انتقد الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طريقة حوار عبدالفتاح السيسي أمس مع مجموعة من الإعلاميين والبرلمانيين وممثلين عن بعض النقابات.
وكشف “حسني” في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عما وصفه بكوارث المنظور السياسي للسيسي، وقال: “كنت أود الامتناع عن التعليق على الأحداث التى تجرى فى مصر حتى تنتهى فترة النقاهة التى أعبرها إيجابياً بحمد الله وفضله، لكن الأحداث تصر على أن تفسد علىّ وعلى كل المصريين حقهم فى بعض الراحة ولو كانت نسبية!”.
وتابع حسني: “التقى رئيس الدولة اليوم بطيف ممن اعتبرهم يمثلون المجتمع المصرى، أو “الأسرة المصرية”، ليحاول إقناعهم بعدم الاشتغال بالسياسة، وأن يثقوا فى منظوره السياسى، وهو تعبير “طريف” استدعاه الرئيس أكثر من مرة لإقناعنا بأن الدولة تدار بمنظور سياسى لا يدرك أبعاده من اتهمهم ضمناً وتصريحاً بأنهم يعملون لحساب أجندات أجنبية لتقويض دعائم الدولة!.. امتلأت كلمة الرئيس بمجموعة كوارث تحتاج إلى “وقفة مع الرئيس” علها تفيد مؤسسات الدولة وهى تلعب فى الوقت المحتسب بدل الضائع، أذكر منها:ــ
الكارثة الأولى هى أن الرئيس قد استدعى قصته مع الإخوان ومع الإسلاميين عموماً دون سبب واضح أو مفهوم إلا أنه مازال يعتقد – أو هو مازال يريدنا أن نعتقد – بأن مشكلته هى مع تنظيم الإخوان، وكأنه لا مشكلة بينه وبين تيارات أخرى فى المجتمع المصرى لا علاقة لها بتنظيم الإخوان، بل وقد تكون مناهضة تماماً له
الكارثة الثانية هى أن الرئيس مازال يفكر ويتصرف ويتحدث باعتباره منتمياً للمؤسسة العسكرية وممثلاً لها فى الحكم … مع كل تقديرى واحترامى للجيش المصرى فى مجموعه، إلا أننا بصدد رئيس دولة لا يملك أى منظور سياسى مدنى يسمح له بتنظيم دولة دستورية حديثة تطلق الطاقات الكامنة للمصريين حتى لا نضطر – كما فعل الرئيس اليوم – أن نحمل الجيش مسؤولية المحافظة على مستويات الأسعار، أو الانخراط فى مشاريع الثروة السمكية
الكارثة الثالثة هى أن الرئيس مازال يعيش – أو هو يريدنا أن نعيش – فى قفص نظرية المؤامرة وحروب الجيل الرابع؛ فالعالم كله يتآمر علينا (تناقض واضح مع إشادته بنجاح سياستنا الخارجية!)، وكلما تقدمنا على طريق النجاح كلما ازدادت شراسة الهجوم علينا … لا يريد الرئيس الاقتناع بأن أداء مؤسسات الدولة – وأداءه هو شخصياً من خلال ما يتبناه من سياسات وتوجهات – هو السبب الرئيس للأزمات التى تعيشها الدولة المصرية، حتى وإن لم يكن هذا هو السبب الوحيد، بل حتى وإن كان ثمة من يتربص بنا بالفعل
الكارثة الرابعة هى تصورات الرئيس الساذجة بأن الدول تدار علاقاتها الدولية بمنطق البعد عن إدارة الأزمات، وبأن التسليم الساذج بحقوق الغير سوف يدفع الغير للتسليم بحقوقك! لم توجد دولة فى التاريخ تفتش فى أرشيفها عن وثائق ومستندات – بعضها سرى للغاية – لتدعم بها موقف دولة أخرى فى مواجهتها! الدول تبحث فى أرشيفها فقط عن الوثائق والمستندات التى تدعم مصالحها فى مواجهة الغير، أما غير ذلك من مبادرات كتلك التى تحدث بها الرئيس مع نظيره القبرصى – حسبما جاء فى حديثه – فسذاجة كارثية لا تمت لفنون إدارة الدولة ولا لعلومها بأدنى صلة
الكارثة الخامسة هى إصرار الرئيس على أنه مرجعية الحقيقة، وأن ما عدا هذه المرجعية إنما ينتهى بما سماه “الانتحار القومى”! … مازال الرئيس معتقداً – أو هو يريد إقناعنا – بأنه رمز الدولة، ومن ثم فإن أى نقد لأدائه إنما هدفه الحقيقى هو الهجوم على مصر … نظرية التماهى بين شخص الحاكم وبين مؤسسة الدولة أسقطتها الثورة الفرنسية منذ أكثر من قرنين، وأسقطتها الثورة المصرية سنة 1919 ثم تجدد إسقاطها فى 25 يناير، لكن الرئيس لا يرى فى أى نقد يوجه لأدائه إلا طمساً للحقيقة وتزييفاً للواقع.
أما الكارثة السادسة فهى أننى أفسدت فترة النقاهة، وأغضبت منى كل من يريد لإقناعى بأن لبدنى ولعقلى علىّ حق، لولا أننى أردت تفادى الكارثة السابعة وهى أن أترك كوارث المنظور السياسى للرئيس دون تعليق على بعضها!، وذلك حسب ما جاء في منشوره.