أثير جدل كبير حول قررت محكمة جنايات القاهرة أمس الأحد رفع أسماء 716 شخصًا من “قوائم الإرهاب”، بزعم الاستجابةً لطلب النيابة العامة، وفي إطار توجه الدولة لمراجعة “موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين”، حسب بيان للنيابة العامة.
وزاد الجدل وجود أسماء قيادات من جماعة الإخوان المسلمين في القائمة بعضهم حي يرزق وآخرون توفاهم الله، وزعم اعلام السلطة أن الإفراج تم بتوجيه من السيسي، ما أثار تساؤلات حول تلاعبه بقرارات القضاء، وسر حديثة لأول مرة عن “الحرص على أبنائه” بعدما قتل آلاف بعدما كان يصف الجماعة بـ “أهل الشر”.
حيث شملت الأسماء كلا من: يوسف ندا، وجهاد عصام الحداد، وبهاء الدين سعد الشاطر، وأمير بسام، ووجدي غنيم، والوزير الأسبق يحيى حامد، والإعلامي هيثم أبو خليل، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال عمر الشنيطي وشقيقه مصطفى الشنيطي، ورجل الأعمال وليد خميس عصفور.
ومن الأسماء المرفوعة من المتوفين: الشيخ يوسف القرضاوي، والسيد عسكر والسيد نزيلي ومسعود السبحي، وعبد الله نجل الرئيس الراحل محمد مرسي، ورجل الأعمال صاحب راديو شاك، علي فهمي طلبة.
وفي أعقاب نشر البيان، قالت قناة إكسترا نيوز إن القرار جاء “نتيجة توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي أفرجت النيابة بموجبها في السابق عن مئات المحبوسين، وطلبت بناء عليها من المحكمة استبعاد مئات من المدرجين على قوائم الإرهاب”
وأكدت أن السيسي “حريص على أبنائه ويفتح لهم صفحة جديدة للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم ويعيشون في أمان على أرضها”.
قرارات عميانية
وعقب الصحفي جمال سلطان علي القرار مستغربا قائلا: “طلب الأمن الوطني وضع مئات المصريين على قوائم الإرهاب، فوافقت النيابة على طلب الأمن الوطني “عمياني”.
ثم وافقت المحكمة على طلب النيابة “عمياني”، فدمروا حياة مئات البشر، بدون أي مستند ولا دليل، مجرد شعارات سياسية مجهلة، ولما طعن الضحايا على القرار أمام محكمة النقض، كان هذا نص حيثيات محكمة النقض في بيان الطريقة التي تدار بها الأمور هو:
(القرار المطعون فيه لم يبين بوضوح الواقعات والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والجرائم المسندة إلى كل منهم وينطبق عليها وصف الإرهابي ..، ولم يبين الأدلة أو القرائن الدالة على ذلك بيانا يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع التحقيقات أو المستندات أو التحريات أو المعلومات المعروضة عليه من النائب العام، واكتفى في ذلك كله بعبارات عامة معماة ومجهلة مما ينبئ عن أن المحكمة لم تحط بواقعة الدعوى وأدلتها الإحاطة الواجبة للفصل فيها على بصر وبصيرة).
ولفت سلطان إلى أنه تم تعميم الخبر الذي قامت “جهة سيادية” بتوزيعه على الصحف المصرية لنشره، منسوبا للسيسي بعد قرار رفع أسماء 716 مواطنا من قوائم الإرهاب، وجاء فيه أربع جمل تصدر عن النظام للمرة الأولى منذ يوليو 2013.
هي “حرص الرئيس على أبنائه”، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها السيسي عن المواطنين المعارضين بوصفهم “أبناءه” وليسوا “أهل الشر”، وحديثه عن “فتح صفحة جديدة” لهم، وهي إشارة لرغبة النظام في طي صفحة الماضي، وفق رأيه، و”الانخراط في المجتمع” كمواطنين صالحين”، التي اعتبرها سلطان “دعوة لوقف الانقسام الأهلي”.
