تتناول هذه الدراسة القانونية أدلة بطلان تملك الشيخ زايد بن نهيان, رئيس دولة الإمارات العربية السابق وأفراد أسرته مساحة 3130 فدانًا من الأراضى المستصلحة بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر, وما يترتب على ذلك البطلان من إجراءات.
ثانيًا: الجزاء المترتب على مخالفة القواعد التى تحكم الاختصاص بالتصرف في الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة
جرى نص الفقرة الثانية من المادة رقم (10) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضى الصحراوية على أنه: ” ويقع باطلا كل تصرفٍ أو تقريرٍ لاىِّ حقٍّ عينىٍّ أصليٍّ أو تبعيٍّ أو تأجيرٍ أو تمكينٍ بأي صورةٍ من الصور على تلك الأراضي يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره ولكل ذى شأنٍ التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها “.
لما كان ما تقدم, وكان العقد المشار إليه قد أبرمه محافظ الشرقية ـ بصفته ـ بالتصرف بالبيع في الأراضي سالفة البيان, وهى من الأراضى الصحراوية المستصلحة المملوكة للدولة ملكيةً خاصةً إلى المشترين وهم أجانب يتمتعون بجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة, وذلك قبل صدور القرار الجمهوري بمعاملتهم المعاملة المقرة للمصريين في هذا القانون حال كونه ـ في الأساس ـ غير مختصٍ بالتصرف فيها؛ لانعقاد هذا الاختصاص قانونًا للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، فإن ذلك العقد يقع باطلًا بطلانًا مطلقًا وينحدر به البطلان إلى حد الانعدام فيمتنع على موظفي الشهر العقارىِّ أو السجل العينىِّ تسجيله أو شهره، ويقع باطلًا منعدمًا ما اتخذ من إجراءات تسجيله أو شهره، كما أنه يكون لكل ذى شأنٍ وللنيابة العامة إقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة بطلب الحكم ببطلانه، بل إن على المحكمة أن تقضى ببطلانه من تلقاء نفسها بحسبان أن البطلان المقرر في هذه الحالة بطلانٌ يتعلق بالنظام العام.
وقد استقر قضاء النقض على: “إن مفاد نصوص المواد 2،3،10 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية والمادة 2 من القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة فإن هذه النصوص مجتمعةٌ تدل ـ وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون 143 لسنة 1981 ـ أن المشرع رغبةً منه قى زيادة رقعة الأراضي الزراعية المحدودة في الوادي وما يحتمه ذلك من ضرورة الالتجاء إلى الأراضى الصحراوية المتسعة على جانبيه بهدف استصلاحها واستزراعها فقد نظم في المادة الثانية من هذا القانون كيفية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكامه بما يكفل تحقيق الأهداف المقررة سواءٌ فيما يتعلق بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق التى تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضى أو بالنسبة للمواقع الخاصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، ونصت المادة الثالثة على أن يكون استزراع الأراضي وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، ونص على أن تكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هى جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضى فى أغراض الاستصلاح والاستزراع، وحظرت المادة العاشرة على أىِّ شخصٍ طبيعىٍّ أو معنوىٍّ أن يحوز أو يضع اليد أو يعتدي على جزءٍ من الأراضى الخاضعة لأحكام القانون بأية صورةٍ من الصور فيما عدا ما تقوم به القوات المسلحة تنفيذًا لخطة الدفاع عن الدولة، كما نصت على بطلان كلِّ تصرفٍ أو تقريرٍ لأىِّ حقٍّ عينىٍّ أصلىٍّ أو تبعىٍّ أو تأجيرٍ أو تمكينٍ بأية صورةٍ من الصور على تلك الأراضى يتم بالمخالفة لأحكامه، ومفاد ذلك فإن الجهة الوحيدة المختصة بممارسة سلطات المالك على الأراضى المخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضى الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة هى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ـ دون غيرها ـ إذ اعتبرها المشرع نائبةً عن الدولة مالكة هذه الأراضي والجهاز المسئول عن إدراتها واستغلالها والتصرف فيها، وإذ خلا القانون سالف الإشارة إليه من جواز إنابة هذه الهيئة غيرها في إجراء هذه التصرفات فإن تصرف غيرها في بعض هذه الأراضى الخاضعة لولايتها وتوقيع عقود البيع بشأنها تكون باطلةً بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام ويجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها لما يحقق القانون من رعايةٍ لمصلحة اقتصادية للبلاد”.
