فضيحة كبيرة ارتكبها وفد من علماء السلطان العرب، وغيرهم، ممن يقيمون علاقات جيدة مع النظام الشيوعي في الصين ويحاربون الحركات الاسلامية، حيث زاروا إقليم شينجيانغ المسلم (تركستان الشرقية) الواقع تحت الاحتلال الصيني؛ ليباركوا قمع المسلمين هناك ويعتبروا ما تفعله الصين معهم “محاربة للإرهاب”!!
وبدلا من التضامن مع المضطهدين، وكشف الفظائع التي تقع على مسلمي الصين في الإقليم، استخدمتهم الصين كلعبة في الدعاية لها وإخفاء جرائم إبادة المسلمين، وأشادوا بدور الصين في “مكافحة التطرف والإرهاب” حسبما أكد موقع “إنسان للإعلام”.
الزيارة التي تمت في يومي 8 إلى 9 يناير 2023، نظمتها هيئة مشبوهة تابعة للإمارات تسمي “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة”، بدعوة رسمية من الصين، وشارك فيها قرابة 30 من هؤلاء العلماء المحسوبون على أنظمة عربية معادية للتيار الإسلامي.
ورأس وفد العلماء، الإماراتي علي راشد النعيمي، الذي دافع عن التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، وبرر في بيان، مزاعم الصين بأن حملتها ضد الإيغور “هي جزء من سياستها لمكافحة الإرهاب في مقاطعة شينجيانغ”.
وضمن الوفد رجال دين موالين للحكومات، من البحرين ومصر والسعودية وتونس والإمارات ودول أخري، وكان بينهم أسامة الأزهري، المستشار الديني لعبد الفتاح السيسي الذي زار إقليم شينجيانغ وأثنى على جهود الصين في “مكافحة التطرف” و”إعادة صهر كل القوميات في ثوب واحد ونسيج واحد” ما أثار انتقادات مصريين.
وقد انتقدت كافة الجهات المعبرة عن مسلمي الصين (الإيغور) هذه الزيارة المشبوهة واستغربوا تبييض علماء السلطان العرب لسجل الصين القمعي ضد المسلمين.
لكن خبراء نوهوا إلى أن دور مجلس الإمارات الذي نظم الزيارة هو دعم قمع دول العالم للأقليات المسلمة، وإذابتها، وهو ما تفعله الصين وفرنسا وغيرها، وذلك ضمن دور أكبر لهذا المجلس، هو محاربة التيارات الإسلامية وخاصة نفوذ جماعة الإخوان في الخارج وإدارتها هيئات إسلامية للأقليات، كما فعلت الإمارات في الداخل العربي.
تفاصيل الزيارة
زار الوفد المُشكل من 30 عالماً مسلماً من 14 دولة، تابعين لـ “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة” مقاطعة شينجيانغ بدعوي الاطلاع على انجازات الصين فيما يخص إدماج المسلمين في المجتمع، برغم الانتقادات الدولية لجرائم الصين ضدهم.
زار مدينة أورموتشي، ومدينة ألتاي، ومدينة كاشقار، واحتفت وسائل الإعلام الحكومية الصينية، بزيارة الوفد لمواقع مختلفة في إطار جولة متعددة.
وزعمت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية الرسمية، 9 يناير 2023 أن زيارة الوفد الإسلامي هدفها “فهم واضح وأفضل للمنطقة على عكس حملة التشهير التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين”
ونقلت عن رئيس الحزب الشيوعي في منطقة شينجيانغ، أن وفد علماء المسلمين يدعم موقف الصين بشأن القضايا المتعلقة بشينجيانغ، في مواجهة الدول الغربية التي تنشر الشائعات مثل الولايات المتحدة لزرع فتنة بين الصين والدول الإسلامية.
وقد أكد صحفيون إماراتيون مرافقون للوفد الإسلامي تعاطفهم مع حكومة الصين ضد قرابة 52 “هجومًا إرهابيًا” وقعت بين من عام 1990 إلى عام 2016 (قام به ثوار تركستان الشرقية الداعين للاستقلال) ووصفوا ذلك بأنه “إرهاب كأفلام الرعب”!