وعبارة “يعيشون بأمان على أرضها”، في إشارة لوقف الملاحقات الأمنية والبطش والأحكام الجائرة، مع إشارته لتصفية موقف المحبوسين.
وقال سلطان: هذه لغة جديدة من النظام، وإشارات غير مسبوقة، وأعتقد أنه سيكون من المهم لقوى المعارضة المصرية، في الداخل والخارج، أن تتوقف عندها بالتحليل والتفكير، والنظر في “الموقف السياسي” الأمثل للتعامل معها.
وجاء حكم محكمة الجنايات، ردا على طلب من النيابة العامة برفع أسماء 716 شخصًا من قوائم الكيانات الإرهابية، زعمت فيه أن ذلك بعدما أثبتت التحريات الأمنية توقف المذكورين عن “أنشطتهم غير المشروعة ضد الدولة ومؤسساتها”، وذلك في إطار ما وصفه بيان النيابة، بـ “توجه الدولة بمراجعة موقف المدرجين على تلك القوائم، تمهيدًا لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي”.
ونوهت النيابة العامة إلى مراجعة موقف باقي المدرجين على تلك القوائم؛ تمهيدًا لرفع من يثبت توقف نشاطه.
سبب رفع الأسماء
ويقول الصحفي القضائي محمد بصل في صحيفة الشروق في تفسير القرار أن جزء من تفسير الموضوع هو أنه في مايو 2024 الغت محكمة النقض قرار إدراج كل المتهمين في قضية “تمويل الإخوان” وعددهم أكتر من 1500 شخص واعادت القضية لمحكمة الجنايات.
وقد نظرت النيابة العامة في أوضاعهم واجرت عليهم تحريات بعلم السيسي، والتحريات الجديدة اخرّجت 716منهم وقالت انه لم يعد لهم دور في القضية بحجة نبذهم الإرهاب، وهذه هي أسماءهم التي نشرت ومنهم اخوان.
أضاف أنه يجري حاليا تحريات على الباقين من الـ 1500 وهم 808 منهم اللاعب أبو تريكة، والتحريات الجديدة تمت ولكن لم يصدر قرار الجنايات بخصوصهم بعد.
وفي 18 مايو 2024 ألغت محكمة النقض حكم جنايات القاهرة بتمديد إدراج 1526 شخصًا، من بينهم الرئيس الشهيد محمد مرسي، ولاعب الكرة السابق محمد أبو تريكة، وقيادات بجماعة الإخوان من على قائمة الإرهابيين، لمدة 5 سنوات جديدة والتي تنتهي في أبريل 2028.
وقالت المحكمة في حيثيات ذلك الحكم إن قرار تمديد إدراج هؤلاء الأشخاص على قوائم الإرهابيين لم يبين بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم، والجرائم المسندة إليهم وينطبق عليها وصف الإرهابي، على نحو تتحقق به الوقائع المستوجبة لمد إدراجهم.
ووقتها قررت محكمة النقض إعادة الطلب المقدم من النيابة العامة بشأن مد إدراج هؤلاء الأشخاص على القائمة إلى دائرة أخرى بمحكمة الجنايات لنظره والفصل فيه.
ويذكر أنه في عام 2023 كان عدد المدرجين على قوائم الإرهاب قد بلغ 1526 شخصاً، ومع هذا القرار القضائي الجديد يتم رفع نحو نصف مدرجين على القوائم.
وحسب قانون تنظيم الكيانات الإرهابية، يترتب على رفع أسماء الأشخاص من قوائم الكيانات الإرهابية، عدة نتائج أبرزها انتهاء ووقف تجميد أموالهم ومنعهم من السفر.
ووفقا للقانون المصري، يتم فرض إجراءات على الأشخاص المدرجين على قوائم الارهاب تشمل مصادرة جوازات سفرهم وتجميد أصولهم المالية.