( الطعن رقم 10584 لسنة 80 ق ـ جلسة 23 / 2 / 2013 )
كما استقر قضاؤها على أنه: “إذا كان البين من الأوراق أن الأرض موضوع عقد البيع الابتدائي المطلوب الحكم بصحته ونفاذه مملوكةٌ ملكيةً خاصةً للدولة ومخصصةٌ لأغراض الاستصلاح والاستزراع وخاضعةٌ لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضى الصحراوية فإن إبرام هذا العقد من قبل مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة بناءً على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة رقم 291 لسنة 1994 وموافقة وزير الزراعة يكون قد تم بالمخالفة لأحكام هذا القانون وباطلًا بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته أو النزول عنه ولا يرتب أثرًا، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ ذلك العقد المؤرخ في 7 / 9 / 1996 بقالة ( أنه قد توافرت له شروطه من رضاءٍ وثمنٍ نقدىٍّ معلومٍ ومحلٍّ محددٍ تحديدًا نافيًا للجهالة جائزٍ التعامل فيه وصدوره ممن يملك التصرف فيه بما يجعله نافذًا في حقِّ طرفيه يلتزم بموجبه البائع فيه بنقل ملكية المبيع للمشتري) رغم بطلانه بطلانًا مطلقًا متعلقًا بالنظام العام، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون”.
( الطعن رقم 10584 لسنة 80 ق ـ جلسة 23 / 2 / 2013 )
ثالثًا: تحديد أشخاص المستفيدين بالقرار والجزاء المترتب على مخالفة هذا التحديد
بالعودة إلى القرار الجمهوري المذكور يتبين أنه نص في مادته الأولى على أنه ” وُوْفِق على معاملة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وأصحاب السمو أفراد أسرته الآتية أسماؤهم المعاملة المقررة للمصريين وذلك بالنسبة لتملكهم مساحة …….. وهم …. “.
فقد اقتصر القرار المذكور فى تقرير المعاملة المقررة للمصريين فى تملك الأراضى المشار إليها على الشيخ زايد وأفراد أسرته الواردة أسماؤهم فى القرار دون أفراد أسرهم ودون باقى أفراد أسرة زايد ممن لم ترد أسماؤهم فيه.
وإذ خالف عقد البيع المشار إليه التحديد الوارد بهذا القرار فأضاف المتعاقدون فيه أشخاصًا آخرين لم ترد أسماؤهم بالقرار المذكور وهم باقى أفراد أسرة الشيخ زايد وأسر أفراد أسرته الواردة أسماؤهم به حيث أشار قرين اسم كلٍ منهم إلى أسرته باعتبارها ضمن المشترين، فإنه يكون قد تم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية، فيقع باطلًا ـ وفقًا لحكم نص المادة (10) منه سالفة البيان ـ بطلانًا مطلقًا ينحدر به إلى حد الانعدام، فيمتنع على موظفي الشهر العقارىِّ أو السجل العينىِّ تسجيله أو شهره، ويقع باطلًا منعدمًا ما اتُّخذ من إجراءات تسجيله أو شهره، كما أنه يكون لكل ذى شأنٍ وللنيابة العامة إقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة بطلب الحكم ببطلانه، بل إن على المحكمة أن تقضى ببطلانه من تلقاء نفسها بحسبان أن البطلان المقرر فى هذه الحالة بطلانٌ يتعلق بالنظام العام.
رابعًا: الحد الأقصى المسموح به للأجانب في تملك الأراضى في مصر
جرى نص المادة (12) من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 1988 على أنه: ” وفي حالة زيادة الحد الأقصى للملكية عن الحدود الواردة بهذا القانون تتبع احكام المادة (7) من القانون رقم 50 لسنة 69 بتعيين حد أقصى لملكية الاسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها”.
وحيث نصت المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1969 على أنه : ” لا يجوز لأى فردٍ أن يمتلك من الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى البور والصحراوية أكثر من (50) خمسين فدانًا.
كما لايجوز أن تزيد على (100) مائة فدانٍ من تلك الأراضى جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة, وكل تعاقدٍ ناقلٍ للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلًا ولا يجوز شهره “.
