يتردد في وسائل الإعلام المناهضة للانقلاب مجموعة من المصطلحات ذات الصلة بالانقلاب, فهناك من يكتفي بلفظ الانقلاب وهناك من يضيف إليه لفظ النظام ليكون “النظام الانقلابي ” وهناك من يقول ” سلطة الانقلاب ” أو ” حكومة الانقلاب “.
فأي هذه المصطلحات الأقرب إلى الحقيقة وفقا للمعايير العلمية والثورية.
هل نحن أمام نظام أم انقلاب؟ أم بإمكاننا أن نقول إنه نظام انقلابي؟ علينا أولا العودة للتعريفات والمفاهيم التالية:
تعريف النظام السياسي
للنظام السياسي عدة تعريفات منها:
– هو في صورته الهيكلية أو المؤسسية أو التنظيمية عبارة عن مجموعة المؤسسات التي تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسي وهي المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
– وفي الإطار الاجتماعي يقوم النظام السياسي بعدة أدوار أو وظائف استنادا إلى سلطة مخولة له أو قوة يستند إليها؛ منها إدارة موارد المجتمع وتحقيق الأمن الداخلي والخارجي وتحقيق أكبر قدر من المصالح العامة والعمل على الحد من التناقضات الاجتماعية.
– وفقا للدكتور حسان شفيق العاني يعتبر النظام السياسي (محصلة الظروف والمبادئ السياسية التي تفرض اتخاذ سلوك وظيفي تعقيبي في اتخاذ القرارات الملزمة بالمجتمع كليا )
– ووفقا للدكتور ثروت بدوي فهو عبارة عن ( مجموعة من القواعد والاجهزة المتناسقة المترابطة فيما بينها ، تبين نظام الحكم ، ووسائل ممارسة السلطة وأهدافها وطبيعتها ومركز الفرد منها وضماناته قبلها ، كما تحدد عناصر القوى المختلفة التي تسيطر على الجماعة وكيفية تفاعلها مع بعضها ، والدور الذي تقوم به كل منها )
– ووفقا للدكتور صالح جواد الكاظم و دكتور علي غالب العاني فالنظام السياسي هو (مجموعة عناصر مهمتها الابقاء على المجتمع من حيث هو كيان حي قائم بذاته ، تديره سلطة سياسية)
والعناصر الأساسية التي يتألف منها النظام السياسي – في رؤيتهم- ، هي: التنظيمات السياسية، والقواعد السياسية، والعلاقات السياسية، والوعي السياسي. ويؤثر كل من هذه العناصر في الاخر ويعتمد عليه . كما تعد من عناصر النظام السياسي مؤسسات الحياة الاجتماعية، والجماعات، والقواعد، والوظائف، والأدوار، التي تتفاعل والادارة السياسية تفاعلا وثيقا.
– ووفقا لدكتور ماجد راغب الحلو فهو عبارة عن (أنظمة الحكم وانواعه وطرائقه في الدول المختلفة . ويحدد نظام الحكم في كل دولة طبقا لقانونها الدستوري).
خصائص النظام السياسي
يتميز النظام السياسي بالخصائص الاتية:
- امتلاك سلطة عليا في المجتمع، ومن ثم تكون قوانينه وأنظمته وقراراته ملزمة للكافة .
- تحكم علاقات عناصر النظام السياسي قواعد قانونية وسياسية، ومن ثم فهو يتمتع باستقلال ذاتي نسبي اكثر من أي نظام فرعي اخر من أنظمة المجتمع .
- يكون تأثير النظام السياسي في المجتمع، أكثر من اي نظام فرعي آخر.
- يتفاعل النظام السياسي مع النظم الفرعية الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كونها البيئة التي يتحرك فيها وعلى اساسها.
وظائف النظام السياسي
يؤدي النظام السياسي الوظائف الآتية:
- تحديد أهداف المجتمع والدولة التي تتركز حول الرفاهية والأمن.
