ظاهرة غريبة تشهدها مصر منذ سنوات، ورغم خطورتها على تلاميذ وطلبة المدارس، وأولياء الأمور، والمواطنين، إلا أن الجميع لاسيما المسئولين لا يلقون لها بالا.
العادة السيئة باختصار هو ارتباط أكوام القمامة بالمدارس والمعاهد، فالمدقق يلاحظ أن أسوار المدارس تحولت إلي نقاط لتجميع القمامة، فلا يكاد تخلو مدرسة في الجيزة والقاهرة الكبرى تحديدا من تلال حول أسوراها.
“خد شنطة الزبالة وارميها عند سور المدرسة”.. جملة طالما تكررت على مسامع الأطفال من أمهاتهم، ما يعكس خطورة الصورة الذهنية التي تعلقت عند المواطنين عن المدارس، وكأن المدارس تحولت من ساحات تعليمية إلى أماكن للقمامة وما يستتبعه ذلك من تجمات للحيوانات وبعض الطيور مثل (أبو قردان) فضلا عن الزبالين؛ وجامعي القمامة الذين يقومون بفتح أكياس القمامة ويأخذ كل واحد ما يهتم بجمعه من بلاستيك أو معادن أو غيره, ويترك باقي القمامة دون أكياس.
أضرار القمامة
تحذر وزارة الصحة من خطورة القمامه بقولها إن بقايا الطعام تشكل سمومًا تتغلغل بدورها مع مياه الأمطار إلى جوف الأرض وتلوث المياه الجوفية التي تشكل مصدرا لمياه الشرب, وبالتالي نشرب مياها ملوثة.
وتضيف أن القمامة تتسبب في تكاثر الحشرات كالبعوض، ويؤدي تراكمها لعفونة كما تعد مصدرا ومكانا مريحا لتواجد حيوانات وحشرات مختلفة تنشر الأمراض, مثل البعوض, والذباب والفئران. كما تنتج عنها غازات سامة وربما حرائق إذ تتكون داخل القمامة غازات مختلفة قابله للاشتعال, تسبب الحرائق، وكذلك عند حرق القمامة ينبعث منها الدخان والغازات السامة التي تلوث الهواء الذي نتنفس منه. رصدنا في تحقيقنا المصور.. ما يقرب من10 نماذج لمدارس مصرية بمنطقة الجيزة تثبت أن الأمر تحول إلي ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى, خاصة أننا وجدنا مدرسة واحدة من أصل 10 مدارس ليس أمامها قمامة.
معهد فصول الباشا الابتدائية
كما تمتد أكوام القمامة المتراكمة أمام أبواب المعهد على مسافات واسعة من شارع (المأمون) بروائحها المعهودة، وينتشر عمال النظافة يمينا ويسارا ولا يأتون بآخرها.
ويقول أحد عمال النظافة المتواجد صدفة لإزالة القمامة من أمام المعهد الساعة 10:30 صباحاً تقريبا إنهم يتولون مربع “شارع المحطة – مستشفي أمالمصريين- والبحر الأعظم” ويؤكد أنهم يرهقون يوميًا لإزالة أطنان الزبالة من أمام المدارس.
ويلقي العامل نفسه اللوم على المواطنين في إلقاء القمامة أمام المراكز التعليمية، قائلا: “الناس معفنين”، مبترميش غير قدام الأماكن “الكويسة” قاصدًا المدارس، في الوقت الذي يبرئ فيه نفسه وعمال النظافة بأنهم يؤدون واجبهم على أكمل وجه.
وعندما سألناه عن مدة العمل قال إنهم يبدئون الساعة (9 وينهون عملها الساعة 10) إلا أن أحد زملائه تدخل سريعا ونهره قائلا:”أيه اللي انت بتقوله ده إحنا بنبدأ الساعة 8 صباحا وبنخلص الساعة 2.. وهي مدة العمل الرسمية.
صادف حديثنا مرور مواطن أمام المعهد فشاركنا الحديث، ورأى أن هذه المشكلة مفتعلة بغرض “تطفيش طلبة المدارس من التعليم”، موضحا: “تيجي الطلبة تشوف المنظر فتقرف وتتسد نفسها ومتهتمش بتعليمها”.
