كتلة المستقبل تنتقد الخارجية وتعتبرها ملحقة تابعة لحزب الله وإيران
كاتب لبناني : هية المليار دولار هي من المال الخاص للملك الراحل عبد الله
حركة الاستقلال:حزب الله يضرب مصالح لبنان تنفيذاً للأجندة الايرانية
في توقيت بالغ التعقيد على المستوى الأقليمي، فاجأت المملكة العربية السعودية الجميع بالإعلان عن وقف مساعداتها لتسليح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، بسبب “المواقف اللبنانية المناهضة للمملكة على المنابر العربية والاقليمية والدولية في ظل مصادرة “حزب الله” لارادة الدولة”، في إشارة إلى مواقف الخارجية اللبنانية في إجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي عقد مؤخراً في القاهرة، وفي إجتماع وزراء منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في جدة.
وتتواصل تداعيات قرار السعودية بوقف الهبتين المقدمتين لتسليح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والمقدرة بنحو 4 مليارات دولار منها مليار خصصها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز قبل وفاته، حيث أحدث القرار إجماعاً لبنانياً على إدانة مواقف ميليشيا “حزب الله”، وسط مطالب باستقالة الحكومة، على وقع دعوات إلى الانتفاضة على مصادرة “حسن نصر الله” للقرار اللبناني، وتحرير لبنان من احتلال “حزب السلاح الفارسي”، في حين أعربت كلٍ من الإمارات والبحرين عن تأييدهما لقرار السعودية بمراجعة علاقاتهما مع لبنان.
اجتماع طارىء
و اعتبرت “كتلة المستقبل” النيابية بزعامة “سعد الحريري” أن قرار السعودية هو “قرار سيادي ولا يمكننا إلاّ احترامه”، إلا إنها لفتت إلى أن “هذا القرار أتى نتيجة الاستهانة والاستخفاف بالمصلحة الوطنية اللبنانية من قبل وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل والتنكُّر لتاريخ السياسة الخارجية المستقرة والمعتمدة من قبل لبنان في علاقاته مع الدول العربية الشقيقة، المبنية على أساس انتمائه العربي وعلاقات الأخوة التي تربطه بها”.
وفي بيان أصدرته إثر اجتماعها الطارئ برئاسة رئيس الكتلة “فؤاد السنيورة”، أكدت أن “ارتكابات وزارة الخارجية اللبنانية مست بداية بعروبة لبنان وانتمائه الحاسم للعالم العربي والذي عبر عنه اللبنانيون في وثيقة الوفاق الوطني وفي الدستور”.
ولفتت إلى الخطيئة الأولى التي ارتكلبها “باسيل” في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ليمضي باقتراف خطيئة أكبر في اجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية في جدة، تمثلت بالخروج عن الإجماع العربي وكذلك الاسلامي وتعريض مصالح لبنان للخطر الشديد وقبل ذلك وبعده تصرفت الخارجية اللبنانية وكأنها ملحقة بمكتب العلاقات الخارجية لحزب الله وإيران”.
واعتبرت أن “الاستهانة وسوء التقدير والتصرفات غير المسؤولة والحملات الإعلامية غير الأخلاقية والتهجم المسف التي ارتكبتها قيادات حزب الله بحق السعودية وبحق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج العربية والدول العربية قاطبةً، تسببت بالأزمة التي وصلنا إليها، وأدت الى التفريط بمصالح اللبنانيين في العالم نتيجة تهور حزب الله ومغامراته غير المسؤولة والبعيدة عن مصالح لبنان واللبنانيين وعمله على تعطيل الهبتين السعوديتين منذ الاعلان عنهما”.
وتمنت على السعودية أن “تعيد النظر في قرارها، مؤكدةً على أن مكانة المملكة والشعب السعودي الشقيق راسخةٌ لدى الكثرة الكاثرة من اللبنانيين في الأعماق بعيداً عن محاولات القلة المتنكرة للأخلاق والوفاء والانتماء والتي تحاول التأثير على هذه العلاقات الراسخة”.
