حازم عياد يكتب: رهانات القاهرة بعد الفيتو الروسي

لم تنتظر الرياض طويلا لتوجه انتقاداتها إلى القاهرة بعد موقفها الداعم لمشروع القرار الروسي في سوريا؛ فهل لهذه الانتقادات أي تداعيات سياسية واقتصادية على علاقة الرياض بالقاهرة؛ والأهم من ذلك هل من تداعيات للموقف المصري على العلاقات الأمريكية المصرية باعتبارها الدولة الثانية من حيث تلقي المساعدات والرعاية؟.

 رغم الصدام الدبلوماسي العنيف بين أمريكا وأوروبا من جهة وروسيا من جهة أخرى؛ إلا أن العلاقات الروسية المصرية في تحسن وتطور مستمر، خصوصا مع انطلاق المناورات الروسية المصرية، وإعلان روسيا رغبتها باستئجار قواعد مصرية مطلة على البحر المتوسط.

العلاقة الروسية المصرية تجاهلت حالة التوتر القائمة في سوريا، بل والتوتر الناشب بين إيران ورسيا والسعودية؛ متجاوزة العلاقات القوية التي نسجتها القاهرة مع الرياض خلال الأعوام الثلاثة الماضية؛ ما يدفع المراقبين إلى البحث في الرهانات المصرية خصوصا وأن الولايات المتحدة والسعودية تقفان خلف الدعم والمساعدات المالية الكبيرة المقدمة لمصر.

القاهرة تغامر بعلاقاتها التاريخية بالولايات المتحدة وبالمملكة العربية السعودية من خلال اقترابها من طهران وموسكو؛ وتزيد الأمور تعقيدا خصوصا أنها تخوض معركة مزدوجة؛ الأولى في ليبيا وسيناء, والثانية في اثيوبيا؛ ما يضعها أمام استحقاقات كبيرة سياسيا وامنيا واقتصاديا.

علاقات القاهرة السياسية ملتبسة في ظل الروابط القوية مع الكيان الإسرائيلي التي نسجت على خلفية اتفاقية كامب ديفيد، بما لها من امتدادات وانعكاسات مباشرة على السياسة الأمريكية المتبعة تجاه القاهرة؛ في حين أن العلاقة تزداد التباسا وتعقيدا في ظل التصعيد القائم بين القاهرة وإثيوبيا، خصوصا أن أديس أبابا تملك علاقات إيجابية تعاونية بل تشاركية مع واشنطن خصوصا فيما يتعلق بالملف الصومالي.

ملف العلاقات المصرية الأمريكية الملتبسة ينسحب على العلاقة مع دول الخليج العربي، فأطر التعاون المصري الخليجي في الملف الليبي واليمن باتت معلومة؛ إلا أن تطورات الموقف المصري من الملف السوري تُعقد المشهد السياسي وتزيد من غموض وضبابية هذه العلاقة والتحالف الهش المرتبط بها.

تقود المعطيات السابقة لطرح أسئلة محرجة حول الدوافع الحقيقية للسياسة الخارجية المصرية المتقاربة مع موسكو؛ فهل المحرك الأساسي لها مواجهة ارتدادات الربيع العربي، أم أنها تقع في سياق إقليمي ودولي مضطرب؟

مصر تتجه إلى تعقيد ملف علاقتها الخارجية ببناء تحالفات متناقضة، والهاجس الأساس الذي يحرك هذه السياسة داخلي، فهي تخشى من موجة مرتدة للربيع في ظل حالة التدهور الاقتصادي؛ ما عزز غياب الثقة بالتحالفات التقليدية في ظل انعدام اليقين السياسي؛ ما يدفعها إلى محاولة بناء تحالفات مضطربة وغير متناسقة.

 السياسة الخارجية المصرية تزداد اضطرابا كونها انعكاس لواقع اقتصادي داخلي وبيئة اقليمية مضطربة؛ تبرز فيها الهواجس المحلية والأزمات الداخلية كمحرك أساس للسياسات المتبعة؛ فهي تفتقد للرؤية الاستراتيجية وتعيش على هامش المناورة السياسية والتكتيكية بشكل أضعف قدرتها على التأثير في المشهد الاقليمي.

مصر هشمت تحالفاتها التقليدية بإجراءات تكتيكية محدودة التأثير، دون توفر بدائل حقيقية لبناء تحالفات قوية ومؤثرة في المستقبل القريب، تبنى على ركام التحالفات القديمة؛ فروسيا وإيران والولايات المتحدة لا تقدم بدائل حقيقية لصعوبة المراهنة عليها؛ إذ تنظر إلى دول المنطقة العربية كساحة معركة وليس كحلفاء مستقبليين؛ أمر بالإمكان ملاحظته في سوريا العراق بشكل واضح.

شاهد أيضاً

شعبان عبد الرحمن يكتب :وقفة مع نتائج انتخابات الكويت الطلابية

للعام الـ45 على التوالي، تفوز القائمة الائتلافية (تيار الإصلاح ومؤيدوهم) بانتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، …