- تعبئة طاقات المجتمع وضمان مشاركة أبنائه في تحقيق الرفاهية والأمن.
- دمج العناصر التي يتألف منها المجتمع، أو توحيدها، لتعزيز عناصر قوة الدولة ومن ثم ضمان مصالحها وتحقيق أهدافها.
- المطابقة بين الحياة السياسية، كما هي ممارسة، مع القواعد القانونية والسياسية الرسمية، أي اضفاء المشروعية على العملية السياسية ومن ثم النظام السياسي نفسه
- تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين.
مفهوم الانقلاب العسكري
- وفقا لتعريف الموسوعة العالمية “ويكيبديا” فإن الانقلاب العسكري هو إزاحة مفاجئة للحكومة بفعل مجموعة تنتمي إلى مؤسسة الدولة -عادة ما تكون الجيش- وتنصيب سلطة غيرها مدنية أو عسكرية.
- وهناك تعريفات علمية أخرى تؤكد أن الانقلاب هو “الاستيلاء على السلطة في مركزها الرئيسي، بما يمكن من بسط النفوذ على كافة أرجاء الدولة”.
هل نطلق على الانقلاب وصف نظام؟
وفقا للتعريفات العلمية المذكورة فإن الانقلاب يمكن أن نطلق عليه حال حدوثه وتمكنه من إدارة الدولة أنه ” سلطة الانقلاب ولا يصح أن نطلق عليه نظام الانقلاب أو النظام الانقلابي وذلك للأسباب التالية:
- النظام السياسي في صورته الهيكلية أو المؤسسية أو التنظيمية عبارة عن مجموعة المؤسسات التي تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسي وهي المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية, لكن الانقلاب لم يشرعن مؤسسات حقيقية, فالسلطة التشريعية جاءت بالتزوير, والسلطة القضائية تعمل بالإملاء والتلقين, والتنفيذية بالبطش. وبالتالي فهو لم ينجح في صناعة مؤسسات تتوزع بينها هذه السلطات. من ثم, فإن إطلاق لفظ نظام عليه يعني شرعنة وجوده والاعتراف بمؤسساته التي صنعها بعيدا عن الإرادة الشعبية.
- في الإطار الاجتماعي يقوم النظام السياسي بعدة أدوار أو وظائف استنادا إلى سلطة مخولة له أو قوة يستند إليها – منها إدارة موارد المجتمع وتحقيق الامن الداخلي والخارجي وتحقيق أكبر قدر من المصالح العامة والعمل على الحد من التناقضات الاجتماعية, أما الانقلاب فقد قام على أساس الترويع والانتقام وليس تحقيق الامن, ولا يزال مصرا على السير قدما في طريقه.
- والنظام قد يقوم بتطبيق القانون بشدة ولكن في إطار مشروعية اجتماعية, أما إطلاق لفظ نظام على انقلاب السيسي ففي هذه الحالة يشرعن عمليات الانتقام التي قام بها.
- النظام السياسي وفقا للدكتور صالح جواد الكاظم ودكتور علي غالب العاني هو ( مجموعة عناصر مهمتها الابقاء على المجتمع من حيث هو كيان حي قائم بذاته، تديره سلطة سياسية ), والعناصر الأساسية التي يتألف منها هي التنظيمات السياسية، والقواعد السياسية، والعلاقات السياسية، والوعي السياسي, ويؤثر كل من هذه العناصر في الآخر ويعتمد عليه, كما تعد من عناصر النظام السياسي مؤسسات الحياة الاجتماعية، والجماعات، والقواعد، والوظائف, والأدوار، التي تتفاعل والادارة السياسية تفاعلا وثيقا. أما الانقلاب فلم يؤسس لسلطة سياسية حتى أن قائد الانقلاب الذي استولى على كرسي الرئاسة ليس له أي انتماء حزبي أو حزب سياسي يتبع له. [ لاحظ أن مبارك سعى لاستيفاء هذا الأمر حتى وإن بصورة شكلية من خلال الحزب الوطني وقيادته ]
- النظام السياسي وفقا للدكتور ثروت بدوي عبارة عن (مجموعة من القواعد والاجهزة المتناسقة المترابطة فيما بينها، تبين نظام الحكم، ووسائل ممارسة السلطة وأهدافها وطبيعتها ومركز الفرد منها وضماناته قبلها، كما تحدد عناصر القوى المختلفة التي تسيطر على الجماعة وكيفية تفاعلها مع بعضها، والدور الذي تقوم به كل منها). لكن الانقلاب لم يسع لتحقيق أو حتى الاهتمام بهذه العناصر سواء لاستيفائها أو الاهتمام بها.