خدمة محاور إقليمية
من جهته، قال زعيم تيار “المستقبل” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في بيان: “تلقى اللبنانيون بمشاعر الأسف والقلق، قرار السعودية في خطوة غير مسبوقة من المملكة، رداً على قرارات متهورة بخروج لبنان على الإجماع العربي، وتوظيف السياسة الخارجية اللبنانية في خدمة محاور إقليمية، على ما جرى في اجتماعي وزراء الخارجية العرب والدول الإسلامية”.
ورأى أن لبنان “لا يمكن أن يجني من تلك السياسات، التي أقل ما يقال فيها أنها رعناء، سوى ما نشهده من إجراءات وتدابير تهدد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين، الذين يشكلون طاقة اقتصادية واجتماعية، يريد البعض تدميرها، تنفيذاً لأمر عمليات خارجي”.
وأكد أن المملكة وإلى جانبها كل دول الخليج العربي، لم تتأخر عن دعم لبنان ونجدته في أصعب الظروف، في كل المجالات، فيما ينبري “حزب الله” وأدواته، لشن أقذع الحملات ضدها، مستخدمة كل ما تنؤ به الأخلاق وموجبات الوفاء والعرفان، للنيل من المملكة ورموزها”.
ثورة على “حزب الله”
كما أشار عضو كتلة “المستقبل” النائب “أحمد فتفت” إلى أن التحالف مع ايران والتحالف الفارسي على كل مصالح لبنان في المنطقة، وأنه لأول مرة تصل العلاقات اللبنانية العربية إلى هذا المستوى المتدني جداً في تاريخ لبنان، وهذا يناقض كل ما يقال عن عروبة لبنان، وهذا يؤكد أن حزب الله تخلى عن عروبته والتحق بالمحور الفارسي، واليوم يجب ان تتحرك الحكومة وتحدد السياسة الخارجية التي يريدها لبنان واللبنانيون، وارسال وفد وزاري للخارج لتوضيح موقف لبنان، والمطلوب انتفاضة على سيطرة حزب الله.
بدوره خاطب النائب محمد كبارة الحكومة: “إقفلوا الحدود مع سوريا في وجه كل العصابات المسلحة وبالإتجاهين، وعاقبوا من جير سياسية لبنان الداخلية والخارجية لأعداء العرب. هكذا، وفقط هكذا، يتوقف العقاب العربي، لا بالمناشدات والاستجداء والتمنيات الكاذبة. العقاب السعودي الخليجي هو نتيجة حتمية للسياسات اللبنانية الرسمية التي أبقت البلد تحت احتلال حزب السلاح الفارسي، ولم تشاركه في إدارته بل أدارت البلد لحساب قوة الإحتلال”.
وشدد على أن “العقاب السعودي – الخليجي هو حق سيادي لأشقائنا في الخليج، يدافعون به عن مصالحهم وعن أمنهم واستقرارهم الوطني والقومي، ولا يكفي أن نقول نحن عرب، بل يجب أن تؤكد ممارساتنا أننا عرب. ممارساتنا ناقضت انتماءنا العربي، لذلك يعاقبنا العرب”.
القادم أعظم
كذلك ، اعتبر وزير الداخلية “نهاد المشنوق” أن الإصرار على مخالفة الاجماع العربي عزل للبنان وقرار السعودية أول الغيث والآتي أعظم.
ودعا سلام الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لمناقشة سياسة لبنان العربية والاسلامية والخارجية ، مستنكراً استمرار محاولات البعض تحويل لبنان نحو سياسة “بعيدة كل البعد عن تاريخه ودستوره وتتنكر لهويته العربية وتتناقض مع مصالحه الوطنية والحيوية”.
كما حمّل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “حزب الله مسؤولية خسارة لبنان ملايين الدولارات جراء تهجمه الدائم على السعودية”.
ودعا الحكومة إلى “الالتئام والطلب رسمياً من “حزب الله” عدم التعرض للمملكة، وتشكيل وفد برئاسة الرئيس سلام لزيارة السعودية والطلب منها إعادة العمل بالمساعدات”.
مطالب باستقالة الحكومة
من جانبه طالب عضو “اللقاء الديموقراطي” النيابي “مروان حمادة” باستقالة الحكومة فوراً لكف يد وزير الخارجية في ما يتعلق بعلاقاتنا العربية ومصالح لبنان الحيوية، التي أضر بها”.
