في السطور التالية؛ خلاصة دراسة مقارنة للدكتور أسامه الرفاعي، الباحث والكاتب المصري, الحاصل على الدكتوراه من جامعة كالجاري في كندا, وفيها يقارن بين فرص نجاح النهج السلمي، والعمل المسلح، في الحالة المصرية. وقد اعتمد البحث في جوهره على العوامل الداخلية في مصر، مؤجلاً الخوض في تفاصيل العوامل الدولية والإقليمية. وبعد استشراف للمستقبل؛ وفي ضوء قراءة متأنيه للواقع المصري، وثورات الأمم, انقشعت غمامة الشك، ووقر في النفس أن فرص نجاح السلمية في مصر، أعظم بكثير من مغامرة العمل المسلح. وقد لخصت حجج هذا النهج، في النقاط العشرين التالية:
- الخبرة المصرية:
الوسائل السلمية، تمت تجربتها بالفعل في مصر، ونجحت من قبل، في إحداث التغيير المراد بها. حدث ذلك في 25 يناير وبنسبة كبيره (لا يمكن تعليق الفشل الذي حدث لاحقا على “سلمية” الحراك، فهناك عوامل كثيرة لا مجال لذكرها). أما العمل المسلح، فلم ينجح في مصر من قبل، و قد فشلت تجربة الجماعة الإسلامية، وجماعة الجهاد؛ وما زالت عوامل فشل هذه التجربة قائمة. وإذا كان الاختيار بين طريقتين: إحداهما قد جُربت بالفعل، ونجحت ولو نسبيا (السلمية)؛ والأخرى لم تجرب، أو جُربت على نطاق ضيق، وأثبتت فشلها (العمل المسلح)؛ فكيف نختار المجهول ونترك المجرب؟
- هل فشلت السلمية؟
كيف يمكن الحكم بفشل السلمية، وهي لم تستنفذ كل وسائلها بعد؟ حتى إن أشهر الآليات السلمية؛ مثل الإضراب العام والعصيان المدني، لم يتم استعمالها، مع مرور كل هذا الوقت من عمر الثورة. وإذا كانت هذه الوسائل لم تستعمل حتى الآن؛ لأن الاستجابه الشعبية لها ضعيفة في الوقت الراهن، فكيف نتوقع دعما شعبيا للعمل المسلح، وهو أكثر كُرها لدى الجماهير؟!
وللسلمية وسائل عديدةه لم يتم تطبيقها من قبل في الصراع (وهذا موضوع آخر).
- حسابات الفشل و النجاح:
- الثورة (السلمية) يمكن التنبؤ بنتائجها، حتى في حال الفشل: (قمع أمني رهيب؛ يشمل اعتقالات، إعدامات، واغتيالات لقيادات العمل الثوري كما يحدث في مصر حاليا). ويمكن التغلب على فشل هذه المرحلة، من خلال تصعيد قيادات بديلة، لمواصلة الكفاح, بينما في حال العمل المسلح لا يمكن التنبؤ بمخرجاته -على وجه اليقين- حال الفشل؛ وما إذا كان الصراع سينقلب إلى حرب أهلية، أم سيؤدي إلى تقسيم البلاد، أو إبادة كاملة للطبقة التي تحمل فكرة الثورة (العناصر المسلحة في هذه الحالة). وفي أحسن الأحوال، سيؤدي فشل العمل المسلح، إلى إطالة أمد الاستبداد، ونفور الجماهير من فكرة الثورة لأجيال عديدة (لاحظ أن شبح العشرية السوداء في الجزائر، فوت عليها فرصة الانضمام للربيع العربي).
- أما في حال النجاح؛ فإن الإحصائيات تشير إلى أن الثورات السلمية، غالبا ما تُنتج مؤسسات ديموقراطية، أو شبه ديموقراطية (ثورات أوروبا الشرقية مثالا). أما الثوارت المسلحة، فتنتج في أغلب الأحوال ديكتاتوريات، ربما أشد من تلك التي قامت عليها الثورة (ثورة كوبا مثالا).
