في أغسطس 2011 نشر المركز الأمريكي للتقدم تحقيقا متعمقا كشف أن اليمين المتطرف يقف وراء تصاعد ظاهرة التخويف من الإسلام في أمريكا، بل إنه فضح تلك المجموعة الصغيرة من خبراء التضليل الذين يواصلون العمل ليلا ونهارا لموافاة الملايين من الأمريكيين بمعلومات خاطئة عن الإسلام من خلال متعصبين ناشطين وفعالين وشركاء إعلاميين وتنظيم عميق الجذور. هذا النشر للكراهية والتضليل يبدأ في المقام الأول بخمسة أشخاص رئيسين ومنظماتهم التي تتلقى التمويل من مجموعة من مؤسسات كبيرة.
هناك خمسة خبراء يختلقون وقائع ومواد كاذبة يستغلها السياسيون والزعماء وجماعات القواعد الشعبية ووسائل الإعلام، هم:
- فرانك جافني Frank Gaffney بمركز السياسات الأمنية.
- ديفيد يروشالمي David Yerushalmi بجمعية الأمريكيين من أجل الوجود القومي
- دانيال بايبس ب Daniel Pipes منتدى الشرق الأوسط
- روبرت سبنسر Robert Spencer صاحب منظمة ’جهاد ووتش‘ و’منع أسلمة أمريكا‘.
- ستيفن إيمرسون Steven Emerson صاحب مشروع التحقيق في الإرهاب
هؤلاء يجوبون أرجاء الولايات المتحدة ويعملون لدى المجالس التشريعية أو يشهدون زوراً أمامها في مختلف الولايات طمعاً في أن يتم فرض حظر على تهديد ليس له وجود أصلاً؛ يتمثل في تطبيق الشريعة في أمريكا زاعمين أن الغالبية العظمى من المساجد في الولايات المتحدة إما تؤوي الإرهابيين الإسلاميين أو تتعاطف معهم.
وقد تم إدراج “التشريع النموذجي” لديفيد يروشالمي بحذافيره, وهو الذي يحظر تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية, في قوانين ولايات ساوث كارولينا وتكساس وألاسكا. كما أن الفيديو الذي سجله حول كيفية صياغة مشروع قانون لمناهضة الشريعة الإسلامية وأدواته على الإنترنت تم تداولها على كافة الأصعدة في أنحاء الولايات المتحدة.
الانتشار
تتمدد الحركة على نحو واسع ومؤثر في أكثر من (23) ولاية، على شكل مجموعات يسيطر عليها الخوف من الإسلام، وتجسدها بريجيت جبرائيل في منظمتها Act For America
وهناك كتاب ’أوقفوا أسلمة أمريكا‘ لمؤلفته بام جيلر، ومركز الحرية الذي أسسه ديفيد هورويتز، فضلا عن الجماعات القائمة مثل جمعية العائلة الأمريكية ومنتدى النسر.
وينتشر خبراء المعلومات المضللة في جميع أنحاء البلاد وكل أرجاء العالم، وكم أشاد بعملهم (ضمن آخرين) الإرهابي النرويجي المعروف أندرز بريفيك.
ولا يزال الساسة في الولايات المتحدة كعضو مجلس النواب بيتر كينج (عن الحزب الجمهوري – مدينة نيويورك)، وألين ويست (عن الحزب الجمهوري – ولاية فلوريدا)، وميشيل باكمان (النائبة عن الحزب الجمهوري – ولاية ماين) يظهرون عداوتهم للمسلمين كلما سنحت لهم فرصة وذلك بإعطاء معلومات مضللة عن الإسلام والمسلمين.
التأثير
هذه الشبكة الصغيرة تتولى كِبر حملات نقاش محلية وعالمية لها عواقب حقيقية سالبة على منابر الحوار العام وعلى المسلمين الأمريكيين. و في سبتمبر 2010، أظهرت نتائج استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست وشبكة إيه بي سي نيوز أن نسبة 49% من الأمريكيين لديهم نظرة سلبية عن الإسلام، فيما كانت هذه النسبة 39% في أكتوبر 2002، وهذا فارق كبير.
ما المهم في ذلك؟
تصيب هذه الهجمات بشكل مباشر صميم قضيتين مهمتين من القضايا الوطنية الأمريكية: نسيج وقوة الديمقراطية, والأمن القومي الأمريكي. يكفل الدستور الأمريكي حرية التدين للأمريكيين كافةً, والزعم بأن بعض الديانات ليست جزءًا من وعد هذه الحريات الأمريكية يمثل تحدياً مباشراً للأُمّة الأمريكية.