وقال: “إن حكومة لا تحترم بيانها الوزاري بالنأي بالنفس عن النزاعات العربية والإقليمية، تغطي أفعال “حزب الله” الإجرامية على الأرض السورية وإساءاته المستمرة لعلاقاتنا العربية”.
إلى ذلك، رأى رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوّض أن “مرة جديدة تثبت هذه الحكومة صحّة موقفنا من تشكيلها. فالمشاركة مع “حزب الله” في حكومة واحدة في غياب الاتفاق السياسي المسبق ولو بالحد الأدنى، جعل من هذه الحكومة الأسوأ في تاريخ لبنان، لأنها تحوّلت “حكومة شلل” لا “حكومة عمل”، وحكومة تقاسم “مغانم” لا حكومة شراكة، وبات وجودها يشكل خطراً على اللبنانيين على كل المستويات”.
ولفت معوض إلى أن “خوف اللبنانيين اليوم، في حال لم تبادر الحكومة، بكل مكوناتها، إلى تحّمل مسؤولياتها وإعادة رأب ما تصدّع في العلاقات العربية،أن تتخذ الدول الخليجية المزيد من الخطوات التي قد تكون نتائجها كارثية على اللبنانيين، وخصوصاً على مئات الآلاف من العاملين على أراضيها، وعلى تحويلاتهم الى لبنان، ما قد ينعكس تراجعاً إضافياً وخطيراً على اقتصادنا الوطني”.
وشدد معوض على أنه “وإزاء هذا التطوّر الخطير،المطلوب من القيادات اللبنانية، وتحديدا من قيادة “حزب الله”، أن تكف عن ضرب مصالح لبنان وعلاقاته الخارجية تنفيذاً للأجندة الإيرانية. وعلى الحكومة اللبنانية أن تبادر الى عقد جلسة طارئة لتحديد سياسة لبنان الخارجية، والتأكيد بكل مكوناتها أن لبنان سيبقى جزءا من الإجماع العربي أياً تكن الظروف”.
انتحار وتدمير ذاتي
وتوصلت ردود الفعل اللبنانية على قرار المملكة العربية السعودية وقف المساعدات العسكرية للجيش وقوى الأمن الداخلي، مناشدة المملكة وقيادتها «إعادة النظر» بالقرار. ونددت بـ «التصريحات المسيئة والمدمرة لعلاقات لبنان التاريخية مع السعودية ودول الخليج العربي».
فأعرب الرئيس أمين الجميل في حديث الى اذاعة «صوت لبنان 100.5«، عن تخوفه من «أن يدفع اللبنانيون في الخليج ثمن الغضب السعودي«، معتبراً أن «الواقع الذي نعيشه اليوم لم يشهده لبنان على مدى تاريخه، والمواقف المتخذة في لبنان هي من نوع الانتحار والتدمير الذاتي، وكأننا نصر على الإضرار بمصالح لبنان وتقديم كل المصالح الخارجية على حساب المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب اللبناني«.
و دعا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في تصريح، جميع الفرقاء اللبنانيين الى مراجعة ما حصل، والتنبه الى «خطورة اطلاق المواقف التي تسيء الى لبنان وعلاقاته التاريخية مع الاخوة العرب وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، وتبعده عن الاجماع العربي الذي يشكل مظلة أمان واستقرار يحتاج اليهما لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى».
وناشد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح، قيادة المملكة «إعادة النظر بقرارها، وهي التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان في أصعب الظروف وأقساها خصوصاً في مرحلة الحرب الأهلية وبعد إنتهائها وأثناء العدوان الإسرائيلي في العام 2006 حيث كان لها مساهمات كبرى في إعادة الإعمار».
وأكد أن “الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختلفة بحاجةٍ ماسةٍ الى هذا الدعم لا سيما أنها بذلت وتبذل جهوداً إستثنائية لحفظ الأمن والإستقرار من نهر البارد إلى طرابلس إلى الحدود فضلاً عن كشف المخططات الإرهابية والشبكات التجسسية التي كانت ترمي إلى زعزعة الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي”.
