رغم تواطؤ نظام عبد الفتاح السيسي مع الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة، إلا أن وسائل إعلام عبرية تشتكي من تعلق غالبية المصريين بفلسطين وكراهيتها للكيان الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية مقالا لكاتب مصري خانع للكيان، انتقد فيه ما وصفه بـ “ماكينة إنتاج الكراهية في مصر ضد الإسرائيليين”
وقال الكاتب محمد سعد خير الله -الذي تصفه جريدة “إسرائيل هيوم” بأنه محلل سياسي متخصص في شؤون الشرق الأوسط والحركات الإسلامية-إن “ماكينة مصر لإنتاج الكراهية ضد اليهود الإسرائيليين تعمل بلا كلل”.
وأضاف أن هذه الماكينة “تعمل على مدار الساعة، وبطريقة متطرفة وعنيفة، على الرغم من مرور أكثر من 45 عاما على توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، في 26 مارس 1979، بواشنطن”
وتابع: “سأقدم أربعة أمثلة لإثبات وجهة نظري بأدلة قاطعة، فكل المقتطفات التالية هي جزء من تصريحات رسمية مطولة”
الأزهر الشريف
قال “خير الله” في مقاله: “الأزهر هو المؤسسة الدينية الرسمية في مصر، ويوصف أيضا بأنه “قلعة الإسلام المعتدل في جميع أنحاء العالم”
وأوضح أن نفوذ الأزهر “يمتد إلى ما هو أبعد من الدول العربية إلى العديد من الدول الإسلامية، التي تعد آراءه مرجعا إلزاميا”
وأردف الكاتب: “على الرغم من أن الأزهر مؤسسة إسلامية سنية، فإن تصريحاته بشأن العداء لإسرائيل تتطابق تقريبا مع خطاب رجال الدين الشيعة في إيران”
ونقل الكاتب مقتطفا من بيان الأزهر في ذكرى عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، جاء فيه: “يأسف الأزهر الشريف أسفا بالغا من استمرار آلة القتل والدمار في غزة على مدار عام كامل”
وأضاف البيان أن الأزهر “يُدين بأقسى العبارات العدوان الإرهابي المتواصل الذي يمارس أبشع صور الإبادة الجماعية والمذابح التي لا تزال تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، مخلفةً آلاف الشهداء والجرحى، وسط صمت دولي مخجل وتخاذل عن تحمل المسؤولية تجاه هذه المأساة المستمرة”
وفي فقرة أخرى، كتبت المؤسسة: إن “الصمت والتخاذل الدولي ليسا إلا مباركة ومشاركة وتشجيعا للمحتل على مواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات بحق الأبرياء من شعب فلسطين المكلوم صاحب الحق والأرض”
كما نقل الكاتب فقرات من بيان آخر أصدره الأزهر بعد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يحيى السنوار، واثنين من مرافقيه
وجاء في البيان: “ينعى الأزهر الشريف شهداء المقاومة الفلسطينية الأبطال، الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فسادا وإفسادا، فقتلت وخرَّبت، واحتلت واستولت وأبادت”
وأوضح البيان أن هذا يجرى “أمام مرأى ومسمع من دول مشلولة الإرادة والقدرة والتفكير، ومجتمع دولي يغط في صمت كصمت الموتى في القبور، وقانون دولي لا تساوي قيمته ثمن المِداد الذي كُتبَ به”
وأضاف “خير الله” أنه في 18 أكتوبر، نشرت الصفحات الرسمية للأزهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يتحدث عن الصحابي صهيب بن سنان الرومي، الملقب بـ “أبي يحيى”، في تشبيه واضح بالسنوار، وفق الكاتب.
وكان عنوان الفيديو: “ربح البيع أبا يحيى، وربح بيع كل شهيد دافع عن وطنه وأرضه”
وأوضح المقال أن الأزهر أصدر تصريحات رسمية شبيهة، بشكل منتظم على مدار العام، كما أن صحيفة “صوت الأزهر” التي يشرف عليها مباشرة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، لا تتوقف عند إصدار عبارات تحريضية ضد إسرائيل.