- عامل الوقت:
من ينادون بالعمل المسلح يظنون أن فيه اختصارا للوقت، وليس على هذا أي دليل عملي أو تاريخي، بل إن العمل المسلح قد يطيل أمد المعاناة، خصوصا إذا تحولت الثورة إلى حرب أهلية. وأغلب الظن أن الاستعجال هنا نابع من الرغبة في حرق المراحل، والوصول لمرحلة الحسم (انظر البند رقم 20).
- الطبيعة الجغرافية والسكانية في مصر:
كما أن العمل المسلح يحتاج إلى حاضنة شعبية، فإنه يحتاج أيضا إلى حاضنة جغرافبة. والتضاريس في معظم المحافظات الرئيسية والمهمة في مصر لا تقدم الحماية لمجموعات قتالية ناشئة، مما سيدفع بالصراع إلى مناطق حدودية معزولة؛ حيث يلجأ المسلحون للاحتماء بالجبال وغيرها. أضف إلى ذلك وجود كثافة سكانية كبيرة في العاصمة، والمناطق الرئيسية في البلاد، مما قد يؤدي إلى زيادة رهيبة في أعدد الضحايا من السكان (ولهذا أبلغ الأثر في النفور من الثورة، وتآكل الحاضنة الشعبية لها).
- تفويت الفرصة:
إدراك كيف يفكر الخصم جزء أساسي في إدارة الصراع. وقد علق نظام السيسي من أول يوم في انقلابه لافتة (مصر تحارب الإرهاب)؛ وقدم هذا الخطاب، كمسوغ لقبوله داخليا وخارجيا. وفي هذا أكبر دليل على رغبته الجامحة لجر الإسلاميين للعنف. ولكن اختيار السلمية، فرّغ هذه الدعاية من مضمونها، ووضع النظام وداعميه في حرج كبير.
- مكونات الثورة:
العمل المسلح يباعد بين فصائل ومكونات الثورة، حيث التنازع على مناطق النفوذ، ومصادر المال والسلاح. أضف إلى ذلك اللجوء لحسم الخلافات السياسية، والإيديولوجية بالسلاح بدل الحوار (الحرب بين مكونات الثورة السورية كمثال).
- خلط الأوراق:
يمكنك أن تعلن العمل المسلح، ولكن يستطيع النظام أن يُدخل معك ألف فصيل مسلح آخر، ويصنع ميلشيات كثيره؛ تشتت وتهدر كل انجاز للثورة (مثال داعش التي تحرر المحرر في سوريا). فمثلا؛ إذا أعلن الإخوان إنشاء كيان مسلح، فمن يستطيع أن يمنع جماعات أخرى، سياسية (ودينية خصوصا) من تكوين ميليشياتها؟ بل ربما سيساعدها النظام، وبعض القوى الإقليمية والدولية في ذلك. ولا شك أن كل هذه الميليشيات سستتقاتل فيما بينها، نظرا لتضارب المصالح، وستترك النظام يدير المشهد.
نقطه مهمة أخرى: وهي أن “القرار” ينتقل من الداخل، إلى الخارج؛ وتحديدا لمن يقوم بإمدادات المال والسلاح.
- بين العزل والإندماج:
العمل المسلح يتطلب عزل الثوار عن باقي مكونات الشعب، وهذا سعى إليه النظام (مع الإخوان تحديدا) منذ أول يوم. وإن كان النظام قد نجح في عزل الإخوان سياسيا، فإنه فشل تماما في عزلهم شعبيا، وهذا بفضل سلميتهم. ويترتب على العزل خسائر كثيرة، منها انحسار الإيمان بفكرة الثورة بين الأغلبية.
إضافة إلى تجنب “العزل الشعبي”، فإن اتجاه الإخوان للعنف يجعل الصراع محصورا بين (العسكر والإخوان) فقط؛ وهذا من شأنه أن يفتح الباب، لإبادة الإخوان، بصمت دولي و تأييد محلي، (وحتما يأتي دور الفصائل الأخرى بعد الإخوان) وذلك دونما أن يُتهم النظام بعداء “الثورة”. أما الآن فإن كل الفصائل السياسية، ينالها نصيب من اضطهاد النظام؛ حتى تلك التي أيدت الانقلاب أول الأمر؛ أصبحت الآن في خانة المعارضة للنظام (عليك أن تتذكر أن قادة 6 إبريل وبعض الإشتراكيين في السجون الآن).