وذكر الأمين العام لـ «المجلس الاسلامي العربي« العلامة محمد علي الحسيني في بيان، بأن «المساعدات السعودية طوال الأعوام الماضية، انت تتم من أجل دعم الدولة اللبنانية والمؤسسات الشرعية فيها وذلك المحافظة على الانتماء والعمق العربي والدولي للبنان والحيلولة دون إنزلاقه نحو حضن نظام ولاية الفقيه في إيران وهاوية الكانتونات والصراعات الحزبية والطائفية وتجييش الطوائف، وخير دليل اتفاق الطائف والذي على أساسه انتهت الحرب الأهلية في لبنان وعاد لبنان موحداً».
وأكد رئيس المكتب السياسي لـ «الجماعة الاسلامية» في لبنان النائب السابق أسعد هرموش في تصريح، إلى أن القرار السعودي «يأتي ليكشف عن الهوة القائمة بين لبنان والدول العربية نتيجة الممارسات الخاطئة في السياسة الخارجية، ما ألحق أفدح الضرر بحق الوطن والمواطنين ويؤشر لتطورات مفاجئة على المستوى الاقتصادي والمالي ومصالح العاملين اللبنانيين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي».
تأييد خليجي
وفي التداعيات أيضاً، أعربت كلٍ من الإمارات والبحرين الجمعة عن تأييدهما لقرار السعودية بمراجعة علاقاتهما مع لبنان،حيث أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات العربية المتحدة عن تأييدها الكامل لقرار المملكة العربية السعودية بإجراء مراجعة شاملة للعلاقات مع الجمهورية اللبنانية، وقرارها بوقف مساعداتها بتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبنانية، على خلفية المواقف الرسمية للبنان في المحافل العربية والإقليمية في الآونة الأخيرة، وآخرها عدم إدانة الاعتداء الإيراني على سفارة وقنصلية المملكة في إيران.
وفي البحرين، أعلنت مملكة البحرين تأييدها للقرار. وأوضحت أنه “يهدف أن لا يقع اللبنانيون أسرى لإملاءات حزب الله”،وقالت إن “حزب الله الإرهابي بات متحكماً في القرار الرسمي اللبناني”، معربةً عن أملها بأن “تعيد الدولة اللبنانية حساباتها وتردع حزب الله”.
في المقابل، أرجع حزب الله اللبناني قرار السعودية “وقف الهبات” إلى معاناة المملكة من أزمة مالية خانقة بسبب النفقات في الحرب في اليمن.
واعتبر أن “تحميل حزب الله المسؤولية عن القرار السعودي سببه مواقفه السياسية والإعلامية في دعم اليمن الشقيق وشعب البحرين المظلوم “، بحسب زعمه.
الاعتداءات الإسرائيلية
وبرزت أهمية المساعدات السعودية, بعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة علي لبنان منذ العام 1978, وحتي العام 2006, فضلاً عن دعم وتمكين الجيش اللبناني لمحاربة الإرهاب, وكان آخرها هبة المليار دولار التي أعلنت المملكة عن تقديمها إلي لبنان, بعد هجمات تنظيمي “داعش” و”النصرة” علي بلدة عرسال الحدودية مع سوري في شرق لبنان, وأسفرت عن احتجاز أكثر من 25 جندياً لبنانياً لد التنظيمين.
وأسهم الدعم السعودي في إيجاد نحو 100 ألف فرصة عمل لعدد كبير من اللبنانيين علي مدي العقود الماضية في السعودية, وهو الأمر الذي شكل مصدر دعم كبير لأعداد كبيرة من العائلات الللبنانية التي انتقلت للعمل والسكن في السعودية.
وإضافة إلي الهبات المادية والعينية ساهمت الممملكة في إعادة سكة الحياة إلي لبنان 1989 عبر رعاية اتفاق الطائف الذي انتهت بموجبه الحرب اللبنانية والاقتتال الداخلي.
