د. أكرم كساب يكتب: فوائد السياسة الشرعية وحاجة الأمة إليها

تحتاج الأمة دائما إلى السياسة الشرعية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، وكذلك الحاكم المستبصر الساعي لحفظ دنيا الناس وسياستها بالدين، ومثله العالم الفقيه الناشد المصلحة لأمته ودينه.

كلام نفيس لابن القيم في أهمية السياسة الشرعية:

ولابن القيم كلام نفيس يجمل فيه فائدة العمل بالسياسة الشرعية فيقول: وهذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فرط فيه طائفة، فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وعطلوها، مع علمهم وعلم غيرهم قطعا أنها حق مطابق للواقع، ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع…. وأفرطت طائفة أخرى قابلت هذه الطائفة، فسوغت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله، وكلتا الطائفتين أتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله، وأنزل به كتابه. فإن الله سبحانه أرسل رسله، وأنزل كتبه، ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات.

فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان، فثم شرع الله ودينه، والله سبحانه أعلم وأحكم، وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء، ثم ينفي ما هو أظهر منها وأقوى دلالة، وأبين أمارة. فلا يجعله منها، ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها، بل قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق، أن مقصوده إقامة العدل بين عباده، وقيام الناس بالقسط، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين، وليست مخالفة له (الطرق الحكمية/ ص 13، 14).

ومن أهم فوائد السياسة الشرعية:

  1. تحفظ السياسة الشرعية للأمة كيانها في كل مناحي الحياة؛ الروحي والسياسي والاجتماعي والخلقي.
  2. تعتبر السياسة الشرعية طريقا للأمة تحقق من خلالها نهضتها دون انحراف حاكم، أو شذوذ عالم، بل يحفظ الجميع في سبيل تحقيق نهضته, عقيدته وشريعته.
  3. تضع السياسة الشرعية الخطط اللازمة التي تنظم حياة الأمة، وتنقلها من السيء إلى الحسن ومن الحسن إلى الأحسن، حتى يتحقق لها الشهود الحضاري المنشود.
  4. تعد السياسة الشرعية وسيلة للحاكم تحقق له طموحاته وآماله، وتبيض له صفحته في الدنيا دون مخالفة شرعية، مما يضمن له الفوز والنجاة يوم القيامة.
  5. تتخذ السياسة الشرعية أداة للفقيه الحاذق ينفذ بها أفكاره، ويحقق بها أهدافه، ويتحصل من خلالها على نجاح فكرته، وصحة فتواه، مما يحقق للناس مصلحتهم.
  6. تبحث السياسة الشرعية للحاكم والفقيه عن البديل إذا كانت نتائج القرار أو الفتوى لا تتماشى مع روح الشريعة، ولا تحقق مقاصد الدين.
  7. لا تقف السياسة الشرعية مع الحاكم أو الفقيه عند النص وحسب، وإنما تنطلق بهما إلى ما هو أبعد من ذلك، فتعطي كليهما الحق في استحداث ما يلزم من الأحكام ما لم يخالف نصًا، كما في التعزير فيما لا حد فيه.
  8. تراعي السياسة الشرعية اختلاف البيئات والثقافات والأحوال والعوائد، فلا تصدر حكما يصطدم مع مصلحة عامة حقيقية للناس، ولا تقف جامدة أمام نص مهما كانت عاقبة تطبيقه.
  9. تسعى السياسة الشرعية إلى درء أكبر المفاسد لتحقيق أكبر المصالح بأقل الجهود والتكلفة.
  10. تضبط السياسة الشرعية العلاقة بين الحاكم والمحكوم، إذ تبين لكلٍ ما له وما عليه، فتلزم كلا بما له من حقوق وما عليه من واجبات.
  11. تحقق السياسة الشرعية للأمة عزتها وكرامتها، وتصون لها حدودها وأراضيها، بما تقوم به من ضبط العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول.

شاهد أيضاً

أ.د. إسماعيل علي يكتب : هل يستحق الإخوان المسلمون (العفوَ) مِن السيسي؟!!!

بعد ثورة_25_يناير 2011، مارَسَ الإخوانُ المسلمون حقَّهم المشروعَ ـ بل واجبَهم المنتظَرَ منهم ـ فتقدموا …