ولهذا فائدتان:
الأولى: أنه ساعد في كشف عداء النظام لثورة 25 يناير وكل مكوناتها.
الثانية: تقريب وجهات النظر بين مكونات الثورة الأساسيىه؛ مما يسهل التوافق بينها في المستقبل.
- ضحايا السلمية:
كما أن للسلمية ضحايا، فإن للحرب ضحايا أكثر بكثير، ولكن الفرق هو أنه كلما زاد ضحايا السلمية زادت شريحة المتعاطفين معها في الرأي العام المصري، والعالمي, بينما يغيب التعاطف الشعبي تماما في حالة النزاع المسلح. وإذا كان العيب الرئيسي في أن ضحايا السلمية، أنهم يموتون بدم بارد، فإن هذا هو مكمن قوتها، بما تخلقه من غضب لدى جمهورها، وسخط لدى المحايدين؛ يجب استثماره على أحسن وجه. (تأمل كيف استثمر اليهود مثلا ضحايا الهولوكوست, ومن يعيش في الغرب يفهم ذلك جيدا). ويجب العمل على هذا من خلال مسارين:
- تنمية الحاضنة الشعبية للثورة، والتي تشهد تزايدا مستمرا في حالة السلمية، مع تآكل الحاضنة الشعبية للإنقلاب. بينما العكس هو الصحيح إذا تم استعمال العنف.
- شيطنة النظام: كلما زادت جرائم النظام، زاد قبحه وفظاعته في عيون الشعب، وضعف موقفه أمام داعميه الدوليين، مما يسهل التخلي عنه لاحقا (داخليا وخارجيا). فانهيار الصورة الأخلاقية للنظام في نظر شعبه، عامل مهم في حسم المعركة على المدى الطويل (يستعمل النظام نفس التكتيك، في شيطنة المعارضة).
- دفع الثمن مرتين:
كيف تبدأ حربا ولديك أربعون ألف أسير مقدما؟
لا شك أن الثوار السلميين في مصر (وفي القلب منهم الإخوان) قد دفعوا كثيرا من ثمن النهج السلمي، حتى اللحظه. وقد لا يكون من الحكمة أن تدفع ثمن السلمية كاملا؛ ولا تصبر عليها، ثم تذهب لتدفع ثمن العمل المسلح من جديد فتكون قد دفعت الثمن مرتين؛ دون أن تحصل على أية نتيجة.
- استثمار الحرب:
السلمية تمنع النظام من استثمار الحرب؛ فالعمل المسلح و أخبار المعارك، تمنحه عدة مزايا؛ منها:
- شرعية البقاء لحماية أنصاره.
- تتكفل أخبار لمعارك بالتغطية على الفشل الإقتصادي والأمني.
- اسكات صوت المطالب الفئوية، والطبقات المطحونة، بحجة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
- استغلال أي حادث عشوائي، أو كارثة طبيعية، كمبرر لبقاء النظام (ولكن على العكس؛ هذه الحوادث تصب في صالح الثورة السلمية، إذا أحسن الثوار استغلالها).
- انتعاش تجارة السلاح، والدواء، والغذاء، وانحصارها بين رجال النظام والموالين له، مع غياب أي رقابة شعبية, بينما يزيد الفقر على الجانب الآخر.
- الدعم الدولي غير المشروط، ماديا(بالمال والسلاح)، وسياسيا، ودبلوماسيا (في هذا السياق يمكن قراءة تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية، والمبرر الرسمي لاستئنافها بالحرب على الإرهاب في سيناء).
- جبهات المواجهة:
جبهات العمل السلمي أكثر بكثير من جبهة العمل المسلح الواحدة. فالعمل السلمي يفتح الباب للحراك الطلابي، والعمالي، والنقابي، والنسائي، بل حتى العمل الفني والكوميدي؛ بحيث تشارك كل فئات المجتمع في الثورة. أما في حالة العمل المسلح؛ فلا ينخرط فيه إلا فئة محدودة من المدربين والقادرين عليه. وهذا يفرغ جبهات عديدة للنظام، و يوفر عليه طاقات كثيرة.