وقال الشيخ أسامة الأزهري للصحيفة الصينية: إن “معرض الإرهاب” كشف لهم “جرائم الإرهابيين وأظهر جهود الحكومة الصينية والشعب الصيني لمكافحة الإرهاب”
وكان الوفد زار ما يسمي ” متحف مكافحة الإرهاب والتطرف” في الإقليم ذي الغالبية المسلمة، كأنهم يدعمون وصم المسلمين هناك بالإرهاب، والذي يضم ثلاثة أجنحة تزعم بكين أنها تبرز جهودها في مكافحة الإرهاب والتطرف.
كما حضر “العلماء” عروضا للرقص في مدينة كاشغر وأبدوا سعادتهم باستقبالهم بالآلات الموسيقية ورقصة “سنم” الإيغورية الشعبية، ما دفع نشطاء للتعليق ساخرين: “هل يرضي هذا ربنا؟”، و”هل الرقص والهوى من تعاليم الاسلام؟!!”.
ونشر نشطاء إماراتيون تغريدات بصيغة واحدة عن سعادتهم بالمشاركة في وفد العلماء لإقليم شينجيانغ في الصين؛ بدعوي “اكتشاف مكونات المجتمع الصيني وعلى رأسها قومية الإيغور المسلمة”!.
وبعد هجوم قادة الإيغور على زيارة وفد العلماء وانتقاد نشطاء لهم بأنهم سعوا لتلميع صورة الصين وإدانة إخوانهم المسلمين في الصين، غرد مستشار السيسي أسامة الأزهر بعد الزيارة بأسبوع، محاولا إظهار حرص الوفد على الاستماع للمسلمين.
كتب على صفحته علي فيسبوك يؤكد أن هدف الزيارة “تفقد لحوال أشقائنا المسلمين، في مقاطعة شينجيانج في الصين”، “ودفعا لأي أذى يمكن أن ينال واحدا منهم”، و”حرصا على الوجود المصري والأزهري في قضايا المسلمين حول العالم”
قال، 17 يناير 2023 إنهم طلبوا من المسؤولين الصينيين أن يرى الشباب المسلم هناك حرص الدولة على حماية معتقدهم وشعائرهم التي يغارون عليها، كما طالبوا المسلمين هناك بالبر بوطنهم والحفاظ عليه
لكن قبل هذا، وفي مقابلة مع قناة “العين” الإخبارية الإماراتية، قال الأزهري، 9 يناير 2023: إن “الزيارة “حاسمة لتبادل الخبرات في مكافحة الإرهاب، وإعلاء قيم المواطنة”
أضاف أن “هدف الزيارة “إعادة صهر كل القوميات الموجودة في مقاطعة شينغيانغ في ثوب واحد ونسيج واحد، وإعلاء قيم المواطنة”، وهو نفس هدف الحزب الشيوعي الصيني بتذويب مسلمي الصين في الهوية الصينية عنوة وترك دينهم.
وسبق أن قامت مصر عام 2017 بالقب على طلاب مسلمين صينيين يدرسون في الأزهر وقامت بترحيلهم للصين كي يجري تعذيبهم.
وكان بيان لمنظمة “الإيجور لحقوق الإنسان”، 10 يوليو 2017،ـ أكد أن “السلطات المصرية تقوم بإجبار الطلاب على التوقيع على وثائق تفيد بانتمائهم لجماعات متطرفة بطلب حكومة بكين التي اتهمتهم بالإرهاب لتبرير ترحيلهم للصين”
أكد أنه تم احتجاز ما لا يقل عن 200 من الأويغور، غالبيتهم من الطلاب الدارسين في الأزهر في المطاعم والمطارات أثناء محاولتهم الفرار إلى دول أكثر أمانًا.