شجرة الدر
تقع المدرسة بشارع رفعت الخرطةجنوب الجيزة، وبمجرد وصولك لبواب المدرسة تشعر أنك أخطأت المقصد، فأمام أبوابها عشرات الصناديق الحديدية الممتلئة بالقمامة عن آخرها، كما تفترش الأرض قمامة الشوارع الرئيسية للمدرسة.
يقول الحاج أحمد عبدالغني صاحب “مني ماركت” أمام المدرسة إن “سبب تركم القمامة هي عمال النظافة أنفسهم، موضحًا مقصده بأنهم يأتون في الصباح الباكر يأخذون ما في الصناديق، بعدها يجمعون “القمامة من الشوارع ويتركونها في الصناديق لتمتلئ مرة أخرى دون أن يرفعوها”.
ويؤكد عبدالغني أنه على علم بأن بعض عمال الزبالة يعملون لحسابهم الخاص، بأن يتركون عملها الحكومي صباحًا وتوجهون لجمع الزبالة من المنازل والبيوت بأجر.
الشرفا الجديدة
مدرسة تقع في قلب مساكن الجيزة “ساقية مكي” يتجمع خلفها جامعو “البلاستيك” بعرباتهم البالية، وعمال النظافة في آن واحد، ويتبادلون معا السلع المستخرجة من القمامة، ومصادفة وجدنا مواطن يصرخ فيهم ويقول كفاية كدة النهاردة مش طايقين الريحة.
واستشهدنا بحديث هذا المواطن المصري الذي أكد أن المواطنين “تعبت في الوصول لحل بسبب الزبالة المتراكمة خلف أسوار المدرسة”، موضحًا أن أهالي المنطقة قامت بعمل جنينة لتمنع مثل هذه العادة إلا أن المواطنين وجامعو القمامة كسروا الاشجار وتركوها وعادوا يلقون الزبالة مرة أخرى، حتى أنهم تركوا أفرع الأشجار باقية في مكانها حتى الآن ولم تزال من مكانها.
أحمد شوقي
مدرسة للمرحلة الإعدادية بنات لم نجد أمامها أكوام زبالة كما عهدنا من قبل مع المدارس الأخري إلا إننا وجدنا أسوراها محاطة بالسيارات البالية، وعمال “الدوكو ولحام السيارات” التي تتخذ من محيط المدارس مقارات لها لتصليح سيارتهم.
الصنايع بالجيزة
الوحيدة التي لم نرصد أمامها أي قمامة بمحيطها وتقع بشارع 6 أكتوبر، بمساكن الجيزة، وتقول سيدة كانت تجلس أمام بابها أن النظافة “بره وجوه”- حسب تعبيرها.
مدرسة الميدان
خلفها تتراكم آثار مقالب “الزبالة” التي رفعها العمال صباح اليوم، وتنتشر “القطط” للبحث عما تبقي من أطعمة متروكة على “الأرض”، وأمام بوابتها الرئيسة كوم قمامة صغير وكأنه علامة مميزة على أنها مدرسة.
مدرسة الأندلس الإعدادية بنات
تقع خلف شارع المحطة بالجيزة، ويحوطها سوق للخضراوات، ويتخذ الأهالي من سورها الخلفي “مقلب” ثابت للقمامة، ليس هذا فحسب بل عادة ما تنفجر “المجاري” في كوم القمامة المتواجد بصورة دائمة ما يضفي نوعًا من الخنقة وضيق التنفس على المارين نتيجة للرائحة الكريهة المنتشرة حول محيط المدرسة وخلف سورها.
مدرسة أبو بكر الصديق الرسمية للغات
يطلق عليها المواطنين موقف “الزبالة” نتيجة لتجمع العربات الحديدية الخاصة بالقمامة خلف سور المدرسة بشكل دائم، ويوميا ينطلق عمال النظافة من هذه النقطة لجمع القمامة في هذه المكان وتجميها في عربات القمامة الكبرة.
ويقول محمد أحمد خليل، المشرف المسؤول عن عمال النظافة في مربع “شارع محطة الجيزة- مستشفي أم المصريين- البحر الأعظم”، إنهم لا يقصرون في أداء عملهم وأن المشكلة جذرية تتعلق بسوء عادات المواطنين، وعدم توافر الأدوات اللازمة لتجميع القمامة بالشوارع.
ويؤكد أنه يرفع ما يقرب من 19 طنا من المربع المذكور يوميًا، عندما يبدءون عملهم الساعة 7 صباحًا إلي 2 مساء- على حد قوله.