إن التأكيد على أن الغرب في حالة حرب مع الإسلام والمسلمين يُعدُّ واحدا من أكبر أدوات التجنيد والدعاية لتنظيم القاعدة، وهو ما يستغله زعماء القاعدة لجذب الجانحين إليه, وهذا يدعمه القائلون والمرددون على نحو يومي في الغرب إن جميع المسلمين إرهابيون، وإن كل من يمارسون شعائر الإسلام إنما يعرّضون أمن الولايات المتحدة للخطر.
في 22 يوليو 2011، زرع أحد الأشخاص قنبلة في مبنى حكومي بأوسلو مما أودى بحياة ثمانية أشخاص. وبعد ساعات، أطلق الشخص نفسه النار على 68 شخصا أغلبهم من الشباب والمراهقين فلقوا مصرعهم في الحال. وقد وقعت تلك الحادثة في معسكر للعمل الشبابي في جزيرة أوتويا بالنرويج.
اختلفت التكهنات حول الذين ارتكبوا أكبر مجزرة عرفها التاريخ النرويجي منذ الحرب العالمية الثانية. فالعديد من وسائل الإعلام الرئيسة، بما فيها صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست وذي أتلانتك، تنبأت بوجود علاقة لتنظيم القاعدة بالحادثة، وأنه ثمة دوافع “جهادية” تقف وراء تلك الهجمات. ولكن بحلول صباح اليوم التالي تبين أن منفذ الهجوم المهاجم شخص نرويجي أبيض، أشقر الشعر وأزرق العينين، يبلغ من العمر 32 عاما، يُدعى أندرز بريفيك, وأنه لم يكن مسلماً، بل مسيحي من المحافظين كما وصف نفسه.
ووفقا لمحاميه، فقد اعترف بريفيك بمسؤوليته عن الهجوم الذي وصفه بأنه عمل بشع ولكنه ضروري. وفي 26 يوليو، قال بريفيك أمام المحكمة إن العنف “ضروري” لإنقاذ أوروبا من الماركسية و”الأسلمة”. وفي بيانه الرسمي بالأهداف والدوافع، المكون من 1500 صفحة، أورد بريفيك أساليب هجومه بهدف إثارة الآخرين ودعوتهم إلى العنف المتطرف، وتوعد بتنفيذ “عمليات وحشية مرعبة ستؤدي لوقوع المزيد من الإصابات، بهدف “محاربة الاستعمار الإسلامي لأوروبا” على حد قوله.
الإرهابي النرويجي تلميذ للمتطرفين الأمريكيين
وقد اشتمل بيان بريفيك على العديد من الحواشي والاقتباسات من بعض المدونين والنقاد الأمريكيين، واصفاً إياهم بأنهم “خبراء في حرب الإسلام ضد الغرب”. وهذه المجموعة الصغيرة من المنظمات والأفراد المناهضين للإسلام والمسلمين غير معروفة بالنسبة لمعظم الأمريكيين، ولكن لها أثرا كبيرا في تشكيل محاور النقاش السياسي على الصعيدين الوطني والدولي. وقد عُرفت أسماؤهم داخل المجتمعات المحلية بأنهم ناشطون في محاربة الإسلام واستهداف المسلمين في الولايات المتحدة .
أورد بريفيك ـ على سبيل المثال ـ اسم روبرت سبنسر ومدونته ’جهاد ووتش‘ 162 مرة في بيانه. وسبنسر هو أحد خبراء المعلومات المضللة والمحرضة ضد المسلمين، وتعمل مدونة سبنسر على “متابعة محاولات الأًصوليين الإسلاميين لتدمير الثقافة الغربية”، كما أن يستضيف عضوا آخر من أعضاء شبكة التخويف من الإسلام في أمريكا، هو ديفيد هورويتز، في موقعه الإلكتروني “مركز الحرية”. أما باميلا جيلر، المتعاونة بشدة مع سبنسر، فقد ورد اسم مدونتها “أطلس شرغز” 12 مرة في البيان.
جيلر وسبنسر اللذان اشتركا في تأسيس منظمة “أوقفوا أسلمة أمريكا”، “تروج لأجندة تآمرية معادية للمسلمين تحت ستار مكافحة الأصولية”. وهذه المجموعة تسعى لإثارة المخاوف بتشويه صورة الإسلام وتصويره على أنه يعمل على تدمير “القيم الأمريكية”. واستنادا إلى الكم الهائل من الاستشهادات التي أورها سبنسر من كتابات هؤلاء الأشخاص، فمن الواضح أنه يقرأ ويعتمد على كتابات تفصيلية لأناس يتمتعون بأيديولوجية الكراهية والعداوة للإسلام، وحفنة مختارة من العلماء والناشطين الذين يعملون معا لخلق وتعزيز معلومات مضللة عن المسلمين.