دعاية تخدم الصين
رد “المؤتمر العالمي للإيغور”، في بيان يوم 10 يناير 2023، على الزيارة وانتقد بشدة زيارة هذا الوفد للصين وسعيه لتلميع قمع المسلمين، واعتبر الزيارة “دعاية تخدم الصين”
قال: إن 30 عالماً مسلماً من 14 دولة ذات أغلبية مسلمة، تابعين لـ “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة” زاروا مقاطعة شينجيانغ “لتبرير القمع الصيني”
وانتقد “دولكون عيسى”، رئيس المؤتمر العالمي للأويغور، تبرير رئيس الوفد “النعيمي” في بيان صحفي عن الزيارة، حملة الصين ضد الإيغور بأنها “جزء من سياستها لمكافحة الإرهاب في مقاطعة شينجيانغ”!
أكد في تصريحات لموقع “ميدل إيست آي البريطاني، 11 يناير 2023، أن مشاركة المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في هذه الزيارة الدعائية، وترديد رواية الحكومة الصينية بأنه “أمر مشين”، لأنه “يردد رواية الحكومة الصينية”
أوضح أن الصين غالباً ما تستخدم ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير تجريم “الممارسات والمظاهر العادية والقانونية للمسلمين، مثل اللحية أو الحجاب وحيازة المصاحف”
قال “عيسى”: إن هؤلاء العلماء كانت لديهم فرصة خلال زيارتهم لإقليم شينجيانغ لطرح أسئلة حقيقية حول المعاناة الفعلية للإيغور، وإدانة الإبادة الجماعية الحالية علانية، وإظهار أنهم كممثلين للمجتمع الإسلامي العالمي يهتمون بمسلمي الإيغور”، لكنهم لم يفعلوا.
وانتقد الناشط الإيغوري “عبد الولي أيوب” من ولاية كاشغر، مشاركة علماء من السعودية والبوسنة خصوصا في هذه الرحلة لـ “تبييض” جرائم الصين ضد مسلمي لأن السعودية هي أرض الحرمين، كما أنهم جمعوا الأموال للبوسنيين حين كان يجري التنكيل بهم من الصرب.
أيضا انتقد بيان أخر لـ “اتحاد علماء تركستان الشرقية” زيارة وفد المجلس العالمي للصين، ودعاهم لمعرفة حقيقية ما يجري من قمع ووضع المسلمين في معسكرات اعتقال وغسيل عقولهم لإبعادهم بالقوة عن دينهم وعدم الترويج للدعاية الصينية.
أكدوا أن هدف الزيارة “تجميل” وجه النظام الشيوعي الذي يقمع المسلمين، وأنهم كانوا سيرحبون بزيارة علماء المسلمين لمناطق المسلمين لو زاروا معسكرات الاعتقال الصينية، ولم يسيروا على برنامج أعدته الحكومة الشيوعية لخداعهم.
وأوضح الاتحاد أن من قاد وأشرف على زيارة العلماء هم موظفو الأجهزة الأمنية الصينية، وأكد أن زيارتهم كانت مراقبة بالكامل، منتقدين مشاركة هؤلاء العلماء في تصوير الشعب المسلم الصيني على أنهم “إرهابيين” لأنهم يطالبون بحقوقهم
أيضا انتقدت “الرابطة الأمريكية الإيغورية” على تويتر زيارة وفد العلماء للصين للترويج للقمع، مؤكدة أنهم كانوا يتمنون أن يستمع أعضاء الوفد لمسلمي الإيغور، ويسمعوا عن حرب “الإبادة الجماعية” أو “الجرائم ضد الإنسانية”، لكنهم لم يفعلوا.
كما نشر موقع “ملفات شرطة شينجيانع” نحو 3 آلاف صورة شخصية لمسلمي الإيغور المحتجزين هناك، بالإضافة إلى آلاف الوثائق التي تثبت ضلوع السلطات الصينية في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق مسلمي الإيغور، لبيان الانتهاكات.
وكشف الموقع -بتفصيل دقيق وغير مسبوق-مجموعة من الوثائق والمعلومات والبيانات الخاصة باستخدام بيكين ما تسميها “معسكرات إعادة التأهيل” والسجون الرسمية بوصفهما نظامين منفصلين، ولكنهما متوازيان للاحتجاز الجماعي للإيغور.
مباركة الاضطهاد
وقد هاجم عدد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفد العلماء الذي زار الصين واتهموه بتبرير قمع المسلمين بدل نصرتهم.
