وصلتني مجموعة من التساؤلات من بعض الإخوة ، قالوا أنها يتم تداولها بين الإخوة على مواقع التواصل الاجتماعي ، ووجدت من واجبي الرد عليها بما لدي من وثائق ، وخصوصا أن ما يتم تداوله يعتمد على معلومات غير صحيحة من جانب ومن جانب آخر يتم تداولها دون رجوع الأخ لمساره الصحيح للسؤال عنها . وكأن المراد تعمد نشر معلومات مغلوطة من البعض لصناعة صورة ذهنية غير صحيحة عن قيادة الجماعة.
وسأعتمد بإذن الله في ردودي علي تلك التساؤلات على نقل فقرات من محاضر الجلسات المعنية ، وليس من المصلحة ولا سعة الوقت وضع صورة من المحاضر ، ولكن الشهود معظمهم أحياء ، والمحاضر موجودة لدى الأمانة والأرشيف .
التساؤل الأول: صدور قرار في مايو 2015 بتعيين لجنة إدارية عليا برئاسة الدكتور محمود غزلان ، دون الرجوع لمجلس الشورى ، وتحويل البعض للتحقيق؟.
ج– من قام بتشكيل اللجنة الإدارية العليا الأولى هم أعضاء مكتب الإرشاد الستة وقد اعتمدها الدكتور محمود عزت القائم بأعمال فضيلة المرشد ، وتم عرض الموضوع على مجلس الشورى العام في عام 2014 (للاستئناس والإحاطة لأنه لم يعرض على المجلس أسماء أو آلية للاختيار) ، ونفس أعضاء مكتب الإرشاد هم الذين اقترحوا تغيير اللجنة الإدارية وتشكيل لجنة إدارية جديدة بعضوية سبعة كممثلين للقطاعات وممثلين للجان الفنية المركزية وعضوية أعضاء المكتب وبإشراف القائم بالأعمال ، وتم اعتماد الاقتراح في مجلس شورى عام 2015 م .
أما التحويل للتحقيق فكان أيضا بقرار من مجلس الشورى، فيما يخص مخالفة تعليمات المجلس وإخفاء المكاتبات عن الإدارة ، أما التحويل للتحقيق بشأن التسريبات الإعلامية فكان بقرار من القائم بأعمال فضيلة المرشد ، بعد إحالة الشكاوى والمخالفات من رئيس اللجنة الإدارية العليا الدكتور محمد عبد الرحمن ، وهذا من صلاحيات القائم بالأعمال .
التساؤل الثاني: قرار الترشح للرئاسة تم التصويت عليه ثلاث مرات للوصول لقرار معين ؟.
ج- موضوع الرئاسة تمت مناقشته في جلسات عديدة لمجلس الشورى وفي جلسة الثلاثاء 27 /3 /2012 م الطارئة ووفق نص المحضر : “إذا لم يتم تشكيل حكومة بصلاحيات قبل 3 أبريل تتم الدعوة لمجلس الشورى العام لاتخاذ ما يراه مناسبًا ، وذلك يوم الثلاثاء 10 صباحًا، ويفوض مجلس الشورى العام مكتب الإرشاد ، باتخاذ ما يراه مناسبًا “ وللعلم فإن موعد الترشيح للرئاسة كان ينتهي يوم 8 /4 /2012، ثم ناقش مكتب الإرشاد هذا الأمر: ” وقرر مكتب الإرشاد بتاريخ 28-3-2012 دعوة مجلس الشورى العام لجلسة طارئة يوم السبت القادم والموافق 31-3-2012 ، وذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحا ، وطرح علي الاجتماع مشروع القرار الآتي : ” قرر مجلس الشورى في جلسته الطارئة يوم السبت الموافق 31-3-2012 التقدم بمرشح لرئاسة الجمهورية وتفويض مكتب الإرشاد بالتنسيق مع المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة اتخاذ الإجراءات التنفيذية ومتابعتها”.