ورغم أن هؤلاء المدونين والنقاد لا يتحملون وزر هجمات بريفيك، إلا أن كتاباتهم عن الإسلام يبدو أنها ساعدت على خلق رأي عام عالمي تولى كِبره هذا المسلح النرويجي، بأن الإسلام في حالة حرب مع الغرب، وأن الغرب في حاجة لمن يدافع عنه. وبحسب ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق ومستشار مكافحة الإرهاب مارك سيجمان “فإنه مثلما يكون التطرف الديني هو البنية التحتية التي أفرخت تنظيم القاعدة، فإن كتابات خبراء المعلومات المضللة المعادية للمسلمين هي البنية التحتية التي أفرخت بريفيك”. وأضاف بأن كتاباتهم قطعاً “ليست بدون مقابل”.
ومهما يكن من أمر، فإن هؤلاء ليسوا وحدهم الأعضاء في منظمة التخويف من الإسلام. ذلك أن بيان بريفيك أورد أيضا مؤسسات أخرى للفكر والرأي، مثل مركز السياسات الأمنية، ومنتدى الشرق الأوسط، ومشروع التحقيق حول الإرهاب؛ وثلاث منظمات أخرى. وتعمل هذه المجموعة المكونة من الأفراد والمنظمات المترابطة بعمق على المبالغة في تصوير تهديدات “الشريعة الزاحفة” للهيمنة الدينية على الغرب، والدعوات إلى العنف ضد غير المسلمين.
وجود هذه الشبكة من الكراهية ليس بالأمر الجديد في الولايات المتحدة, وقد تضاعفت قدرتها على التنظيم وتنسيق ونشر أفكارها من خلال المنظمات الشعبية كثيرا على مدى السنوات الـ10 الماضية.
وهذا كله يبدأ بتدفق الأموال من مجموعة معينة من المؤسسات والجهات المانحة الغنية التي تُعتبر شريان الحياة لشبكة التخويف من الإسلام في الولايات المتحدة، وهي التي توفر التمويل اللازم لمؤسسات الفكر والرأي اليمينية المتطرفة التي تبث الكراهية والتخويف من الإسلام والمسلمين عبر الكتب والتقارير ومواقع الإنترنت والمدونات، وتصوغ بعناية نقاط الحوار التي تستغلها المنظمات الشعبية المعادية للإسلام وبعض الجماعات الدينية اليمينية للدعاية لتحقيق تلك الأغراض.
المانحون السبعة الكبار
توفر بعض هذه المؤسسات والجهات المانحة الغنية أيضا التمويل المباشر للمجموعات الشعبية المعادية للإسلام. ووفقا لتحليلنا الموسع، نورد فيما يلي المساهمين السبعة الكبار في تعزيز عملية التخويف من الإسلام:
- صندوق كبار المتبرعون Donors Capital Fund
- مؤسسات ريتشارد ميلون سكيف
- مؤسسة ليند وهاري برادلي
- مؤسسات نيوتن د. وروشيل ف. بيكر للعمل الخيري
- مؤسسة روسل بيري
- صندوق الملاذ Anchorage الخيري وصندوق وليام روزنوولد العائلي
- مؤسسة فيربروك
وقد وفرت هذه المجموعات الخيرية السبع 42.6 مليون دولار لمؤسسات الفكر والرأي المعنية بالتخويف من الإسلام بين عامي 2001 و 2009.
ماذا يعني هذا صندوق المالي؟ هذه واحدة من حالات كثيرة؛ في شهر يوليو 2011، حذر الرئيس السابق لمجلس النواب نيوت جينجريتش ذو الاتجاه المحافظ حشدا من حزب المحافظين في معهد أميركان انتربرايز من أن ممارسة الشريعة الإسلامية تمثل “تهديدا قاتلا بالنسبة لبقاء الحرية في الولايات المتحدة وفي كل العالم كما نعلم, مدعيا أن” الشريعة الإسلامية في شكلها الطبيعي لديها مبادئ وعقوبات تتنافى تماما مع الغرب”.