ونصت الفقرة الأولى من المادة (2) من ذات القرار بقانون على أنه: ” فى تطبيق أحكام هذا القانون تشمل الأسرة الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين”.
ونصت المادة السابعة من ذات القرار بقانون على أنه: ” إذا زادت ـ بعد العمل بهذا القانون ـ ملكية الفرد على خمسين فدانًا بسبب الميراث أو الوصية أو غير ذلك من طرق كسب الملكية بغير طريق التعاقد أو ملكية الأسرة على المائة فدان بسببٍ من تلك الأسباب أو بسبب الزواج أو الطلاق وجب تقديم اقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عن الملكية بعد حدوث الزيادة وذلك خلال المواعيد وبالشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية.
ويجوز للفرد أو الأسرة التصرف في القدر الزائد بتصرفاتٍ ثابتة التاريخ خلال سنةٍ من تاريخ حدوث الزيادة وإلا كان للحكومة أن تستولى نظير التعويض المنصوص عليه في المادة (9) على مقدار الزيادة اعتبارًا من تاريخ انقضاء تلك السنة ويكون لأفراد الأسرة أن يعيدوا توفيق أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها وذلك بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال السنة المشار إليها وتطبق في شأنهم في هذه الحالة أحكام الماد ة (4) .
فإذا لم يتفق أفراد الأسرة على توفيق أوضاعهم خلال السنة تطبق في شأنهم أحكام المادة (5) “.
إذا لم نأخذ في الاعتبار بطلان العقد المشار إليه على نحو ما أثبتنا آنفًا، وإذا افترضنا ـ على غير الحقيقة ـ أنه صحيحٌ، فإنه بالنظر إلى القيد الذى ساقته المادة (12) من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية المعدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1988 والمتمثل فى الالتزام بعدم تجاوز الحد الأقصى للملكية المنصوص عليه فى المادة (11) من هذا القانون، وبعد إلغاء هذه المادة بموجب المادة الثانية من مواد إصدار قانون الرى والصرف رقم 12 لسنة 1984 والتى جرى نصها على أن ” يُلغَى القانون رقم 74 لسنة 1971 بشأن الري والصرف والمادة 11 من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، كما يُلغَى كل حكمٍ يخالف هذا القانون”, فإنه يكون لا مناص من عودة سريان نصىِّ المادتين رقمى (1)، (2) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1969 باعتبار أن حكميهما يمثل القواعد العامة التى تحكم الحد الأقصى لتملك الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضى البور والأراضى الصحراوية في مصر؛ ذلك أنه بإلغاء نص المادة (11) من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية والتى كانت تتضمن أحكامًا خاصةً بالأراضى الصحراوية فقد زال القيد الذى كان يعطل سريان القواعد العامة الواردة في المادتين آنفتى الذكر ليعود سريانهما من جديد ليحكم الحد الأقصى لتملك الأراضى الزراعية وما في حكمها في مصر وهو خمسين فدانًا للفرد ومائة فدانٍ للأسرة باعتبار أن الأسرة تتكون من الزوج والزوجة والأولاد القصر.
فإذا كان القرار الجمهورى سالف البيان قد اقتصر فى تقرير المعاملة المقررة للمصريين فى تملك الأراضى المشار إليها على الشيخ زايد وأفراد أسرته الواردة أسماؤهم فى هذا القرار دون أفراد أسرهم ودون باقى أفراد أسرة زايد ممن لم ترد أسماؤهم فيه وهم أحد عشر شخصًا، وبافتراض أن أولاد زايد المذكورين كانوا جميعًا بُلَّغًا فى تاريخ إبرام العقد المشار إليه فى 10 مارس 1990 ، وبافتراض أن الشيخ زايد وأولاده ليس لهم أملاكٌ من الأراضى الزراعية وما فى حكمها داخل الدولة المصرية بخلاف الأراضى المتعاقد عليها، فإنه لا يجوز لأىٍ منهم أن يتملك من الأراضي محل هذا العقد وقدرها 3130 فدانًا و6 قراريط أكثر من خمسين فدانًا أى بإجمالى 11 × 50 بما يساوى 550 فدانًا لهم جميعًا.
