نشرت صحيفة “لوتون” السويسرية تقريرا نقلت فيه حوارا مع الصحفي والكاتب التونسي حاتم النفطي الذي تحدث عن تدهور الوضع السياسي في تونس بعد انقلاب الرئيس قيس سعيّد على الديمقراطية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن تونس كان من المقرر أن تكون المثال الديمقراطي للعالم العربي. لكن بعد مرور 12 سنة على ثورتها، تجد البلاد نفسها مرة أخرى منغمسة في نظام استبدادي، فمنذ انقلابه سنة 2021 على الديمقراطية، أضعف الرئيس قيس سعيّد تقريبًا جميع الضوابط والتوازنات.
وفي كتابه “تونس: نحو شعبوية سلطوية؟”، يشرح النفطي هذه المفارقات، خاصة بعد الجدل الذي أثاره سعيّد في الأسابيع الأخيرة. ففي فبراير، أمر سعيّد بالاعتقال التعسفي للمعارضين ووصف الهجرة من جنوب الصحراء بأنها “عمل إجرامي نشأ في فجر هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس”.
وبالنظر إلى ما شهدته تونس منذ شهر من حالة اضطراب على خلفية تصريحات الرئيس المناهضة للمهاجرين، تساءلت الصحيفة عن سبب طرح هذه المسألة في هذا الوقت بالذات. ويوضح حاتم النفطي أن هذه التصريحات تأتي في وقت لم يعد فيه التونسيون يدعمون مشروع سعيّد. ويظهر تدني نسب التصويت على الدستور الصيف الماضي، ثم الانتخابات التشريعية الأخيرة في يناير الماضي، أن التونسيين توقفوا عن تأييد رؤيته مثلما كانوا في البداية. لذلك كان يجب على قيس سعيد أن يجد كبش فداء. في البداية، ركز اهتمامه على المعارضين مع سلسلة الاعتقالات التعسفية للنشطاء في فبراير، والآن يركّز على المهاجرين.
وفيما يتعلق بمدى احتمال أن يتبع قيس سعيّد استراتيجية ترامب، أشار النفطي إلى أن سعيّد يعتقد حقا أن مشاكل البلاد هي نتيجة مؤامرات خارجية وهو ما توضحه نسخته التونسية لنظرية “الاستبدال العظيم”، أو داخلية من خلال لوم النخبة الثرية على إفقار البلاد وجعل الناس يدفعون ثمن ثورتهم. وعلى مدى عشر سنوات، عانى التونسيون العواقب الاقتصادية للثورة والجائحة والتضخم. وفي مواجهة كل هذه المآزق، غالبا ما كانت العملية الديمقراطية تشبه “السيرك” في إشارة إلى التهريج الذي حدث في البرلمان، ما جعل التونسيين يتطلعون إلى جعل شخص ما يدفع الفاتورة.
وفي سؤاله عمّا إذا كانت تونس قد عادت إلى الوضع الذي كانت عليه في عهد بن علي، أجاب النفطي بأنه يشعر بأن البلاد تتجه نحو شيء أسوأ بكثير من نظام بورقيبة أو بن علي، وأن تونس تمر بمرحلة حرجة من نظام ديمقراطي إلى نظام ديكتاتوري. فقد أعلن قيس سعيّد حالة الطوارئ الاستثنائية أولا، ثم بدأ في تفكيك جميع الضوابط والتوازنات بطريقة منهجية: نزع الشرعية، والإسقاط، ثم الحل. وفي الوقت الحالي، يواجه الأشخاص الذين يُحاكمون بدوافع وهمية عقوبة الإعدام عدة مرات – وهو أمر لم يحدث حتى في عهد بورقيبة.
وأضاف النفطي: “سابقا، كنا في نظام الحزب الواحد وكانت السلطة بيد شخص واحد. يعتقد سعيّد أنه مكلف بمهمة أسطورية: يريد السيطرة على كل شيء حتى لو كان ذلك على حساب حكومته. لكونه شغوفا بفن الخط – فقد كتب الدستور بأكمله يدويًا – قرّر مؤخرا إنشاء مركز دولي للخط، بينما تواجه البلاد أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة”.