دراسات: استخراج الغاز الطبيعي يسرع من وتيرة حدوث الزلازل

سلط موقع “عربي بوست” الضوء على الزلزال المدمر الذي حدث في تركيا وسوريا، محاولا الكشف عن الأسباب التي أدت إلى هذا الزلزال الكارثي، والتي من بينها، وفق دراسات حديثة، التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.

وقال الموقع في تقرير له، إن التنافس والصراع بين دول منطقة شرق المتوسط يزداد حول حقول الغاز الطبيعي، والتسارع نحو استخراج الغاز من المنطقة، متسائلا: فهل يمكن أن يكون لعمليات الاستخراج الواسعة التي بدأت بالفعل تأثير مستقبلي على زيادة النشاط الزلزالي في المنطقة.

وتابع: يرصد هذا التقرير إمكانية وجود هذه العلاقة، عبر عرض بعض الدراسات العلمية المرتبطة بالنشاط الزلزالي في مناطق مختلفة مثل كندا، والمرتبط بعمليات استخراج الغاز الطبيعي من جهة، وبين طبيعة المنطقة محط الأنظار من الناحية الجيولوجية.

كيف تتسبب عملية استخراج الغاز في وقوع الزلازل؟

نبدأ بعملية استخراج الغاز وعلاقتها بوقوع الزلازل، وعملية التكسير الهيدروليكي، المعروفة باسم fracking، هي عملية تستخدمها صناعة النفط والغاز في آبار الاستخراج. تتضمن هذه العملية ضخ سوائل مضغوطة (ماء ورمل ومواد كيميائية) في البئر المحفورة بهدف تكسير الصخور وإنشاء ممرات صغيرة في الصخور الجوفية، من أجل فتح الطريق للغاز أو النفط للخروج من بين الصخور.

يتسبب التكسير الهيدروليكي في حدوث زلازل دقيقة، بالكاد يمكن اكتشافها أو الإحساس بها، تسمى الزلازل المستحثّة. يحدث هذا عادةً بالقرب من مكان تكسير الصخور، على عمق 2000 إلى 3000 متر تحت الأرض. معظم هذه الزلازل أقل من 3 درجات على مقياس ريختر، وهو ما يعادل الاهتزاز الذي تحدثه شاحنة عابرة.

في حالات نادرة، يتسبب التكسير الهيدروليكي في أحداث زلزالية تتراوح من 4 إلى 4.8 درجة على مقياس ريختر. حتى في هذه المستويات، من غير المحتمل حدوث تلف في الممتلكات، أو خطر على السلامة العامة.

لكن هذا لا يعني عدم وجود خطورة حقيقية؛ إذ إن هناك بعداً آخر لعمليات التكسير الهيدروليكي، كشفت عنه دراسات حديثة، يتعلق بتأثيرها على الصدوع، وما يُسمى صخور الإجهاد، وهي المناطق ذات الحركة العالية، والنشاط الزلزالي الطبيعي. فنتيجة لعملية ضخ السوائل هذه إلى أعماق كبيرة تحت الأرض، يقع ضغط على خطوط الصدع الجيولوجي الموجودة بالفعل.

استخراج الغاز وزيادة النشاط الزلزالي

يمكن أن يتسبب حقن سائل التكسير في تحركات في الصدوع الجيولوجية الطبيعية الموجودة مسبقاً، شقوق كبيرة موجودة بالفعل في الصخور، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إطلاق الطاقة المحملة المخزنة في الصدع، إذا كانت الطاقة شديدة بدرجة كافية يمكن أن يتسبب الزلزال الناتج في إلحاق أضرار بالمنازل، وهو ما يهدد المجتمعات المحلية.

تحدث بعض هذه الزلازل بالقرب من موقع التكسير نفسه، ولكن تم الإبلاغ عن البعض الآخر على بعد 50 كيلومتراً، ما يجعل من الصعب ضمان سلامة المناطق المحيطة.

إحدى الدراسات المنشورة في مجلة Science، ركزت على فهم هذه الظاهرة. وجد الباحثون أن ضخ المياه في مناطق الصدوع تسبب في انزلاق الصخور على طول خطوط الصدع ببطء، لم تنتج هذه الحركات “الصامتة” زلازل عند نقطة الانزلاق الأولية، ولكنها زادت الضغط تدريجياً على أجزاء أبعد من الصدوع، ما أدى إلى حدوث زلازل على مسافة أبعد بكثير من البئر.

يظهر البحث أنه من خلال هذه الآلية يمكن أن يتسبب التكسير الهيدروليكي في حدوث زلازل على بعد عشرات الكيلومترات.

أمواج زلزالية

دراسة أخرى حديثة في هذا الشأن، هي دراسة كندية نشرت عام 2021، أظهرت وجود أدلة على العلاقة بين استخراج الغاز وبين زيادة النشاط الزلزالي في المناطق المحيطة.

فقد وثق فريق البحث الكندي نوعاً جديداً من الزلازل الناتجة عن التمزقات التي تحدثها عملية التكسير الهيدروليكي في الصخور بالقرب من بئر غاز نشطة، يساعد هذا في تفسير كيف يمكن للهزات غير المحسوسة التي تحدثها عمليات استخراج الغاز أن تؤدي إلى أحداث زلزالية أكبر.

وذكرت الدراسة أن استخراج النفط والغاز يمكن أن يؤدي إلى حدوث زلازل صغيرة، بطيئة الحركة وطويلة الأمد، والتي وثّقها العلماء في حقول استخراج الغاز الكندية لأول مرة.

كان العلماء سابقاً يفترضون أن الزلازل التي يسببها التكسير الهيدروليكي تتصرف مثل معظم الزلازل الأخرى، ولديها نفس سرعة التمزق (تمزيق الصخور المحيطة والانتشار)، تقريباً التي تبلغ 2 إلى 3 كيلومترات في الثانية، لكن الزلازل التي وثقها العلماء حول بئر الغاز أظهرت نوعاً جديداً من الإشارات أو الموجات الزلزالية، التي يُطلق عليها “الزلازل الموجية ذات التردد الهجين”، والتي تتميز بسرعة تمزيقها وبقائها لمدة أطول.

هذه الموجات الزلزالية تؤدي إلى حدوث انزلاقات زلزالية تتفاعل مع الصدوع القريبة، وصخور الإجهاد، وتؤدي إلى أحداث زلزالية أكبر، على بعد بضع كيلومترات من آبار الغاز. هذا يعني أن عملية التكسير الهيدروليكي يمكن أن تكون مسؤولة عن وقوع زلازل أكبر في الصدوع القريبة بالفعل.

وتتبع الدراسة تلك المخاوف المتزايدة من أن التكسير الهيدروليكي “يولد زلازل أكبر وأقوى من حيث الحجم”.

شاهد أيضاً

النائب العام يحجب مواقع لإذاعتها آياتٍ من القرآن على أنغام الموسيقى

أمر النائب العام، محمد شوقي، أمس، بالتحقيق في البلاغ المقدم من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، …