والمعروف أن قوانين الشريعة الإسلامية تتضمن ممارسات مثل التبرع للأعمال الخيرية وأداء الصلاة وبر الوالدين، وهي تعاليم مطابقة تقريبا لتلك الواردة في المسيحية واليهودية. ولكن جينجريتش وغيره من المحافظين أثاروا الشبهات حول القرآن لدوافع سياسية ومالية وفكرية فاسدة. وفي تصريحات له، سخِر جينجريتش من لغة المحلل المحافظ اندرو مكارثي، الذي شارك في كتابة تقرير وصف فيه الشريعة بأنها “التهديد الشامل والأبرز في عصرنا هذا.” فمثل هذا التشابه في اللغة لم يكن وليد صدفة. فلننظر إلى هذه المنظمة التي قامت بنشر تقرير مكارثي الداعي لمناهضة الشريعة؛ وهو مركز السياسات الأمنية الذي يعتبر المحور الرئيس لشبكة المعاداة للمسلمين، والمروج النشط الذي ينشر الرسائل والخطب المحاربة للشريعة الإسلامية.
وفي واقع الأمر، فإن هذا المركز هو المصدر الرئيس الذي يمد السياسيين اليمينيين والنقاد والمنظمات الشعبية بسيل لا ينضب معينه من التقارير المشوهة لصورة الإسلام والمحذرة من مخاطر الإسلام والمسلمين الأمريكيين! وهو يعمل تحت إمرة فرانك جافني، ويتم تمويله من قبل مجموعة صغيرة من المؤسسات والمانحين لديها فهم عميق لكيفية التأثير على السياسات الأمريكية عبر التضخيم المتعاظم لمهددات الأمن القومي. وانضمت لمركز السياسات الأمنية منظمات أخرى مناهضة للإسلام في هذا العمل المربح، كمنظمة “وقف أسلمة أمريكا” و”جمعية الأمريكيين من أجل الوجود القومي”.
الكثير من قادة هذه المنظمات يتقنون فنون جذب اهتمام وسائل الإعلام، سيما قناة فوكس نيوز، وصحيفة واشنطن تايمز، ومجموعة متنوعة من المواقع الالكترونية اليمينية ومحطات البث الإذاعي.
أما خبراء التضليل ـ مثل جافني ـ فهم يقدمون المشورة ويعملون مع المنظمات اليمينية كممثلين لمنتدى أمريكا والنسر، وكذلك الجماعات الدينية اليمينية مثل “تحالف الإيمان والحرية” وجمعية الأسرة الأمريكية بهدف نشر رسالتهم. ويعمل هؤلاء على الطعن في الإسلام وبث الشبهات حول المسلمين الأمريكيين عبر الحديث في مؤتمرات تلك المنظمات والكتابة على موقعها الالكتروني، والظهور في برامجها الإذاعية.
ولعل الكثير من برامجهم الدعائية تتحول إلى حملات لجمع التبرعات, ومن ثم تقتحم تلك الأموال العملية السياسية وتساعد في دعم السياسيين الذين يطلقون إشارات التحذير المناهضة للإسلام ويرعون الهجمات ضد المسلمين.
هذه الجهود تذكرنا بأحلك حقب تاريخ الولايات المتحدة، والتي مورس خلالها أسوأ أنواع العنصرية والاضطهاد بحق الأقليات الدينية والعرقية من الكاثوليك والمورمونيين والأمريكيين اليابانيين والمهاجرين الأوروبيين واليهود والأفارقة الأمريكيين. ولسوء الحظ، فإن المسلمين الأمريكيين والإسلام, الفصل الأخير من الصراع الطويل في أمريكا ضد المحرقة القائمة على أساس الدين أو العرق، أو المعتقد.
وباستقراء الجهود الدؤوبة التي تقوم بها هذه المجموعة الصغيرة من الأفراد والمنظمات، نجد أن الإسلام بات الدين الأكثر سلبية في نظر الناس في أمريكا. أما الذين ينظرون للإسلام نظرة إيجابية فلا تعدو نسبتهم 37 %, وهي النسبة الأقل منذ عام 2001، فحسب الاستطلاع الذي أجرته قناة إيه.بي.سي/ صحيفة واشنطون بوست عام 2010، ووفقا لاستطلاع مجلة تايم عام 2010، فإن نسبة 28 % من الناخبين لا يعتقدون أن المسلمين مؤهلين للجلوس في المحكمة العليا للولايات المتحدة، وقرابة الثلث يرون أن أتباع الإسلام يجب منعهم من الترشح للرئاسة. فلا شك أن الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر وحدها ما كانت لتقود لمثل هذه الرؤى لدى الأمريكيين عن الإسلام والمسلمين.
من المهم جدا أن نفهم أن عزل الأمريكي المسلم عن المجتمع لا يهدد الوعود الأساسية بالحرية الدينية فحسب، وإنما يعوق كذلك جهود مكافحة الإرهاب.