( وينبغى بحث مسألتى بلوغ أولاد زايد سن الرشد وقت إبرام العقد المشار إليه وما إذا كان أىٌّ منهم قد تملك أراضٍ زراعيةٍ أو ما فى حكمها بخلاف الأراضي المشار إليها داخل الدولة المصرية على وجه رسمىٍّ).
( كما ينبغى أن نأخذ فى الاعتبار أنه بوفاة الشيخ زايد رحمه الله فإن ملكية حصته فى صفقة البيع المشار إليها وقدرها خمسون فدانًا تكون قد آلت ولو فى جزءٍ منها إلى أولاده الواردة أسماؤهم بالقرار الجمهمورى آنف الذكر).
وإذ أحال المشرع بالنسبة للأراضى الصحراوية فى حالة الزيادة عن الحد الأقصى للملكية عن الحدود المسموح بها قانونًا إلى المادة (7) من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حدٍ أقصى لملكية الاسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها وذلك على نحو ما ورد بالمادة (12) من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية المعدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1988.
فإن القدر الزائد عن الحدود القصوى لملكية الأراضي فى مصر بالنسبة للأراضي الصحراوية محل العقد المشار إليه يساوى 2570 فدانًا و6 قراريط، هذا القدر يخضع لحكم نص المادة (7) من القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها.
وحيث أن هذه المادة تتناول الجزاء المترتب على الزيادة عن الحد الأقصى المسموح به قانونًا لتملك الأراضى الزراعية وما في حكمها في مصر بغير طريق التعاقد، فإن المشرع إذ أحال إليها في شأن الجزاء المترتب على الزيادة عن الحد الأقصى المسموح به قانونًا لتملك الأراضى الصحراوية لم يفرق بين ما إذا كانت تلك الزيادة حاصلةٌ بطريق التعاقد أم بغيره من طرق كسب الملكية كالوصية أو الميراث مثلًا.
وحيث خولت هذه المادة للدولة إن لم يتصرف الفرد أو الأسرة في الزيادة الحاصلة في ملكيته أو ملكيتها للأراضى الزراعية وما في حكمها من الأراضى الصحراوية والبور بتصرفاتٍ ثابتة التاريخ خلال سنةٍ من تاريخ حدوثها, أن تستولىَ نظير التعويض المنصوص علية في المادة (9) على مقدار هذه الزيادة اعتبارًا من تاريخ انقضاء السنة المشار إليها.
وحيث أنه قد انقضى على تاريخ إبرام العقد المشار إليه في 10 مارس 1990 ميلاديًّا والذى تجاوزت الأراضى الصحراوية المتعاقد عليها فيه الحد الأقصى المسموح به قانونًا لتملك الأراضى أكثر من ستة وعشرين عامًا دون أن يتصرف المشترون بتصرفاتٍ ثابتة التاريخ في القدر الزائد خلال سنةٍ من حدوث هذه الزيادة، الأمر الذى يفرض على السلطات المصرية ـ بافتراض صحة هذا العقد وهو غير صحيحٍ ـ أن تستولىَ على هذه الزيادة وقدرها 2570 فدانًا و 6 قراريط أو أكثر.
وقد يثور التساؤل عما إذا كان انقضاء أكثر من خمسة عشر عامًا على وضع الشيخ زايد وأولاده المذكورين أيديهم على الأراضى المشار إليها يعد سببًا لاكتسابهم ملكيتها بالتقادم، الإجابة قطعًا بالنفي:
فقد جرى نص الفقرة الأولى من المادة رقم (10) من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية على أنه: ” يحظر على أي شخصٍ طبيعىٍّ أو معنوىٍّ أن يحوز أو يضع اليد أو يتعدى على أى جزءٍ من الأراضى الخاضعة لأحكام هذا القانون “.
كما جرى نص الفقرة الثانية من المادة رقم (970) من القانون المدنى على أنه: ” ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الإعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حقٍّ عينىٍّ على هذه الأموال بالتقادم”.
فإذا كانت الأراضي محل العقد تعد من الأراضى الصحراوية المستصلحة المملوكة للدولة ملكيةً خاصةً فإنه يُحظَر على أىِّ شخصٍ طبيعىٍّ أو معنوىٍّ أن يحوزها أو يضع يده أو يتعدى عليها ولا يجوز تملكها أو كسب أى حقٍ عينىٍّ عليها بالتقادم.