ويعد التواصل إلي هذا الاتفاق برعاية سعودية, مساعدة سياسية ووطنية بهدف انهاء المحنة الداخلية “آنذاك”, ووضع لبنان علي طريق التعافي بواسطة طريق دعم قيام الدولة, وإعادة إحياء مؤسساتها, وحيث عمل اللبنانيون علي إعادة صياغة ميثاقهم الوطني, وأكدوا علي صيغة العيش المشترك فيما بينهم, والتي يقوم عليها لبنان وهي الأساس في سلمه الأهلي.
وعلي مدي سنوات كانت المملكة السعودية تساعد لبنان علي النهوض إثر الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في حروبها ضد لبنان, وكان آخرها في عام 2006, حيث تبرعت السعودية عقب الحرب الإسرائلية علي لبنان, بمبلغ إجمالي بلغ 746 مليون دولار, وفي مسعي منها لإقامة لبنان في التحديات التي كان يوجهها, وهو المبلغ الذي كان يمثل نسبة 63 في المائة من مجموع المساعدات التي قدمت للبنان من باقي الدول, وهي المساعدات التي مكنت لبنان,من إعادة إعمار وترميم أكثر من 55 ألف وحدة سكنية.
وتوزعت أبواب الإنفاق من المساعدات المقدمة من السعودية في عام 2006، على الإغاثة العاجلة بنحو 50 مليون دولار، وإعادة إعمار 208 قرى وبلدات في الجنوب اللبناني بقيمة 293 مليون دولار، وإعادة إعمار أبنية منها 36 عقارا في الضاحية الجنوبية بإجمالي 32 مليون دولار، وإعادة إعمار البنى التحتية ومشاريع إنمائية بقيمة 175 مليون دولار في كل لبنان، ودعم قطاع التعليم لكل اللبنانيين بـ84 مليون دولار، ودعم الجيش وقوى الأمن بنحو 100 مليون دولار، ومساعدات اللاجئين الفلسطينيين القاطنين في مخيم نهر البارد بنحو 12 مليون دولار.
وفي أوخر عام 2013 أعلنت السعودية عن التبرع بثلاثة مليارات دولار، لإعادة تجهيز الجيش اللبناني، بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان، ومن ثم بادرت مرة أخرى، وأعلنت عن مساعدة الجيش والقوى الأمنية، بمبلغ مليار دولار أمريكي، وأوكل خادم الحرمين الشريفين وقتها وهو الملك عبدالله بن عبد العزيز، رئيس الوزراء سعد الحريري للإشراف على الإنفاق بالتعاون مع الحكومة اللبنانية».
ورثة الملك عبدالله يتنصلون!
وفي مقال بصحيفة السفير للكاتب اللبناني محمد بلوط تحت عنوان :” ورثة الملك عبدالله يتنصلون من «المليار».. والحريري مُحرَج” ..قال الكاتب: لولا البيان الصادر عن وزارة الداخلية اللبنانية السبت الماضي، لما كان معلنا، ولا معروفا، أن هبة المليار دولار السعودية للبنان، غداة اقتحام عرسال وأسر العسكريين، قد ماتت، على مسافة قريبة من وفاة صاحبها الملك عبدالله بن عبد العزيز.
ومضى يقول: هكذا، وبسطرين مقتضبين، انهت وزارة الداخلية الرحلة الطويلة للهبة السعودية الثانية ذات المليار الواحد لمكافحة الارهاب. النعي ورد عرضا في بيان خصصته الوزارة السبت الماضي، لتعليل إلغاء عقود لتجهيز مطار بيروت تقنيا، بانقطاع التمويل المقرر لها عبر الهبة السعودية الثانية، وتوقفها «لاسباب تتعلق بالواهب» من دون ان توضح ماهيتها، فيما كان ينبغي أن يصدر الاعلان عن الرئيس سعد الحريري، الذي حضر خصيصا الى بيروت يوم الجمعة في الثامن من آب 2014، للاعلان من السرايا الكبيرة بأنه يحمل هبة المليار المخصصة «لمواجهة الارهاب»، بعدما وضعها الملك عبدالله في عهدته شخصيا، وليس في عهدة الحكومة اللبنانية، من أجل تجاوز الاجراءات البروتوكولية، وبالتالي التفاهم على آلية سريعة لصرفها، وفق احتياجات المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية.