- من خصائص النظام السياسي أن تحكم علاقات عناصره قواعد قانونية وسياسية، ومن ثم فهو يتمتع باستقلال ذاتي نسبي أكثر من اي نظام فرعي آخر من أنظمة المجتمع, لكن الانقلاب لا يملك أي علاقات تحكم عناصره وليس لديه أي قواعد سياسية أو قانونية فهو لا يمثل سوى مجموعة من القوى الأمنية التي تسيطر على البلاد.
- من وظائف النظام السياسي دمج العناصر التي يتألف منها المجتمع، أو توحيدها، لتعزيز عناصر قوة الدولة ومن ثم ضمان مصالحها وتحقيق أهدافها. ومن الوظائف أيضا المطابقة بين الحياة السياسية، كما هي ممارسة، مع القواعد القانونية والسياسية الرسمية، أي إضفاء المشروعية على العملية السياسية ومن ثم النظام السياسي نفسه بالإضافة إلى تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين. ومن الواضح أن الانقلاب صادر أكبر فصيل سياسي في المجتمع في البداية والآن يصادر كافة القوى السياسية ويرى أن مصلحته في تفريق القوى السياسية وليست تجميعها. كما أن الانقلاب ليس لديه مشروعه في العمل السياسي ولا يسعى لتحقيق العدالة أو المساواة بين المواطنين.
نظام أم نظام انقلابي أم انقلاب أو سلطة انقلابية؟
- هناك تعارض واضح في الدمج بين مصطلح النظام ومصطلح الانقلاب، فكلمة نظام لا تطلق إلا على النظام السياسي أما الانقلابات فلا يحق لها أن تطلق على نفسها وصف نظام.
- كلمة نظام قرينة بالمشروعية بينما الانقلاب قرين بعدم المشروعية.
- الاختلاف مع النظام السياسي يدخل في دائرة المعارضة أما الاختلاف مع الانقلاب فيدخل في مجال الثورة.
- الاختلاف مع النظام السياسي يتم في أطر المنظومة السياسية بينما الانقلاب يصادر حرية بل وحياة المعارضين له ولا يعتبرهم حتى خصوما سياسيين.
بناء على ما تقدم فإن التوصيف الحقيقي للواقع الذي تعيشه مصر هو انقلاب عسكري وليس نظاما ولا يصح الجمع بين كلمة نظام وكلمة انقلاب لأن لكل منها مفهوم ودلالة علمية تتعارض مع غيرها.
وعليه فالصحيح أن نطلق عليه اسم انقلاب أو سلطة الانقلاب أو حكومة الانقلاب] باعتبار أن مصطلح “السلطة” يشير إلى أمر واقع ليس مقرونا بالاعتراف بهذه السلطة].
فإما أن تطلق عليه اسم نظام سياسي فتعترف به وتكون معارضا إن أردت أن تخالفه، وإما أن تطلق عليه انقلابا فتثور ضده للتأسيس لنظام سياسي جديد.
كما أنه ليس نظام عبد الفتاح السيسي لأن السيسي لم يؤسس لنظام, ولا نطالب بإسقاط النظام ولكن نطالب بإسقاط الانقلاب.