بل إنها -وفق زعم المقال-تستمر في نشر الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة من اليهود، وتحتفي بأحداث 7 أكتوبر، وتصور جنود حماس كمقاومين أبطال.
وأكد الكاتب أن “الكثير من الجهات التابعة للأزهر تنفذ أوامر وسياسات الإمام الأكبر على الفور”
ويرى أن “هذه الجهات، التي يبلغ عددها حوالي 14 جهة، تسهم في إنتاج كم هائل من الكراهية بوسائل فعّالة وبدعم غير محدود من أطراف أخرى تفضّل الإبقاء على الكراهية المؤسسية بوضعها الحالي”
وزارة التربية والتعليم
أما المؤسسة الثانية التي عدها المقال إحدى أدوات نشر الكراهية في مصر ضد إسرائيل، فهي وزارة التربية والتعليم.
وقال الكاتب: “كان هناك ظهور إعلامي كارثي لمحمد عبد اللطيف، الذي أصبح وزيرا للتربية والتعليم في مصر، في 3 يوليو 2024، لكنه لم يلقَ اهتماما وسط زخم الأحداث”، (ربما في إشارة للقائه شيخ الازهر والحديث عن دور الدين في التعليم).
وبحكم منصبه، يشرف “عبد اللطيف” بشكل مباشر على أكثر من 25 مليونا و657 طالبا، وفقا لأحدث الإحصاءات الصادرة في 31 ديسمبر 2023، وهو “عدد مذهل”، بحسب وصف “خير الله”
وأفاد المقال بأن “في تلك المقابلة، اعترف “عبد اللطيف” علانية وبفخر بالنهج الدائم للنظام العسكري الاستبدادي في مصر”
وأوضح كيف أن “الكراهية مُمَأسسة والعداء مُتأصل” في عقول ووعي ملايين الطلاب المصريين، موجها هذه المشاعر تحديدا ضد إسرائيل”
النقابات
وقال الكاتب إن “نحو 55 نقابة مهنية وعمالية في مصر تبدي المشاعر نفسها”، حيث نقل مقتطفات من بيان نقابة المحامين المصرية حزنا على السنوار.
وقالت النقابة، في بيان، إن “نقابة المحامين تنعى الشهيد يحيى السنوار، وتتقدم بخالص العزاء إلى الشعب الفلسطيني وأسرة الشهيد”
وأضاف البيان أن “النقابة برئاسة الأستاذ عبد الحليم علام، نقيب المحامين، رئيس اتحاد المحامين العرب، تدين مقتل القيادي الفلسطيني يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس)، الذي طالته يد الغدر وهو يقاتل العدو الصهيوني”
وقد يمتد موقف علام إلى نقابات محامين أخرى في الدول العربية، وفق المقال.
كما أصدرت نقابة الأطباء المصرية بيانا رسميا في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بعنوان “عام من الدمار والوحشية: القطاع الصحي في مرمى نيران الاحتلال”
وبحسب وصف المقال، فقد استندت إلى أرقام حماس بشأن الضحايا والجرحى والمستشفيات والمراكز الصحية التي دمرت خلال الحرب.
بدورها، أصدرت نقابة الصحفيين المصريين بيانات متعددة تضمنت إهانات شديدة موجهة لإسرائيل، التي وصفتها بـ “العدو الصهيوني”
وفي كل هذه البيانات، طالبت بـ “قطع العلاقات بشكل كامل ووقف كل أشكال التطبيع المستمرة مع العدو الصهيوني المجرم”
الإعلام الحكومي
وأضاف المقال أنه “عند النظر في دور الإعلام المملوك للدولة والخاضع رسميا لسيطرة المخابرات المصرية، ومساهمته الكبيرة في “حملة الكراهية والعداء تجاه إسرائيل”، المستمرة منذ عهد جمال عبد الناصر، ندرك العقلية التي نحن غارقون فيها وما ينبغي اتخاذه من خطوات”
وتساءل: “هل لا يزال هناك أمل لتغيير هذه الأوضاع بشكل جذري لتحقيق سلام شعبي؟”
وكانت إجابته في مقاله للصحيفة العبرية: “نعم، فدائما ما يبدو الأمر مستحيلا حتى يتحقق فعليا، كما قال نيلسون مانديلا”