز .. يبيعك بالفول” .. جملة قالها إعلامي سعودي تعليقًا على تصويت مصر في مجلس الأمن على مشروع قرار تقدمت به روسيا دعما لسفاح سوريا. مشروع القرار لم ير النور, فقد أحبطته الدول الغربية يوم الجمعة الماضي, وكان بإمكان الدبلوماسية المصرية أن تدرك أن مشروع القرار مصيره الفشل فلا داعي لدعمه, ولكنها حاولت شراء ود روسيا, ولو على حساب سمعتها, فضلا عن دورها وواجبها تجاه الشعب السوري الذي تذيقه الطائرات الروسية الأمرين.
السعودية انتقدت تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي حول الوضع في سوريا، الذي لم يلق تأييداً إلا من ثلاث دول (الصين وفنزويلا ومصر بالإضافة لروسيا), ووصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي بالمؤلم. وقال المُعلمي: كان مؤلما أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب المصري.
وحاول البعض الربط بين التصويت الأممي وبين قرار السعودية وقف الإمدادات البترولية لمصر, فمن قائل إن التصويت جاء ردًا على قرار وقف الإمدادات, مستشهدًا بأن مصر طلبت عروضًا لتوريد مشتقات النفط منذ فترة لتعويض ما أوقفته السعودية, ومن قائل إن وقف الإمدادات جاء تعبيرًا عن الغضب السعودي من الموقف المصري.
وكانت شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، قد أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول شفهياً بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية.
ويرى الكاتب الصحفي عبدالباري عطوان أن ” العلاقات المصرية السعودية تشهد تراجعا ملحوظا نظرا لوجود عدة قضايا تفرض على البلدين اتخاذ مواقف مختلفة أو تفرض على كل بلد الوقوف في الاتجاه المضاد للآخر وخصوصا سوريا”.
وكالعادة, حين تقع الأزمات, يتحاشى البعض التصريحات الرسمية ويسلط أذرعه الإعلامية لتوجيه الرسائل المطلوبة. ومن ذلك ما فعله الإعلامي المصري يوسف الحسيني, حيث كتب “تغريدة” على موقع “تويتر” أثارت الغضب السعودي الذي يبدو أنه يتوسع ليتحول إلى غضب شعبي. فقد كتب الحسيني على حسابه معقباً على الموقف المصري في مجلس الأمن الداعم لروسيا في حربها في حلب والذي تسبب في غضب السعودية قائلاً: “ده سر شدة الودن؟!، وهي مصر بتتشد ودنها!! إحنا لو رفعنا أيدينا بس.. الولد هيعيط لأبوه”, فرد عليه أحد السعوديين قائلا: “هنشوف إحنا لما شدينا الودن مين هيعيط”,. ومن ذلك بالطبع كلام الإعلامي السعودي الذي ذكرناه في مطلع هذا التقرير.
ومن المتوقع أن يزور وفد مصري السعودية خلال الأيام المقبلة في محاولة لتطويق الغضب السعودي المتصاعد.
ويثور سؤال هنا: ما الذي دعا السعوديين إلى وقف الإمدادات البترولية رغم أن الاتفاق تم بين الجانبين على أن يستمر مدة خمس سنوات؟ هل نقض السيسي بنود الاتفاق؟ وما هي؟ وهل لذلك علاقة بالموقف المصري المشين تجاه التدخل الروسي الإيراني في سوريا أم لأسباب أخرى؟
كان مصدر في حكومة الانقلاب قد كشف أنه في الوقت الذي تبدو فيه العلاقة بين مصر والسعودية قد تباعدت، فإن القاهرة تقترب من إيران؛ الخصم التاريخي للمملكة، إذ أعلنت وكالة فارس الإيرانية للأنباء أن فيلماً ترويجياً لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، يحمل اسم “بودي جارد” أو “الحارس”، من إنتاج الحرس الثوري الإيراني, سيتم عرضه في مصر.
وذكرت “فارس” المقربة من الحرس الثوري، أن “بودي جارد” الذي تم عرضه في دمشق، سوف يعرض في سبع صالات في القاهرة، وثلاث صالات في الإسكندرية.
وربط مراقبون بين هذا التطور في الموقف من إيران, والتباين الذي اتسع أخيرا مع السعودية فيما يتعلق بالأزمة السورية, وهو أسلوب يشبه ما تسميه العامة “كيد النسا”, وكأن السيسي يريد أن يغيظ السعودية بتودده لخصمها الأول في المنطقة, وهي محاولة ابتزاز رخيصة للدولة التي طالما أمدت السيسي بالرز لمساعدته في تثبيت أركان الانقلاب.
ولكن ما الغريب في الأمر, فمن خان رئيسه وأمانته وقسمه, وقتل شعبه لا يؤتمن ويسهل عليه أن يخون من تحالفوا معه.
فالخائن الانتهازي تحكمه المصالح وإذا وجد مصالحه في جهة أخرى, ولى شطره نحوها على الفور.