د عز الدين الكومي يكتب :”إيران وأمريكا تهديدات وتطمينات”

كثير من العرب والمسلمين لا يزالون مخدوعين بشعارات التهديد والوعيد بين أمريكا وإيران ، بل إن البعض يظن – وإن بعض الظن إثم –  أن إيران هي عدو أمريكا اللدود !!!.
ولكن الأمر في الحقيقة لا يعدو كونه دعاية مأجورة يروج لها بعض الكتاب والمحللين بكتابات وتحليلات مدفوعة الأجر حتى يخيل للمتابع أن طبول الحرب تدق في مضيق هرمز !! .
 فالحقيقة التي أصبحت معروفة لكل ذي عينين .. أن مصالح الدولتين اتفقت في أمور أصبحت بمثابة قواسم مشتركة بين الدولتين .
 فعلى سبيل المثال لا الحصر :
 فقد التقت مصالح الدولتين على إضعاف العالم الإسلامي السني وتفتيته .
قال حسين موسويان : أن التعاون تم في إطار المصالح المشتركة لإيران والولايات المتحدة وهو الإطاحة بحكم طالبان !! .
النظام الإيراني قدم لواشنطن عروضه اللوجستية لمساعدتها في احتلالها لأفغانستان رغم صلته الإيجابية – ظاهريًا –  بحركة طالبان ، فقام برعاية الجنود الأميركيين الجرحى الذين اضطروا إلى الهبوط في الأراضي الإيرانية خلال العمليات العسكرية في أفغانستان ، وقدم المعلومات الاستخباراتية مقابل منع إدارة بوش جماعات أميركية من تقديم شكوى ضد إيران حول قضية احتجاز الرهائن عام 1979 ، والمطالبة بتعويض يصل إلى 10 مليارات دولار .
كذلك فقد أكد محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني محمد خاتمي في محاضرة له بمركز الإمارات بدبي بتاريخ 13 يناير 2004 على هذه العلاقة بين الدولتين  فقال : “لولا إيران لما تمكنت أمريكا من احتلال العراق وأفغانستان” .
نفس العبارة كررها فيما بعد الراحل هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام .
أما دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق فقد قال في مذكراته : “أنّ بلاده دفعت للمرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني 200 مليون دولار لإصدار فتوى تُحرِّم على الشيعة قتال الأمريكان للمساعدة في سقوط العراق في أيدي الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة” .
وبحسب صحيفة “الأسبوع” المصرية التي نقلت المذكرات فإنّ رامسفيلد أكّد أن له علاقة قديمة بالسيستاني تعود لعام 1987، وأنّه في خِضَمّ إعداد قوات الاحتلال لشنّ الهجوم علي العراق كان لابدّ من مشورة السيستاني حتى نخرج بنتائج لا تسبب خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال ، وفعلاً  تَمّ الاتصال به عن طريق وكيله في الكويت “جواد المهري” .
واليوم تستخدم أمريكا إيران كبعبع في منطقة الخليج ، لتبقي دول الخليج أسيرة لدي الوجود الأمريكي وما يترتب على ذلك من شرور ومفاسد !! .
ونلاحظ اليوم أن الصحافة العالمية والأمريكية وعلى لسان مسؤولين أميركيين يتوقعون ضربة جوية إيرانية ضد الكيان الصهيوني ردًّا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق ، ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى إشعال حرب بالمنطقة أو يدفع أميركا للانخراط فيها !! ، وكأن هناك اتفاق على الحرب ونوع الضربة والأماكن التى ستضرب وأن تكون محدودة !! ، بل وتحديد زمن الضربة !! – حروب آخر زمن –  حتى لاتشتعل حرب إقليمية بالمنطقة ، وأن إيران – التي لا تتورع عن قصف المدنيين فى سوريا صباح مساء – أعلنت من جانبها بأن ردها سيكون منضبطًا وغير تصعيدي !! .
وأنه من غير المستبعد أن يشن أحد أعضاء “محور المقاومة” هجومًا على إسرائيل في أي وقت .
وكالعادة تحذر أمريكا رعاياها لإقناعنا بأن هناك هجمات .
فقد طلبت السفارة الأميركية في الكيان الصهيوني من موظفيها وأسرهم عدم السفر خارج المدن لدواع أمنية ، بينما حذرت روسيا مواطنيها من السفر إلى إسرائيل ولبنان .
بدورها قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية : “إن الولايات المتحدة وإيران ورغم الاختلافات الأيديولوجية بينهما إلا أنهما في تقارب تكتيكي حقيقي لتجنب خوض حرب مباشرة بينهما .
وفي الوقت الذي أعلن فيه “بلينكن” أن الولايات المتحدة لا ترغب في الحرب مع إيران .. أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أيضا أن بلاده لا تريد التصعيد وأنها ليس لديها “وكلاء” في المنطقة ، وهو ما يظهر رغبة إيران في نزع فتيل الاتهامات الموجهة إليها بمهاجمة المصالح الغربية عبر وسائل غير مباشرة .
وهو ما يوضح أن العداوة بين أمريكا وإيران أو بين الكيان الصهيوني وإيرن هي عداوات مصطنعة وغير حقيقية وتجمعهما مصالح مشتركة ومنافع متبادلة !! .
فضلاً عن استراتيجية كل من أمريكا وإيران في عدم الدخول في حروب مباشرة والاكتفاء بتعارك الوكلاء . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن النتن ياهو هو الذي يسعى لدق طبول الحرب لعلمه المسبق أن إيران لا يمكنها تجاوز الخطوط المرسومة لها من قبل أمريكا – عدم الخروج عن النص الأمريكي – ومن جهة ثانية يحرص النتن على إشغال العالم بالضربة الإيرانية المتوقعة لأنه يشعر بخيبة أمل كبيرة لسيطرة أخبار غزة ، وتعاطف العالم مع مايحدث في غزة ، ولكن هذا الاهتمام بدأ في التراجع في ظل تصدر أخبار الضربة الإيرانية ، وهذا ما يريده النتن ويتمناه !! .
ولا أكون مبالغًا إذا قلت : أن الكيان الصهيوني أرسل لإيران الإحداثيات والمنطقة التي ستوجه إليها الضربة الإيرانية حسب السناريو الأمريكي ، وكأنه  فيلم هندي هابط !! .
كما أننا سنرى تحذيرات  إيرانية لأمريكا بعدم التدخل حالما وجهت إيران ضربة جوية للكيان الصهيوني وإلا ستتعرض القواعد والمصالح الأمريكية للضرب !! .
وحتى تكتمل فصول المسرحية الهزلية سنرى إصابة بعض خنازير الصهاينة وتدمير عدد من البراميل ، ويعلن ويشاع أنه تم توجيه ضربة كبيرة للكيان الصهيوني !! رداً على قصف القنصلية في دمشق وربما يرد الكيان الصهيوني بقصف دمشق لمعاقبة إيران !! .
وهكذا ستنتهي لعبة التهديدات والتطمينات الأمريكية والإيرانية بهذا المسرحية الهزلية لصرف أنظار العالم عن حرب الإبادة التي يقودها نتن ياهو ضد أهل غزة !! .

شاهد أيضاً

د/ عز الدين الكومي يكتب : نزع سلاح المقاومة: تهديد للكرامة أم ضياع للحقوق؟

عندما قال الشهيد صلاح خلف “أبو إياد”، أحد مؤسسي حركة فتح: “كمين هالحمار اللي في …