في جميع أنحاء العالم، هناك أناس يقتلون باسم الإسلام، وهذا الأمر يعارضه معظم المسلمين. وفي الواقع، ففي معظم حالات التطرف التي تصدر عن الجيران أو أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء، فإن الجالية الأمريكية يصيبها جراء ذلك شيء من الاضطراب والحيرة والدهشة أن يعمم الحكم عليهم وتشملهم النظرة السالبة جميعا. إن التعامل مع المواطنين الأمريكيين والجيران المسلمين باعتبارهم جزء من المشكلة، وليس كجزء من الحل، ليس فيه اعتداء على القيم الأساسية الأميركية فحسب، بل إنه يعوق تماما مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
إن الجهود المتسقة والمنظمة التي تبذلها المنظمات والأفراد المذكورين في هذا التقرير تجعل من السهل على تنظيم القاعدة التأكيد بأن أمريكا تكره المسلمين، وأن المسلمين إنما يتعرضون للاضطهاد في جميع أنحاء العالم لمجرد أنهم مسلمون يمارسون شعائر دينهم.
ومن المحزن أن العزلة التي يعيشها المسلمون الأمريكيون حاليا تردد أصداء مرارات الماضي عبر تاريخ من المكارثية التطهيرية الانفصالية في حقبة الخمسينات إلى حملات ممارسة العنف في بعض الأحيان بحق المهاجرين عبر حملات وقعت في القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد عمد عمدة نيويورك مايكل بلومبرج إلى مقارنة حملة التخويف من المسلمين بذلك الشعور المعادي للكاثوليك في الماضي. وردا على محاولة لتشييد مساجد في منطقة جراوند زيرو Ground Zero (موقع مركز التجارة العالمي سابقا) بدعم من الرئيس أوباما، قال العمدة: في حقبة الـ1700، وحتى عندما أُقرت الحرية الدينية في أمريكا، فإن الكاثوليك في نيويورك منعوا من مزاولة شعائرهم الدينية، بل إن الكهنة كانوا يُعتقلون. ونتيجة لذلك، لم يتم إنشاء أسقفية كاثوليكية في مدينة نيويورك إلا في عام 1780، حيث شيدت إبرشية القديس سانت بيتر في شارع باركلي، على بعد مربع واحد إلى الشمال من موقع مركز التجارة العالمي، ومربع واحد إلى الجنوب من مشروع المسجد والمركز الاجتماعي المقترح. إننا نخون قيمنا ونصبح ألعوبة في أيدي أعدائنا إذا تعاملنا مع المسلمين بشكل مختلف عن الطريقة التي نتعامل بها مع غيرهم.
وهذا التقرير يسلط الضوء على شبكة التخويف من الإسلام التي تختلق وتنتج وتوزع وتشيع الخوف غير العقلاني من الإسلام والمسلمين.
ثمة كلمة واحدة نقولها عن مصطلح “الإسلاموفوبيا” أو التخويف من الإسلام. نحن لا نستخدم هذا المصطلح استخفافا أو هكذا دون وعي بمعناه. إننا نعرفه بأنه مبالغة في التخويف والكراهية والعداء نحو الإسلام والمسلمين، ما نجم عنه صورة نمطية سلبية كانت مدعاة إلى التمييز والتحيز والتهميش والإقصاء الاجتماعي للمسلمين من الحياة السياسية والمدنية في أمريكا.
إننا نرى أنه من أجل حماية الأمن القومي والتمسك بالقيم الأساسية لأمريكا، علينا أن نعود إلى الخطاب المدني القائم والمستمد من وحي الواقع فيما يخص التحديات التي نواجهها كأمة وكعالم. يجب أن يكون هذا الخطاب صريحا وصادقا، ولكن يجب أيضا أن يكون متسقا مع القيم الأمريكية التي تنادي بالحرية الدينية والمساواة أمام القانون، واحترام التعددية. والخطوة الأولى نحو تحقيق هدف الأمانة تتمثل في توجيه الخطاب المدني لفضح ومحاصرة وتهميش تأثير الأفراد والجماعات الذين أسسوا شبكة ’الإسلاموفوبيا‘ في أمريكا عن طريق العمل بهمة ونشاط من أجل زرع بذور الفرقة بين الأمريكيين وتقسيمهم إلى طوائف متناحرة يضرب بعضها رقاب بعض بسبب المعلومات الخاطئة والمضللة.
بتصرف من التقرير الذي أعده كل من وجاهة علي, وإيلي كليفتون, وماثيو دوس, ولي فانـغ سكوت كيز, وفيض شاكر وعنوانه بالإنجليزية: Fear, Inc.
The Roots of the Islamophobia Network in America
وهو موجود على موقع: www.americanprogress.org