وتعليقاً على القرار القضائي، قال المنسق العام للحوار الوطني، رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية ضياء رشوان، لقناة “الحرة” بالقاهرة، إن القرار “يعكس مناخا عاما أكثر إيجابية في الملف الحقوقي، ويمثل أيضا تفاعلاً مع مبادئ الحوار الوطني الذي بدأ في الدفع بقضايا حقوق الإنسان منذ نحو عامين”.
وأشار رشوان إلى أن القرار القضائي “رغم استقلاله، يعكس إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير في قضايا الحريات وحقوق الإنسان، ويأتي في إطار توجه الدولة لمراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين”.
آخر تحريات للأمن الوطني!
والغريب أن صحيفة “الشروق” الخاصة نشرت اليوم الاثنين 23 نوفمبر 2024 ما قالته إنه “آخر تحريات للأمن الوطني” بخصوص الـ 808 المتبقين في القوائم قالت فيه:
“توصل قطاع الأمن الوطني في آخر محضر تحريات تكميلية في 14 أكتوبر 2024 بشأن الـ 808 متهمًا، إلى اضطلاع قيادات جماعة الإخوان الهاربة خارج البلاد بعقد عدة لقاءات تنظيمية اتفقوا خلالها على إعادة صياغة مخطط توفير الدعم المالي اللازم للجماعة”.
وذكر أمن الدولة أن “المخطط يستهدف استمرار تحركهم التنظيمي والحراك الثوري والمسلح للإضرار بالمصالح القومية للبلاد وأمنها الاقتصادي وذلك بعرض الانقلاب على النظام القائم بالبلاد وإعادة سيطرة الجماعة على مقاليد الحكم”.
وأضافت التحريات أن “الجماعة أعادت تشكيل ما يسمى “اللجنة المالية لإدارة أموال التنظيم من الخارج” لدعم تنفيذ المخطط، هي اللجنة التي تضم بعضويتها بعض من قيادات الجماعة الهاربين خارج البلاد التي اضطلعت بتقديم الدعم المالي لعناصر الجماعة بالداخل”.
وزعمت التحريات “تكليف بعض كوادر الجماعة المرتبطين بالداخل بتولي مسئولية تلقي ذلك الدعم لعناصر الجماعة عن طريق ما يتم تهريبه من الخارج أو عائد بعض الكيانات الاقتصادية والشركات التابعة للجماعة، واستغلاله في الإنفاق على الفعاليات التي تقوم بها عناصر الجماعة، وعلى أسر عناصرها المحبوسين والمحكوم عليهم بقضايا إرهابية”.
“وذلك من خلال محورين: (الأول) في تلقي مبالغ وتحويلات مالية من أعضاء اللجنة المالية خارج البلاد، وتهريب تلك المبالغ لعناصر الجماعة لاستغلالها في دعم نشاط الجماعة في تنظيم الفاعليات والتجمهرات، وكذا لتوفير الدعم المالي لعناصر اللجان الإعلامية والالكترونية التابعة للجماعة، وكذا لجان أسر المُضارين”.
و”المحور الثاني هو، إدارة الشركات والكيانات الاقتصادية التابعة للجماعة داخل البلاد بتأسيس بعض الشركات من الباطن وتسجيلها بأسماء آخرين”.
وأوضحت التحريات أن أعضاء الجماعة اضطلعت بالاتفاق معهم على تلك الشراكة مقابل حصولهم على نسبة من أرباحها، وذلك بهدف التحايل على قرارات التحفظ وإعادة توجيه أرباح تلك الشركات وفقاً للتكليفات الواردة من قيادات الجماعة بالخارج.
كيف بدأت القضية؟
ظهرت هذه القضية عام 2014 بإدراج 1529 شخصا على “قوائم الإرهاب والإرهابيين” منذ استحداثها بـ “قانون الكيانات الإرهابية”، وشملت التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر وسحب جوازات سفرهم ووضعهم على قوائم ترقب الوصول.