وتساءل بلوط: ماذا عن «الأسباب التي تتعلق بالواهب» لتعطيل هبة المليار؟
وقال: ينبغي البحث عنها في الخلافات المتفاقمة داخل الاسرة الحاكمة في السعودية حول من ينبغي له ان يمول «الهبة»، سواء من المالية العامة السعودية، او من ورثة الملك الراحل عبدالله.
وفي المعلومات، أنه عندما توفي الملك عبدالله في الثاني والعشرين من كانون الثاني الماضي، جرى حصر ارثه المقدر بـ ٣٨ مليار دولار، وقد تبين ان نصف المبلغ قد جرى تخصيصه، بقرار من الملك عبدالله قبل وفاته، لمؤسسة الملك عبد العزيز العالمية للاعمال الانسانية. كما تبين انه كان قد مول هبة المليار، تحت اشراف الرئيس الحريري، من ماله الخاص، وليس من المالية العامة، وهو ما تدفع به المالية العامة السعودية في معرض تبرير قرارها القاضي بالتوقف عن تمويل الهبة.
ووفق معلومات «السفير»، فان الورثة يطالبون المالية العامة بتعويضهم المبالغ التي صرفت في اطار هذه الهبة. وهناك سجالات فقهية وشرعية تدور في المحاكم السعودية بهدف تحديد الجهة السعودية التي ينبغي ان تمول عقود التسلح التي ابرمها لبنان، علما انه عندما تمت الاستعانة برئيسالديوان الملكي السابق خالد التويجري اعطى جوابا يصب في خانة إلزام ورثة عبدالله بتمويل الهبة وليس الديوان او وزارة المال!.
وكانت رحلة «المليار» قد بدأت في آب ٢٠١٤، عندما اضاف الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز هبة عينية من مليار دولار، الى هبة المليارات الثلاثة لتجهيز الجيش اللبناني في تشرين الثاني ٢٠١٣عن طريق الفرنسيين حصرا. على هذا الأساس، عاد سعد الحريري فجأة الى بيروت، ليبدأ في ظلال الهبة الجديدة حملة سياسية واعلامية، بدا معها وكأنه رئيس الوزراء الفعلي، حيث كان يجتمع بقادة الاجهزة الامنية والعسكرية، ليخص كل قطاع بحصة من المليار الذي كان الواهب السعودي قد وضعه تحت عنوان «مكافحة الارهاب»، تعويضا عن تعثر هبة المليارات الثلاثة وتأخر تسليح الجيش اللبناني، في ساعات معركة عرسال الحرجة مطلع آب ٢٠١٤.
وأضاف الكاتب: بحسب المعلومات المتوفرة لـ»السفير»، لم تتجاوز الاعتمادات الحقيقية التي تم صرفها من المليار دولار اكثر من ٣٠٠ مليون دولار، فيما كانت اللوائح الاولى لتوزيع الهبة المفترضة، قد رصدت أكثر من ٥٠٠ مليون دولار للجيش اللبناني، ٢٥٠ مليون دولار للامن الداخلي، و١٥٠ مليون دولار للامن العام، ونحو ٥٠ مليون دولار لجهاز امن الدولة. وكان الامن العام الأسرع بين المؤسسات اللبنانية في تمويل العقود التي اقترحها (110 من 150 مليون دولار)، اذ استطاع بعد شهرين من انطلاق الهبة، تنظيم مناقصات وإبرام عقود، وتمويل مشاريع إعادة التجهيز، وأبرزها جواز السفر البيومتري.
وأنفقت الحكومة اللبنانية ما يقارب ١٢٠ مليون دولار على مؤسسة قوى الأمن الداخلي وأجهزتها. ودفعت ١٠ ملايين دولار من الاعتماداتالمرصودة للجيش، دفعة اولى لتمويل عقود تجهيز وتسليح رئيسية مع الولايات المتحدة.
لكن الجيش اللبناني سيكون اول من يدفع ثمن اضمحلال الهبة، بتجميد بعض العقود التي تم توقيعها لتمويلها من المليار دولار.