حيث اتهم الحقوقي المصري بهي الدين حسن قيام هؤلاء العلماء بمباركة اضطهاد المسلمين في الصين باعتباره مكافحة للتطرف والارهاب!
وانتقد الشيخ حامد العلي زيارة 30 ممن يطلقون على أنفسهم علماء مسلمين تركستان الشرقية وإشادتهم بسياسات ما تسمّيه الصين “مكافحة الإرهاب” والاستماع للمسؤول الشيوعي الصيني أن شعب الإيغور المسلم إرهابي.
مجلس ضد الإخوان
تأسس ما يسمى “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة”، يوم 10 مايو 2018، في الإمارات، ويرأسه الشيخ على راشد النعيمي، وحضر التأسيس مئات من نحو 140 دولة، بحسب صحيفة “الاتحاد” الإمارتية.
يزعم المجلس، أن هدفه هو دعم المسلمين في البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة وحمايتهم “فكرياً وروحياً ومن التمييز العنصري أو التطهير العرقي”
لكن الناشط السوري الدكتور معتز الخطيب، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بقطر، علق على نشأته واصفا هدف المجلس الإماراتي الجديد بأنه “يستهدف الوجود الإسلامي في الغرب والتحكم بمستقبل مسلميه”.
أوضح أن” أبو ظبي تسير وفق خطة شاملة، ليس لتصفية النشاط الإخواني عربيًّا وأوروبيًّا فقط، بل تسعى إلى تشكيل سياسات وأفكار وتكتلات متنوعة جدًّا للتحكم والسيطرة”
أكد أن استهداف الإمارات الوجود الإسلامي في الغرب جاء لأنه “المجال الذي هيمن عليه الإخوان لعقود وأنشأوا كيانات ومؤسسات ومجتمعات مسلمة استلزمت التأصيل لخطاب ديني يواكب ذلك كله من خلال اتحاد المنظمات الإسلامية والمجلس الأوروبي للإفتاء وغيرها”
ونوه الدكتور “الخطيب” إلى أن طموح المجلس الإماراتي الرسمي الجديد يشمل تجديد الخطاب الدیني، وهي عبارة مبتذلة للغاية، وتدبير الشأن الدیني كالإمامة والإفتاء والتعليم، وإعداد وتهيئة القيادات الإسلامية في الغرب.
وحذر أن هذا المجلس يهدف إلى التنسيق مع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية، “والسعي إلى إعلان عدم شرعية منظمات بعينها”
كما يسعى للمطالبة بحلّ كلِّ مؤسسات وجمعيات يرى أنها “تدعو إلى الكراهية أو تروج مضامين إرهابية أو تسوق الإفتاء إلى أغراض حزبية مجافية للدين الاسلامي ومصالح عموم أبناء الأقليات المسلمة”
وشدد الدكتور “الخطيب” على ضرورة “رسم خريطة للشخصيات التي تسير في فلك هذا المجلس الجديد وجغرافيتها، لأن المرحلة القادمة ستكون عسرة، ومسألة خنق الحريات والتمكين للاستبداد بصوره أصبح مُعَولمًا بسلطتي المال والسياسة والنفوذ”
وجزم بأن “هناك دومًا شخصيات ومجموعات مهيأة للقيام بدور الأداة المنفذة”
ويُعرف موقع “المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة” نفسه بأنه بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة.
ويزعم أن دوره هو “إدماج المجتمعات المسلمة في دولها” ما يعني قبوله بذوبان الأقليات المسلمة في ثقافات الدولة الغربية والآسيوية العلمانية.
كما يزعم أن هدفه “تحرير المسلمين في المجتمعات المسلمة من التبعية للتيارات والحركات الفكرية والفقهية والأحزاب السياسية العابرة لحدود الدولة الوطنية، التي تحول دون اندماجهم في مجتمعاتهم الجديدة”، في إشارة واضحة لجهود تنظيمات إسلامية فاعلة مثل جماعة الإخوان المسلمين في الغرب
مُرفق واحد • تم الفحص من قِبل Gmail.
ردإعادة توجيه |