ربما تشهد الساعات القادمة الدفع بمتظاهرى 30 يونيه إلى الخروج فى الشوارع والميادين للمطالبة بمنع تنفيذ تسليم جزر البحر الأحمر التى تنازل عنها السيسي إلى السعوديينو بموجب معاهدةٍ باطلةٍ تخالف دستوره, أبرمها معهم مؤخرًا.
بالطبع فإن تلك التظاهرات ستلقى رواجًا كبيرًا فى الشارع المصرىِّ على المستوى الشعبىِّ بعيدًا عن أىِّ انتماءٍ حزبىٍّ أو سياسىٍّ لكونها ترفع شعار الحفاظ على التراب الوطنىِّ، وسيمتد صداها من هذا المنطلق دافعًا بمختلف القوى الثورية المناوئة للنظام الحالىِّ إلى الانخراط فيها، الأمر الذى سيسمح برفع سقف المطالب إلى حدِّ المناداة برحيل السيسي.
عند تلك النقطة سيعلن الجيش ـ كما فعل من قبل ـ انحيازه للمطالب العادلة التي ترفعها حشود الجماهير المتظاهرة معتبرًا أن تظاهراتها التى تملأ الميادين والشوارع تمثل ثورةً شعبيةً حقيقية تحوز شرعية التغيير.
كالعادة سيؤدي قادة الجيش التحية العسكرية للثورة الجديدة إيذانًا ببدء مرحلةٍ جديدةٍ يتولى الجيش ـ بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ ـ تحديد معالمها ورسم خارطة الطريق لها فى الحدود التى تسمح ـ فقط ـ باستبدال رأس النظام فحسب مع الإبقاء على كل الدولة العميقة التى انضمت إلى اللحمة الوطنية واكتسبت الصبغة الثورية وأصبحت من ذوى الاستحقاقات الثورية.
ولن تسمح المؤسسة العسكرية بأىِّ أصواتٍ تنادى بشرعيةٍ تعارض أو تتناقض مع الشرعية الثورية الوليدة التى سيعتبرون أن حلولها يَجُبُّ ما قبلها، ومن ثم فإن المطالبة بعودة الرئيس الشرعي المنتخب ستواجَه بدعوى أن شرعية الثورة الجديدة نسخت شرعيته وحلت مكانها.
وباندلاع الثورة الموجهة سيعلن العسكر بطلان وعدم نفاذ تنازل السيسي للسعوديين عن جزر البحر الأحمر ليُقنِع الثوار أن المؤسسة العسكرية هى الوحيدة القادرة على حفظ التراب الوطنىِّ وتأمين حدود الوطن، ومن ناحيته سيعلن الجانب السعودىُّ رضوخه للمطالب المصرية حفاظًا على علاقاته الطيبة مع مصر ليُكسِب العسكر نصرًا وهميًا وبطولةً زائفةً يتفاخرون بهما أمام الشعب أجيالًا قادمةً.
أعتقد أن الخطة التى تشترك فيها السعودية مع قادة العسكر تحت إشرافٍ دولىٍّ للانقلاب على السيسي واستبداله بسيسي آخر قد اتضحت معالمها، وإن لم تنجح تلك الخطة فإن المتآمرين سيخرجون منها وقد ربحت السعودية وإسرائيل جزر البحر الأحمر.
يبدو أن التاريخ كما تصنعه الملاحم والثورات تصنعه ـ أيضًا وبالتوازى ـ الخيانة والمؤامرات .
الحل الوحيد لإفشال تلك الخطة هو إخراج الجيش نهائيًا من أيةِ معادلةٍ سياسيةٍ أو أىِّ تحركٍ ثورىٍّ قادمٍ وعدم السماح لقادته ـ ثانيةً ـ بتوجيه الحراك الشعبىِّ أو الالتفاف عليه، ويجب العمل على رفع الوعىِّ الثورىِّ إلى الدرجة التى لا تسمح بممارسة أىِّ نوعٍ من التضليل والخداع لسرقة أية مكتسباتٍ ثوريَّةٍ تتحقق على الأرض، وإلا ستضيع جزر البحر الأحمر وسيناء وأرض مصر كلها إذا استمر الوضع على ماهو عليه.
…………….
رئيس محكمة المنصورة الابتدائية – مصر