المحلل السياسي إبراهيم درويش لـ ” علامات” : المقاومة أربكت الاحتلال واستنزفت موارده

ونحن نقترب من مرور عام على طوفان الأقصى تتسع ساحات المعركة وتزاداد ضراوة وكأنها قد بدأت لتوها ، فالساحة اللبنانية تدخل وبكل قوة في أتون مواجهة واسعة النطاق مع الاحتلال الصهيوني ، ليواجه الحرب الأطول زمنا والأشد ضراوة والأوسع نطاقا ، بينما يقف العالم مترقبا ما يمكن أن تؤول له هذه المعركة التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية وتدير مشاهدها بجدارة.

ومع اتساع دائرة المواجهة تتسع معها دائرة التساؤلات حول قدرة الاحتلال على مواجهة المقاومة اللبنانية ومدى تأثير ذلك على المشهد الإقليمي، لا سيما في قطاع غزة ؟، وهل ستكون الجبهة اللبنانية هي الأخيرة من جبهات القتال أم أنها ستشهد اتساعا في ساحات جديدة ؟ وهل ستتمكن المقاومة في لبنان من الاستمرار في التعاطي مع تطورات الحرب أم أنها ستسعى إلى تقديم تنازلات تقف معها عند حدود ما قبل السابع من أكتوبر؟

موقع ” علامات أون لاين”  التقى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني إبراهيم درويش، ليضع أمامه هذه التساؤلات وغيرها ويستعرض معه أبعاد هذا التصعيد وتقييمه لقدرات المقاومة فكان هذا الحوار:.

  • كيف تقيمون التصعيد الأخير بين المقاومة اللبنانية والاحتلال الصهيوني ؟ وهل تشير هذه التطورات إلى احتمالية دخول لبنان في مواجهة وحرب شاملة وطويلة ؟
  • من الواضح أن الاحتلال الصهيوني يعيش حالة من التخبط، وهو يحاول عبر التصعيد الحالي الهروب من إخفاقاته المتتالية في غزة ، ويسعى لإظهار قوته وقدرته على توسيع الجبهة في لبنان، وهو بذلك يحاول إقناع مستوطنيه بأنه لا يزال يمتلك زمام المبادرة ، إلا إن هذه المحاولة في حقيقة الأمر هي أحد انعكاسات فشله في تحقيق أي إنجاز ملموس في غزة، خاصة وأن جبهة الشمال (جنوب لبنان) تُثقل كاهله وتستنزف موارده.

و لذلك فالاحتلال لا يزال يخشى الدخول في حرب مفتوحة، وهو ما يظهر في محاولاته المتكررة لتجنب الصدام المباشر مع المقاومة رغم تطلعاته لإشراك الولايات المتحدة في هذه المعركة، إلا أن حسابات المقاومة وتكتيكاتها تمنع الاحتلال من التقدم ، كما أن الوضع السياسي في الولايات المتحدة، مع اقتراب الانتخابات، يلعب دورًا في تقليص فرص حدوث تدخل أمريكي واسع في المنطقة.

 

  • ما هي الدوافع الرئيسية وراء التصعيد الصهيوني الأخير تجاه لبنان؟ وهل هناك مؤشرات على أن الاحتلال قد يسعى لتوسيع المعركة لتشمل أكثر من جبهة؟
  • أعتقد أن الدوافع الأساسية خلف هذا التصعيد هي حالة الفشل والإحباط التي يعيشها الاحتلال بعد فشله في غزة ، فالاحتلال يحاول إيجاد مخرج لهذا الفشل من خلال نقل الصراع إلى لبنان، بهدف فك الارتباط بين المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية. إلا أن هذا المسعى فشل حتى الآن، وهو ما يفاقم حالة التخبط داخل الكيان الصهيوني ، إضافة إلى أنه يسعى لإعادة ترتيب أوراقه على المستوى الإقليمي. إلا أن هذه المحاولة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها قدرة المقاومة على إدارة المعركة واستنزاف جيش الاحتلال دون الدخول في مواجهات واسعة.