وقد استقر قضاء النقض على أنه: ” النص بالفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدنى – بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 – على أن ” لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى بالتقادم ” والنص بذات الفقرة بعد استبدالها بالقانون رقم 55 لسنة 1970 على أن ” لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم ” يدل على أن المشرع أراد بالتعديل الأول للفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني حماية الأموال الخاصة الملوكة للدولة وللأشخاص العامة الأخرى إقليمية كانت أو مصلحية حتى تكون تلك الأموال فى مأمنٍ من تملكها بالتقادم، أما أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة أو شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما فقد ظلت بمنأى عن هذا الخطر، وظل من الجائز تملكها وكسب أى حقٍّ عليها بالتقادم حتى أسبغ عليها المشرع تلك الحماية بالقانون 55 لسنة 1970 والمعمول به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 13-8-1970 . “
( الطعن رقم 1746 لسنة 50 ق ، جلسة 1981/12/31 )
الخلاصة:
1ـ عقد البيع الذى بموجبه بيعت الأرض سالفة البيان إلى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأسرته وأولاده أنفي الذكر وأسرهم عقدٌ باطلٌ بطلانًا مطلقًا ينحدر به إلى حد الانعدام لعدم اختصاص محافظ الشرقية بالتصرف في الأراضى الصحراوية المستصلحة المملوكة للدولة ملكيةً خاصةً وانعقاد هذا الاختصاص للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها ولإبرامه قبل صدور قرارٍ من رئيس الجمهورية بمعاملة المشترين وهم أجانب المعاملة المقررة للمصريين في تملك الأراضي، وبالتالي فإنه يمتنع على موظفى الشهر العقارىِّ أو السجل العينىِّ تسجيل هذا العقد أو شهره، ويقع باطلًا منعدمًا ما اتُّخذ من إجراءات تسجيله أو شهره، كما أنه يكون لكل ذى شأنٍ وللنيابة العامة إقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة بطلب الحكم ببطلانه، بل إن على المحكمة أن تقضى ببطلانه من تلقاء نفسها بحسبان أن البطلان المقرر في هذه الحالة بطلانٌ يتعلق بالنظام العام .
2ـ إذا لم نأخذ في الاعتبار بطلان العقد المشار إليه على نحو ما أثبتنا آنفًا، وإذا افترضنا ـ على غير الحقيقة ـ أنه صحيحٌ، وبافتراض أن أولاد زايد المذكورين كانوا جميعًا بُلَّغًا فى تاريخ إبرامه، وبافتراض أن الشيخ زايد وأولاده ليس لهم أملاكٌ من الأراضى الزراعية وما فى حكمها بخلاف الأراضى المتعاقد عليها، فإنه لا يجوز لأىٍ منهم أن يتملك من الأراضى محل هذا العقد وقدرها 3130 فدانًا و 6 قراريط أكثر من خمسين فدانًا أى بإجمالى 11 × 50 بما يساوى 550 فدانًا لهم جميعًا ، وإذ انقضى على تاريخ إبرام العقد الذى تجاوزت الأراضي الصحراوية المتعاقد عليها فيه الحد الأقصى المسموح به قانونًا لتملك الأراضى في مصر آكثر من ستة وعشرين عامًا دون أن يتصرف المشترون بتصرفاتٍ ثابتة التاريخ في القدر الزائد خلال سنةٍ من حدوث هذه الزيادة الأمر الذى يفرض على السلطات المصرية أن تستولىَ على هذه الزيادة اعتبارًا من تاريخ انقضاء السنة المشار إليها .
3ـ انقضاء أكثر من خمسة وعشرين عامًا على وضع الشيخ زايد وأولاده أيديهم على الأراضى المشار إليها لا يعد سببًا لاكتسابهم ملكيتها بالتقادم بحسبان أن الأراضى محل العقد المشار إليه تعد من الأراضى الصحراوية المستصلحة المملوكة للدولة ملكيةً خاصةً يُحظَر على أىِّ شخصٍ طبيعىٍّ أو معنوىٍّ أن يحوزها أو يضع يده أو يتعدى عليها ولا يجوز تملكها أو كسب أى حقٍّ عينىٍّ عليها بالتقادم.
…………………………………..
رئيس محكمة المنصورة الابتدائية – مصر