مع الدعم غير المسبوق من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، لـ (إسرائيل), أصبح الحافز بين الفصائل الفلسطينية الثلاث الأبرز؛ فتح وحماس والجهاد, أكثر من أي وقت مضى للوقوف صفًّا واحدًا لصالح القضية الفلسطينية وتغيير “الجلد ” للتغلب على التحديات التي تعصف بالمنطقة كالزلزال.
لم تعد المخاوف المشتركة بين هذه القوى تجاه “المحتل الغاصب” إلا حافزا للتقارب أكثر من أي وقت مضى رغم الضغوط الداخلية والخارجية، وبالتالي فقد تابع العالم قيام حركة حماس بانتخاب “السنوار” قائدا سياسيا لقطاع غزة وإعادة هيكلة القيادات من خلال تنصيب قيادات شابة في مواقع بارزة في انتظار ما ستسفر عنه ضغوط الخارج على الرئيس المنتهية ولايته؛ أبومازن, لإجراء تغييرات جذرية كتلك التي أجرتها “حماس” وليس فعلت حركة فتح باختيار «محمود العالول» نائبا أول للرئيس.
وفي هذا السياق تحدثت مصادر صحفية أن حركة «الجهاد الإسلامي في فلسطين» منشغلة منذ أسابيع في إعداد هيكلية تنظيمية، هي الأولى منذ نشأتها عام 1987، تشمل تجديد الأطر القيادية، وستنقل الحركة نقلة نوعية على طريق المأسسة وتطوير الهيئات وتقويتها.
وعن المبررات, قال عضو المكتب السياسي لـ «الجهاد» الدكتور محمد الهندي خلال لقاء صحافي في غزة: «هناك زلزال في المنطقة، فكيف لفلسطين أن تحشر نفسها في هذه المحاور؟ نلتقي على فلسطين ولا نلتقي على المحاور».
وأضاف أن «هناك انقلاباً جديداً» في المنطقة يقوده الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «بمساعدة أطراف عربية» بهدف تصفية القضية الفلسطينية.
ورأى أن «مسألة شن إسرائيل حرباً على غزة أو لبنان مرتبطة بالترتيبات الإقليمية لتقسيم سورية والمنطقة، فإذا أصبحت هناك ترتيبات من هذا النوع، فإن إسرائيل قد تشن حرباً لتأديب من يعارض هذه الترتيبات، أما ما دون ذلك فهو حرب نفسية».
وكشف قيادي في «الجهاد» لصحيفة «الحياة» أن «الحركة تمر حالياً بمرحلة تحوّل ديموقراطي مهمة جداً ستُتوج بعقد المؤتمر العام للحركة بعد نحو عام».
وأوضح أن «العمل جارٍ، على قدم وساق، لوضع نظام داخلي متطور ينظم العلاقات بين الهيئات المختلفة في الحركة، سيتم رفعه الى الأمين العام رمضان شلح لإقراره».
وأضاف أن «هذه الخطوات تتويج لحراك بدأ في الحركة قبل سنوات لإحياء عملية ديموقراطية جوهرها انتخاب الهيئات القيادية».
وأضاف: «هذه العملية بدأت قبل نحو عامين عندما شكل شلح لجنة لتقويم الوضع في الحركة»، مضيفاً أن «اللجنة وضعت أمام الأمين العام تقريراً مفصلاً شاملاً بعد نحو عام من العمل الدؤوب».
وأشار الى أنه «بناء على ذلك، تم تشكيل لجنة مهمتها التدقيق والتمحيص في أعضاء الحركة، خصوصاً في قطاع غزة (الذي يُعتبر المنطقة الأهم ومصدراً لقوتها القيادية والعسكرية والميدانية)، وتلا ذلك قرار الأمين العام إطلاق عملية التغيير في الحركة».
ولفت الى أنه «بموجب عملية التغيير تم اعتبار فلسطين ساحة مقسمة الى ثلاثة أقاليم، هي قطاع غزة، والضفة الغربية، وأسرى الحركة في سجون العدو الصهيوني، فيما تم تقسيم الخارج (الشتات) الى أربع ساحات، هي سورية، ولبنان، واليمن، والسودان»، علماً أن هناك عضويْن فقط من القطاع في المكتب السياسي للحركة.
وقال القيادي إن «قطاع غزة أصبح إقليماً (بدلاً من ساحة) يرأس مجلسه محمد الهندي، فيما تم تشكيل المكتب التنفيذي للإقليم لمدة عام واحد، والذي يُعتبر رئيسه نائباً لرئيس مجلس الإقليم».
وأضاف أن «المكتب التنفيذي أصبح مسؤولاً عن كل صغيرة وكبيرة في إقليم قطاع غزة، وتم توزيع المهام بين أعضاء المكتب، وبموجبه تم تكليف عضو المكتب القيادي خالد البطش المسؤولية عن العلاقات الخارجية والفصائل، وتكليف عضو المكتب داوود شهاب المسؤولية عن الإعلام العام في الحركة, وتكليف عضو المكتب السياسي نافذ عزام رئاسة الهيئة القضائية العامة التي تضم خمس هيئات قضائية فرعية في محافظات قطاع غزة الخمس.
تحديات واقعية
تحديات حماس قرأها موقع ستراتفور هكذا: استقرار شرعيتها ومستويات التجنيد مع صعود الجماعات ذات الطابع السلفي بجانب الدولة الإسلامية في القطاع. وفي الوقت نفسه، افتقاد ذراعها العسكري الوصول إلى مصادر الإمدادات الحرجة في ظل حصار مطبق على كل مقومات الحياة منذ أكثر من عشر سنوات، فقد أقامت الولاية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء حصارًا على الأنفاق ردًّا على رفض حركة حماس العمل معها.
وما جعل الأمور أسوأ، أن تركيا ومصر، وهما اثنان من أهم مصادر الإمداد لحماس، اتّخذتا إجراءات صارمة ضدّ عمليات التهريب في إطار تحسين العلاقات مع إسرائيل. وتأمل مصر أيضًا أنّ إغلاق عمليات التهريب قد يجلب الأمن في منطقة شبه جزيرة سيناء.
وقد تحوّلت حماس إلى إيران، التي زوّدتها في السابق بالسلاح والمواد ومساعدات أخرى من أجل سدّ الفجوة, لكن من غير الواضح ما إذا كانت إيران ستتمكن من إدخال السلاح والمواد إلى حماس, نظرًا للرقابة الوثيقة التي تقوم بها مصر، و(إسرائيل) بالطبع، على الحركة.
وفي الضفّة الغربية تتعرّض فتح أيضًا لضغوط داخلية وخارجية كبيرة. ويبدو زعيم فتح؛ وهو الرئيس «محمود عبّاس» لم يعد مرحّبًا به، بعد أن تجاوز الفترة القانونية منذ وقتٍ طويل، وهو ما يثير استياء الناخبين الفلسطينيين.
وخارج الضفة الغربية، تضغط قوى إقليمية، مثل مصر والأردن والإمارات، على «عباس» لترك السلطة لقيادة أصغر في السن مثل «محمد دحلان».
و«دحلان» بحسب “سترانفور” شخصية مثيرة للجدل، لكنّه يتمتع بشعبية في أوساط السلطة ولديه العديد من العلاقات الدولية في المنطقة. والأهم من ذلك، فإن «دحلان» الذي يعيش في أبوظبي قد أظهر رغبته في الاستماع لحلفاء السلطة العرب.