د. عز الدين الكومي‏ يكتب: لصوص الداخلية

يظهر من القضية المتهم فيها وزير الداخلية المصري الأسبق ومن معه من جلاوزة الشرطة أن الفساد في وزارة الداخلية ونهب أموال الدولة بدون حسيب ولا رقيب.
هذه القضية ليست قضية فساد مالى بقدر ما هي توصيف لواقع عاشته البلاد منذ انقلاب 1952 فى رعاية وحماية الفساد الحكومي الذى اشتهرت به الأنظمة العسكرية الحاكمة فى مصر طوال عقود.
وقد كشفت قائمة أدلة الثبوت في القضية أن الوزارة صرفت لقيادات شرطية بالوزارة مليار و134 مليون و900 ألف و371 جنيه تحت مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية وكانت تصدر بقرار من الوزير.
أحد المتهمين فى القضية اللواء نبيل سليمان, الشهير بنبيل خلف, وهو شاعر ومؤلف أغاني, ألف أغانٍ لعلى الحجار ووائل جسار ونانسي عجرم ومحمد منير وأنغام, والمفروض أن الشاعر مرهف الحس والمشاعر, ويستبعد أن يكون شيخ منصر, لكن يبدو أن مال الوزارة السايب غلب الأحاسيس والمشاعر ومنحها أجازة مفتوحة, وقد أسس ذلك اللواء بالأموال المنهوبة شركة إنتاج فني, وهومؤلف أغنية “نبينا الزين” .. فى حضرة المحبوب وربما يكون قد أدى فريضة الحج أو يعتمر كل سنة, وكله فى حب طه الهادي عليه السلام!
وعلى رأي فقيه السوء الذى أفتى يوما لسارق يسرق ويصلى فى نفس الوقت قائلا: هذه نقرة وتلك أخرى!
وأنا أهدى اللواء نبيل سليمان أغنية: سوسو حبيبى حبسوه!
هذه القضية بالذات توضح لنا بجلاء التناغم بين المؤسسة الحاكمة وبين الشرطة, وغض الطرف عن جرائم الشرطة وفسادها وانتهاكاتها لأنها تقوم بحماية النظام بالرغم من أن الشعار المرفوع هو “الشرطة فى خدمة الشعب”.
كما أظهرت هذه القضية أن الفساد المالى ليس حكرا على قيادات الشرطة بل وصل لضباط الصف فى بعض الأحيان.
فمن ضمن المتورطين فى الفساد محمد عبد السميع محمد أمين الشرطة بالإدارة العامة لمباحث الأمن الوطنى وقد حصل على مبلغ 19 مليونًا و950 ألف جنيه وكرم أبو زهرة مندوب مباحث أمن الدولة فرع المطار وحصل على 14 مليونًا و350 ألف جنيه وفرج حسن محمد مندوب الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية استولى على 4 مليون و800 ألف جنيه
كما أن هذه القضية أظهرت أن الفساد فى الشرطة ممنهج يقوم به كبار الطباط وصغارهم على حد سواء مثله مثل التعذيب الذى تمارسة الأجهزة الأمنية.
وقد نشر الإعلام الإنقلابى أن أمين شرطة بالإدارة العامة لمباحث أمن الدولة رد خمسة ملايين جنيه فى التسوية التي تمت, ومثله أمين شرطة فى الإدارة العامة للإعلام, على الرغم من أن قاضى التحقيق فى القضية صرح بأنه لم يقم أحد من المتهمين بتسديد أى مبالغ موضحاً أنه تم منع عدد محدود جداً من المنشور أسمائهم من السفر.
وأنا أعتقد أن قيادات الداخلية المتهمين لم يردوا ولن يردوا الأموال التى نهبوها تحت بند المكافآت والحوافز.

وأعلن قاضى التحقيق رفع أسماء 80 مسئولاً بمؤسسات الدولة على رأسها وزارات الداخلية والمالية والنقل والجهاز المركزى للمحاسبات من قوائم الممنوعين من السفر.
وقبل نظر محكمة استئناف القاهرة القضية يوم 7 فبراير الجاري برأ القضاء الشامخ 90 ضابطا ومسئولا أمنيا من هؤلاء اللصوص وقرر رفع أسمائهم من القضية بزعم أنهم ردوا الأموال المنهوبة.
وعلى الرغم من اعترافهم بنهب الأموال فقد صرح قاضى التحقيق بأنه ثبت لجهة التحقيق أنهم لم يتحصلوا عليها بطريقة غير مشروعة ولم يتوفر القصد الجنائى تجاههم وأن التحقيقات أثبتت أنه لا وجه لإقامة الدعوى ضدهم وأنه أخطر الجهات المسؤولة لرفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر!
لماذا لا وجه لإقامة الدعوى وهم نهبوا أموال الدولة وهى تشكو من عجزٍ فى الموازنة ووزير المالية سعى لإصدار قانون الخدمة المدنية لمعالجة عجز الموازنة على حساب الموظفين الغلابة بينما يُترك اللصوص والفاسدون ينهبون الملايين فى وضح النهار؟
قاضى التحقيق قال إن المتهمين أقروا بحصولهم على تلك المبالغ المالية, فكيف يتم التصالح مع اللصوص الفاسدين والسماح لهم بمغادرة البلاد بعدما كانوا ممنوعين من السفر؟.
والعجيب أن الكثير من هذه القيادات هم اليوم أعضاء فى الأحزاب والائتلافات السياسية التى تشكلت فى ظل النظام الانقلابى بل إن كثيرا منهم من أركان النظام وأعمدته.
وغدًا نسمع أنه قضية فساد الداخلية الخاصة بنهب أموال الدولة لا يجوز الحديث عنها لأنها قضية أمن قومي .. لأن من نهبوا الأموال “ضباط أمن دولت”!

شاهد أيضاً

د. سعيد الحاج

سعيد الحاج يكنب : المرشح الرئاسي سنان أوغان.. “صانع الملوك” أم ظاهرة مبالغ فيها؟

منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية الأخيرة، خصوصاً عدم حسم السباق الرئاسي من الجولة …