 

  • هناك من يرى أن المقاومة في لبنان مرتبكة في التعامل مع الحدث وأنها فقدت المبادرة عندما تراخت في توجيه ضربة استباقية لقوات الاحتلال ، فما هو تقييمكم لاستعدادات المقاومة اللبنانية في هذه المرحلة ؟ وكيف ترون إمكانياتها في مواجهة الاحتلال؟

 

  • تاريخيا المقاومة اللبنانية تمتلك قدرات عسكرية كبيرة كما أنها تمتلك القدرة على المناورة الاستراتيجية في مواجهة الاحتلال الصهيوني ، وباستعراض ما حدث في حرب تحرير الجنوب اللبناني في عام 2000 وحتى حرب 2006، فالمقاومة ألحقت هزائم قوية بالاحتلال، وأعتقد أن إمكاناتها خلال هذه المرحلة أكثر تطورا وباتت أكثر استعدادا وخبرة كما أعتقد أن لديها قدرة على استنزاف العدو في أي مواجهة مقبلة ، وهو ما يعلمه الاحتلال تمامًا ولذلك فهو يركز على استهداف المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان بدلًا من الدخول في مواجهة مباشرة مع مقاتلي المقاومة.

 

  • هل تعتقدون أن الوضع الحالي في لبنان قد يؤثر على إحداث نوع من التهدئة على ساحة المقاومة في غزة ؟

 

  • لا شك أن هناك ترابط كبير بين جبهات المواجهة مع الاحتلال وهناك تأثير وتأثر واسع بينهما فأي تصعيد في إحدى الجبهات ينعكس على الأخرى ، والاحتلال يدرك تمامًا هذا التأثير وهو ما يجعله في موقف صعب حيث يحاول تفكيك هذا الترابط ،  لكن من الواضح أن هذا الهدف بعيد المنال بالنسبة له ، ولذلك فإنه من المتوقع أن تستفيد المقاومة الفلسطينية من التصعيد في لبنان  ، بما يعزز من فعالية المقاومة في مواجهة الاحتلال ويزيد من الضغوط عليه.

 

  • التوقعات كانت تشير إلى مشاركة أوسع من إيران وانخراط في المعركة ، إلا أنه من الواضح أن هناك حسابات لدى إيران دفعتها لتقليل تأثيرها في المعركة ، فكيف ترون هذا الأمر الآن ومستقبلا ؟
  • الدعم الإيراني للمقاومة يأخذ أشكالًا مختلفة، سواء عبر تقديم الدعم المالي أو اللوجستي أو حتى العسكري ، وأعتقد أن إيران ترى في هذا التصعيد فرصة لتعزيز موقفها الإقليمي وفرض نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة.

 

  • ولكن ألا ترون هذه التوقعات تنحو باتجاه التفاؤل المفرط ، فمن غير المتوقع أن يقابل الاحتلال الصهيوني المقاومة بهدوء بل من المتصور أن يراهن الاحتلال على مزيد من التصعيد بمزيد من التدخل الأمريكي والدولي في الحرب .. فما رأيكم ؟
  • ربما يسعى الاحتلال للحصول على دعم أكبر من القوى الدولية أو الولايات المتحدة، لكن مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، يبدو أن واشنطن غير مستعدة للدخول في حرب جديدة قد تؤثر على حساباتها الداخلية ، لذا فأعتقد أن الاحتلال قد يجد نفسه مضطرًا للتراجع أو تغيير استراتيجيته، خاصة إذا ما استمرت المقاومة في فرض معادلاتها وتكتيكاتها.

ورغم ذلك يمكننا أن نرى تدخلًا دوليًا محدودًا كمحاولة لتهدئة الأوضاع، لكن في الوقت الراهن، لا يبدو أن هناك نية لتدخل كبير ، فالأوضاع الإقليمية والدولية المعقدة تجعل أي تدخل مباشر أمرًا مستبعدا.

 

  • ربما يكون هذا التوقع حال بقاء المواجهات على وتيرتها الحالية ، ولكن ماذا لو تطورت الأحداث بشكل أكبر ، فهل تعتقدون أن مثل هذه التطورات قد تغير من المعادلات السياسية الإقليمية ؟
  • ردود الأفعال الدولية حتى الآن تتسم بالحذر، فالقوى الكبرى لا ترغب في تصعيد غير محسوب العواقب ، ومع ذلك، إذا استمر التصعيد وزادت فعالية المقاومة، فقد يعيد الاحتلال النظر في بعض المعادلات السياسية ، خاصة تلك المتعلقة بالكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة ، كما أن المعركة ليست عسكرية فحسب ، بل هي أيضًا سياسية، وكل طرف يحاول إعادة ترتيب أوراقه وفق التطورات الميدانية. لكن ما يبدو واضحًا هو أن المقاومة نجحت حتى الآن في فرض معادلات جديدة، وإرباك الاحتلال على أكثر من جبهة.

 

 

شاهد أيضاً

ميدل إيست آي: وقف إطلاق النار في غزة يعني أن إسرائيل هزمت في الحرب

قال ديفيد هيرست، في مقال له بموقع “ميدل إيست آي”، إن وقف إطلاق النار في …