- الدولة العميقة:
الزعم بأن (السلمية) لا تستطيع القضاء على الدولة العميقة صحيح؛ ولكن الحقيقة تقول إنه، حتى الثورة المسلحة قد لا تنجح في ذلك. ولنا في ليبيا (أنجح الثورات العربية) خير مثال، فقد استطاع انصار القذافي إعادة تنظيم أنفسهم والسيطرة على البرلمان – عبر انتخابات – ثم تكوين جيش موالٍ لهم (جيش حفتر والقبائل)، مما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد في أحسن الأحوال. وقد حدث شيء مشابه في الثورة الفرنسية. والحق أن القضاء على الدولة العميقة؛ عملية “طويلة”، تتطلب معادلات سياسية واجتماعية معقدة, لأن الدولة العميقة، لا تشكل طبقة حاكمة فحسب، ولكنها شرائح اجتماعية كبيرة، لا يمكن القضاء عليها في يوم وليلة.
- كيان الدولة:
الحرب الأهلية تمزق الجيش وأجهزة الدولة، وتهدم معظم المرافق، وتدمر مكونات البنية التحتية (وربما تهدم كيان الدولة من الأساس)؛ بينما السلمية – وإن أضعفت هذه المؤسات وأنهكتها- إلا أنها تُبقي عليها، حتى يستفيد بها النظام الجديد بعد نجاح الثورة. وأهمية هذا البند تكمن في “تأمين” الثورة بعد بداية استلام الحكم (غالبا ما تكون أول حكومة ضعيفة جدا). فالفشل في تلبية احتياجات الشعب (إذا تسلم الثوار دولة بلا مؤسسات ولا مرافق)، هو من أهم مقومات قيام الثورة المضادة. وعلينا أن نتذكر أن محمد مرسي– بفضل النهج السلمي- أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة في مصر. ولا شك أن التاريخ كان سيختلف لو أن مرسي نجح – أو حتى لم يتأخر- في تنصيب قيادات موالية له بشكل مباشر في الأجهزه السيادية، ولم يستسلم لإشاعات الأخونة.
- الحفاظ على سياق الثورة:
النهج السلمي يعني بالضرورة الحفاظ على المباديء، والسياق الذي سارت فيه ثورة 25 يناير. ولهذا مميزات عدة أذكر منها:
- رسوخ مبررات قيام ثورة 25 يناير في العقلية الجمعية للشعب المصري، هذا برغم أن هذا الشعب يميل بطبعه للسكينه، ويكره فكرة الثورة. وهذا يوفر على الثوار مهمة اقناع الشعب، بمبررات قيام ثورة أخرى جديدة. وهذه المهمة، تكاد تكون مستحيلة، في حالة اللجوء للعمل المسلح.
- شعور كافة مكونات الشعب المصري بأنها شريكة في ثورة 25 يناير؛ يجعلها أكثر قبولا لفكرة “استكمال” أهداف الثورة، فضلا عن فكرة القيام بثورة جديدة (خصوصا إذا كانت الثورة الجديدة ستسيل فيها دماء كثيرة).
- على المستوى الدولي؛ فإن العالم يتفهم أسباب قيام ثورة 25 يناير، ولذلك فإن الدول التي تعاديها لم تجرؤ على التصريح بعدائها رسميا. ويمكن الإستفاده من ذلك في إدارة العلاقات الدولية للثورة.
- حفاظ الإخوان على السلمية، جعل مهمة النظام في تسويق حربه عليهم في سياق الحرب الدولية على الإرهاب مستحيلة.
- إضافة إلى القبول الشعبي، فإن الحفاظ على السلمية، يزيد من فرص إنضمام قوى مؤثرة (أفراد و تيارات) إلى معسكر الثورة (سواء إيمانا بالثورة، أو لتضارب مصالح هذه القوى مع أطراف أخرى في الحكم).
