حادثة مقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجيني على يد جلاوزة الشرطة المصرية وإلقاء جثته في منطقة نائية بمدينة 6 أكتوبر أظهرت أن دولا مثل إيطاليا حريصة على مواطنيها في أى مكان أو بقعة من العالم, بعكس النظم الانقلابية والدكتاتورية التى تقتل أبناءها صباح مساء, خارج إطار القانون, وتعذبهم وتجوّعهم أو تقتلهم بالإهمال في حوادث الطرق والغرق وانهيار العقارات التى شيدت بدون ضمير من المقاولين مصاصى الدماء تحت سمع وبصر السلطات!
الصحافة الإيطالية شنت هجوما عنيفا على داخلية الإنقلاب التى تحاول التأكيد على أن ريجيني وُجد في منطقة نائية إلى جوار الطريق بعدما قُتل في حادث سيارة لكن رواية الشرطة المفضوحة – والتى تتمتع بسمعة سيئة على مستوى العالم – تتناقض مع علامات التعذيب الموجودة على جسد القتيل.
الصحافة الإيطالية لم تقتنع برواية داخلية الانقلاب لأن الجثة كان واضحا عليها علامات التعذيب والتى تشير إلى أن الطالب الذي كان يبلغ من العمر 28 عاما قد لقي نهاية عنيفة ومؤلمة.
كما أن صحيفة جارديان البريطانية نقلت عن المستشار أحمد ناجى رئيس نيابة حوادث الجيزة قوله إن جثة الطالب الإيطالي وجدت عليها آثار حرق سجائر وتعذيب أدى إلى موت بطيء فضلا عن قطع في الأّذن والأنف وكدمات وسجحات متفرقة.
الحكومة الإيطالية بدورها طلبت السماح للخبراء الإيطاليين بتولي التحقيق في الجريمة بسبب ما قالت إنها تصريحات متضاربة للمسؤولين المصريين حول ملابسات الواقعة علاوة على الانتقادات بسبب انتهاك حقوق الإنسان في البلاد .
كما أن الخارجية الإيطالية استدعت السفير المصري لديها وأبلغته أن الحكومة الإيطالية تطالب نظيرتها المصرية بكل قوة بالسماح لخبرائها بالمشاركة في التحقيقات “لأننا نرغب في ظهور الحقيقة كاملة” لأنه التزام من الحكومة الإيطالية تجاه مواطنيها.
الحكومة الإيطالية – بالرغم من العلاقة الحميمة مع النظام الإنقلابى- وقعت في حرج شديد تجاه الرأى العام الإيطالى بعد التناول الإعلامى للموضوع, وهذا واضح من خلال قرار وزيرة الاقتصاد الإيطالية قطع زيارتها الأخيرة للقاهرة حيث كانت تٓتٓرٓأّٓسُ وفداً من رجال الأعمال الإيطاليين لبحث فرص الاستثمار في مصر.
حادث اختطاف الشاب الإيطالي واخفائه قسريا ثم قتله بعد تعذيبه وإلقاء جثته في طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي,مشابه لما تفعله داخلية الانقلاب مع المواطنين المصريين الذين لايسأل عنهم أحد, بل تعلن الداخلية أنها قامت بتصفية عدد من الإرهابيين بعد استعمالهم السلاح ضد الشرطة, وبدوره يهلل الإعلام الانقلابى لذلك ويطبل ويبث صورا للضحايا, والأسلحة بجوارهم .. وهذا الفيلم الهابط يتكرر في كل مرة!
تصريحات الداخلية المتضاربة والمجافية للحقيقة لم يعد أحد يثق بها, لا فى الداخل ولا في الخارج, بعد ما حدث في عشرات بل مئات القضايا التى صدرت حولها تصريحات من جلاوزة الشرطة كلها مكذوبة, مثل أن المتظاهرين قتلوا أنفسهم في مذبحتى رابعة والنهضة, وكما حدث مع أحد شباب الأولتراس الذى ألقى القبض عليه في ميدان الجيزة ثم تم قتله في الغردقة بزعم الإعتداء على منشأة سياحية!
فقد نفت الشرطة وجود أثار تعذيب على الجثة في الوقت الذى أكد فيه رئيس النيابة وجود آثار تعذيب وأمر بتشريح الجثة, وهنا أبدت وزارة الداخلية على لسان أشرف العناني مسؤول إعلامي بالوزارة استياءها الشديد من تصريحات النيابة مؤكدة أن الموضوع حساس للغاية وكان يجب على رئيس النيابة عدم الإدلاء بتلك التصريحات فما لدينا من مشرحة زينهم يؤكد خلو الجثة من أي آثار للتعذيب!
ولكن رئيس نيابة حوادث الجيزة قال إن الجثة وجدت عليها علامات تعذيب وحروق سجائر وجروح سكين, وأن الطالب الإيطالي وجد عاريًا من نصفه الأسفل وعليه آثار حروق سجائر وضرب وقطع في الأذن .
زعيم عصابة الانقلاب قام بالاتصال برئيس الوزراء الإيطالي لكي يتعهد له بالقيام بالتحقيق في الأمر بكل شفافية! وأن السلطات المصرية لن تدخر جهدا في سبيل الكشف عن ملابسات هذه الجريمة.. مما يؤكد على خطورة الأمر وأنه ليس مجرد حادث عادي.
لكن في النهاية .. هل سيتم تسوية الموضوع بطريقة أو بأخرى ولا يعرف الرأى العام عنها شيئا؟ أم تستثمر إيطاليا الحادث للضغط على السلطات الانقلابية للحصول على مزيد من التنازلات وإسناد مشروعات بالأمر المباشر لبعض الشركات الإيطالية, على غرار ما قامت به روسيا بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء!
هذا الإيطالى وجد من يسأل عنه ويتابع قضيته أما جموع المصريين في ظل النظام الإنقلابى العسكرى فقد أصبحوا كالأيتام على موائد اللئام؛ شرطة تعربد, وقضاء شامخ, وإعلام يكذب يهلل ويطبل ويسبح بحمد الطاغية, ولا أحد يسأل عنهم ولايتبنى قضاياهم!
