لماذا تم الاتفاق على منح المرأة يوما عالميا؟, الهدف الأول هو التذكير بحقوق المرأة المنقوصة, لاسيما في دول عالم الجنوب والدول النامية أو المتخلفة. التذكير بحقوقها التي نصت عليها شرائع الأديان السماوية والقوانين الوضعية؛ وبالذات الإسلام الذي أنصف المرأة ومنحها حقوقها الدنيوية, وفي معظم الآيات القرآنية التي تحدثت عن الواجبات والحقوق قرن الله تعالى المرأة مع الرجل في العقيدة والتكليف والمسؤولية؛ كقوله تعالى: ” المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ” ( التوبه – 71 ) وقوله تعالى “ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ” ( النساء – 124 ).
ورغم هذا العطاء من الله فإن الانسان الرجل الذي يشعر بقوته البدنية والمالية استمرأ حالة السيطرة على المرأة. وينطبق عليها وصف قاسم أمين بقوله ” استعملها الرجل متاعا للذته, يلهو بها متى أراد ويقذف بها في الطرقات متى شاء, له الحرية ولها الرق, له العلم ولها الجهل, له العقل ولها البله, له الضياء والقضاء ولها الظلمة والسجن, له الأمر والنهي ولها الطاعة والصبر, له كل شيئ في الوجود وهي بعض ذلك الكل الذي استولى عليه “. ويرى أمين أنه من طبيعة الإنسان ألا يحترم إلا القوة ولا يُردع إلا بالخوف, ولما كانت المرأة ضعيفةً, هضمَ الرجل حقها, وعاملها باحتقار وطمس شخصيتها وعاشت في حال انحطاط ليس لها رأي, خاضعة للرجل, ليس لها من هذا الكون الفسيح إلا منزلها تعيش فيه تحت أستار الظلمات .
عندما نزلت رسالة الإسلام كان المجتمع المكي يسوده الرق والظلم وامتهان المرأة، وسطوة شيوخ القبائل، فدعا الإسلام منذ البدء إلى المساواة بين بني البشر، وإلى تحرير الرقيق، وحرم الزنا وشرب الخمر، والربا والقتل، وأباح التجارة والملكية المرضي عنها، ودعا الشباب إلى الزواج وتكوين الأسرة. فالإسلام ثورة على بعض ما كان موجودا في تلك البيئة, لاغيا بعض العادات, وبانيا مؤسسات جديدة في المجتمع الذي ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك فقد وجد الكثير من السمات المشتركة في ذاك المجتمع, لتأمين الاستمرارية بين العادات العربية المقبولة وبين الشريعة.
كانت حقوق الإنسان حاضرة في رسالة الإسلام، إبتداءً من وحدانية الله الذي رسم للمسلمين المؤمنين المنهج السليم الذي يسيرون عليه، وأبرز مقومات هذا المنهج العدل والمساواة والحرية ومقاومة الاستبداد والظلم، والدعوة إلى الشورى في الحكم، وحق الملكية الفردية والملكية العامة. وكلها قضايا في غاية الأهمية إذا أردنا توخي إقرار حقوق الإنسان الشخصية وحقوقه الاجتماعية وحقوقه السياسية والثقافية. والإسلام لم يورد حقوق المرأة بشكل عموميات غامضة بل فصلها وبين الكثير من الواجبات التي رسمت صورة واضحة لها كإنسان؛ مشاركة للرجل في مجالات الحياة التي تتفق وطبيعتها. أعطى الإسلام المرأة حقوقها سواءً المادية كالإرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها, إلى جانب إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية, أو حقوقها المعنوية كما كفل لها حق التعلم والتعليم، بما لا يخالف دينها.
لا يقتصر دور المرأة في الإسلام على كونها امتدادا للرجل، رغم أن بعض العلماء والمؤرخين يختزلون دورها قياسا بالرجل؛ فهي إما أمه أو أخته أو زوجته. أما واقع الحال فالمرأة كان لها أدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ الإسلامي بمنأى عن الرجل. فنرى المرأة صانعة سلام (كدور السيدة أم سلمة في درء الفتنة التي كادت تتبع صلح الحديبية).. ونراها محاربة (حتى تعجب خالد بن الوليد من مهارة إحدى المقاتلين قبل أكتشافه أن ذلك المحارب أمرأة).. ودورها في الإفتاء بل وحفظ الميراث الإسلامي نفسه.
لقد حض الاسلام على احترام المرأة كمخلوق له كرامته وإنسانيته ودوره في بناء المجتمع, فالشريعة تملك مشروعا إنسانيا في الحقوق والواجبات في مستوى النظر والعمل ومستوى الرؤية التاريخية بعد أن شاركت المرأة الرجل منذ بداية التشريع موقفا وتنفيذاً في القول والفعل, في السلم وسعادة الرجل والأبناء، ولولاها لما وُجد الرجال، فهي أمهم التي لا تنافس . فالإسلام منحها الحق السياسي من أول يوم للدعوة، فهي أول من قتل شهيدا دفاعا عن الاسلام كما في شهيدة الإسلام الاولى سمية أم عمار بن ياسر، وحضورها بيعتي العقبة الأولى والثانية, والمشاركة في صنع القرار.
في ضوء هذا البيان الواضح من الله تعالى عن حقوق المرأة, أين دول الجنوب والدول الاسلامية منها؟ ومثال ذلك دولة ملالي ايران الذين يدعون أنهم يمثلون الإسلام ويقودون ثورة باسم الاسلام؟ . نظرة سريعة على تعامل الملالي مع المرأة الإيرانية المعاصرة يلمس أن الملالي يريدون من المرأة أن تظل عبدة لشهواتهم الجنسية, ويدّعون حماية العفة والحشمة بشكليات باهتة وفي الوقت نفسه يخدشون عفتها وكرامتها في كل حين, ويشجعون على إشاعة الرذيلة من خلال ما يسمونه المتعة والتمتع.
لقد عانت المرأة الإيرانية الكثير من الاضطهاد والقمع على أيدي الملالي, فتعرضت للقتل في السجون والاعتداء الجنسي وغيرها من أنماط التعذيب النفسي والجسدي لكونها تؤمن برأي يخالف رأي الملالي في ولاية الفقيه . كما تعرضت للتشويه الجسدي برش الاسيد (الأحماض) على وجوههن بدعاوى باهتة غير مقنعة, مثل أن المرأة لاتتقن لبس حجابها وما شابه ذلك . أما المرأة السياسية التي تؤمن بعقيدة معارضة لولاية الفقيه فإن القتل والتعذيب المفضي للموت هو مصيرها. وقد سجلت منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي مئات حالات التعذيب والقتل للنساء المعارضات أو من ذوي الأسر التابعة للمجاهدين .
إن دعاوى الملالي بأنهم حماة الإسلام وأنهم يقودون ثورة إسلامية خداعٌ وتشويه لرسالة الاسلام العادلة, وعلى العالم الحر ان يدرك أن هذا النظام معادٍ لكل حقوق الإنسان؛ الرجل والمرأة.