- وجود أهداف محددة لثورة يناير؛ يسهل مهمة الوصول إلى توافق/تحالف سياسي، بين أطياف مختلفة ومتناقضة أيديولوجيا (شبيه بما حدث أول الثورة). وهذا ضد طبيعة العمل المسلح.
لهذه الأسباب فإن قيادات الإخوان قد أحسنت صنعا في عدم الإنجرار إلى دعاوى ما يسمى بـ “الثورة الإسلامية”، رغم إغرائها لقطاع واسع من الإسلاميين.
- لعبة التمدد في الفراغ:
النظام بين خيارين أحلاهما مر: فإما فتح المجال السياسي حتى يستقر له الأمر، وإما غلقه مع بقاء حالة عدم الاستقرار (يخشى النظام من إجراء انتخابات برلمانية حتى الآن).والحفاظ على السلمية يمكن القوى الثورية من التمدد في أي هامش للحريات، واستغلاله لصالح الثورة. وإلا فيبقى الحال على ما هو عليه. بينما العمل المسلح يرفع عن كاهل النظام عبء إيجاد حياة سياسية، وحريات.
- من يملك قرار الهدنة:
يمكن للعمل السلمي أن يشهد مراحل من الصعود والهبوط، أو حتى قد يلجأ الثوار إلى تهدئة من جانب واحد لالتقاط الأنفاس. بينما هذا أصعب كثيرا في العمل المسلح؛ فالتهدئة مع النظام، قد تمكنه من القضاء تماما على الثورة. وبطبيعة الحال، لا يستطيع الطرف الأضعف في الحرب أن يعلن تهدئة من جانب واحد.
- متى تبدأ المفاوضات:
أي صراع، لابد أن ينتهي بنوع ما، من التفاوض بين الأطراف المتنازعة (وهي مرحلة متأخرة في الثورات عموما). والعمل المسلح، يدفع بالتفاوض إلى مراحل متأخرة جدا في الصراع، (ربما بعد انهيار كل شيء). خصوصا إذا كان العمل المسلح ضد دولة كبيرة في مواردها وعدد سكانها، ولا قيمة، ولا ثمن للجنود لديها، وتجعل من هيبتها رمزا لبقائها. بينما العمل السلمي يجعل الباب مفتوحا، وفي مراحل مبكرة، (حتى وإن أصر كل طرف على رفض التفاوض)، فقد يضطر الجميع إليه في لحظة ما. (غالبا ما يبدأ التفاوض بأطراف من داخل النظام، عندما تشعر بتهديد مصالحها، أو لتأمين مستقبلها بعد انهيار النظام).
- القوة المطلوبة؛ متى و كيف؟
مقولة: “لا توجد ثورة في التاريخ إلا وحسمتها القوة؛ صحيحة”. ولكن القوة المقصودة هنا لا تكون إلا في مرحلة “الحسم” الأخيرة. والهدف من استعمال القوة في هذه المرحلة، هو فقط لنزع أدوات الحكم من أيدي العصابة الحاكمة وتسليمها للشعب (السيطرة على مؤسسات الدولة). وبقراءة تاريخ الثورات تتميز مرحلة الحسم بالقوة بما يلي:
- أنها المرحلة الأخيره في الثورات السلمية
- أنها مرحلة قصيرة جدا وخاطفه (تشبه الانقلاب العسكري)
- في أغلب الأحيان يشارك فيها أجزاء من النظام نفسه
- غالبا ما تحدث بطريقة عفوية وفي ظل قبول شعبي واسع
- استعمال القوة لا يكون إلا في أضيق الحدود، وهذا مختلف تماما عن تسليح الثورة.
ويبقى السؤال: هل إمتلاك عوامل القوة؛ يعني بالضرورة تسليح الثورة؟! لا أظن ذلك، لأن القوة هنا لا تعني السلاح فقط.
و في الختام؛ توصي هذه الدراسة بالحفاظ على النهج السلمي – كإطار عام- للثورة المصرية، مع التطوير المستمر لأدوات الحراك. كما يرجو الكاتب، أن تتم مناقشة بنودها العشرين بهدوء، مع إقراره باحتمال الخطأ، وقبوله للنقد والتصويب.. وما زال باب الاجتهاد مفتوحا.