وأدى اتهام أبو تريكة في هذه القضية بتمويل جماعة الإخوان، ثم إدراجه على قائمة الإرهابيين بموجب قانون الكيانات الإرهابية، في بقائه خارج مصر في دولة قطر، كما تم التحفظ على أمواله السائلة والمنقولة والعقارية بمصر، شأنه شأن غيره من المتهمين بالقضية.
وفي عام 2018 ألغت محكمة النقض قرار الإدراج لأسباب مختلفة، فعدلت النيابة العامة الطلب.
لكن في أبريل 2018 قررت محكمة جنايات القاهرة إعادة إدراج جماعة الإخوان على قائمة الكيانات الإرهابية، وأيضًا إعادة إدراج أسماء الأشخاص المتحفظ على أموالهم من قِبل لجنة حصر وإدارة أموال الجماعة والذين سبق إدراجهم على قائمة الإرهابيين منذ 12 يناير 2017، وذلك لمدة 5 سنوات في قضية جديدة حملت رقم 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، يتم التحقيق فيها بناء على بلاغ مقدم من لجنة أموال الإخوان.
وتضمن القرار الصادر آنذاك 1529 شخصا من بينهم عددا كبيرا من الشخصيات العامة على رأسهم: أبو تريكة، ومساعدة رئيس الجمهورية السابق باكينام الشرقاوي، والإعلامي مصطفى صقر، والقاضي السابق وليد شرابي، بالإضافة إلى عدد كبير من قيادات جماعة الإخوان.
وبعد انتهاء الخمس سنوات من 2018 إلى 2023، نشرت الجريدة الرسمية قرارًا جديدًا لمحكمة جنايات القاهرة يإعادة أبو تريكة و1525 شخصًا آخرين من بينهم قيادات بجماعة الإخوان، على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات تبدأ من تاريخ صدور القرار أي حتى 2028.
وصدر ذلك القرار برئاسة المستشار مدبولي كساب بتاريخ 12 إبريل 2024 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 إبريل، بناء على طلب من النيابة العامة بمد القرار رقم 5 لسنة 2018 كيانات إرهابية والقرار رقم 5 لسنة 2018 إدراج إرهابيين، وذلك في القضية رقم 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.
وتضمن القرار الجديد أسماء متوفين منهم الرئيس محمد مرسي، والداعية المتوفى يوسف القرضاوي، حيث تمتد بعض الآثار المترتبة على قرار الإدراج إلى ورثتهما.
لكن في مايو 2024، قضت محكمة النقض بإلغاء قرار إدراج نجم الكرة محمد أبو تريكة و1525 شخصا آخرين بينهم قيادات لجماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهابيين، وإعادة الطلب المقدم لإدراجهم إلى دائرة أخرى بمحكمة الجنايات لنظره.
وترتبت على رفض النقض هذا القرار وإعادة القضية للجنايات (ووفقا لتوجيه السيسي كما قالت الصحف) مراجعة أوضاع المدرجين و”فتح صفحة جديدة مع أبناء الوطن الذين كفوا عن ممارسة أي نشاط إرهابي”، وفق ما نشرته الصحف.
واستبعاد 716 شخصا أبرزهم: القيادي يوسف ندا، الداعية وجدي غنيم، الوزير الأسبق يحيى حامد، الإعلامي هيثم أبو خليل، القيادي أمير بسام، بهاء الدين سعد الشاطر، جهاد عصام الحداد، الصحفي إبراهيم الدراوي، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال عمر الشنيطي وشقيقه مصطفى الشنيطي، ورجل الأعمال وليد خميس عصفور.
ومن الأسماء المرفوعة من المتوفين: الداعية يوسف القرضاوي، والقياديون السيد عسكر والسيد نزيلي ومسعود السبحي، وعبد الله نجل الرئيس الراحل محمد مرسي، ورجل الأعمال علي فهمي طلبة.