قرار رقم 2 ” في حال التصويت على القرار السابق بالإيجاب يختار كل عضو ثلاثة أسماء من الإخوان وسيتم اختيارأعلاهم في التصويت كمرشح أصلي والآخرين بصفة احتياطية “. وقد تم الإعلان عن ذلك في مؤتمر صحفي في نفس اليوم. هذا ولم يتم التصويت إلا مرة واحدة فقط في نفس الجلسة علي التقدم بمرشح للرئاسة وكذلك أسماء المرشحين.
التساؤل الثالث: هناك بيانات تصدر باسم اللجنة الإدارية العليا والأخ محمد منتصر مرحبة بمبادرة الشيخ القرضاوي، في حين أن القائم باعمال فضيلة المرشد ، والدكتور محمد عبد الرحمن والرابطة ، تعطل وترفض هذه المبادرة؟.
ج – أولا : لقد أصدرت جماعة الإخوان بيانا ثمنت فيه المبادرة ، وشكرت فضيلة الشيخ القرضاوي على جهده ، وأحالت المبادرة لجهات الاختصاص ، باعتبارها صاحبة المرجعية التنظيمية ، واحتراما للمؤسسية والشورى ، وذلك حتي تتخذ القرارات المناسبة. وقد سلكت الجماعة نفس المعالجة مع رأي الأستاذ محمد أحمد الراشد ،والذي جاء فيه ما نصه “وأنا أري أن اجتهاد الأخ محمد كمال أصبح باطلا بعد حصول قرار لمجلس شوري الجماعة فيه استيفاء النصاب ، وأفهم أن الأخ محمد كمال وجميع من معه ، والأخ أحمد عبد الرحمن وجميع من معه في الخارج : عليهم قبول هذه النتيجة بصدر رحب والمسارعة إلي الطاعة ، والاستغفار” … وهذا الرأي من الأستاذ الراشد ، أصدره قبل ثلاثة أشهر تقريبا بعد أن ظل شهورا يدرس هذا الخلاف ، هو وبعض العلماء ، وبعد أن استمع إلي الجميع .
ثانيا: قامت اللجنة الإدارية العليا بناء على تكليف سابق من مجلس الشورى العام ، المنعقد في عام 2015 م بتشكيل لجنة لتلقي اقتراحات الأعضاء، بشأن تعديل اللوائح وتطوير عمل الجماعة ، وقد قامت اللجنة مشكورة بإرسال جدول زمني ، لتلقي استمارات التطوير بدءا من 27/12/2015 م ، ثم استمارة تعديل اللوائح بدءا من 19/1/2016 م ، وأعطت مهلة شهرا لتلقي الاقتراحات ، وتم إرسال هذه الاستمارات لأعضاء الشورى العام ومسئولي المكاتب في الداخل والخارج.
ثالثا: الأخ محمد منتصر ، صدر بحقه قرار بوقفه عن العمل و إعفاء من مهمته وبالتالي فإن البيانات التي تصدر باسمه هي بيانات من غير ذي صفة ، وتعد افتئاتا على حق الجماعة ، وعدم احترام للمؤسسية والشورى التي ينادي الجميع بما فيها هم باحترامها ، والتي كانت أول بنود مبادرة فضيلة الشيخ القرضاوي .
رابعا: البيانات التي تصدر باسم اللجنة الإدارية العليا ، تصدر من المجموعة الموقوفة ( الأخ الدكتور محمد كمال ومن معه ) وذلك بقرار من لجنة التحقيق المشكلة بقرار من القائم بأعمال فضيلة المرشد وهي غير معبرة عن اللجنة الإدارية العليا المنتخبة والمعتمدة برئاسة الأخ الدكتور محمد عبد الرحمن .
ومن هنا فإن إصدارهذه البيانات ، يعد مخالفا لمبادرة فضيلة الشيخ القرضاوي ، التي تطالب بوقف التراشق الإعلامي ، فضلا عن عدم احترام نظم الجماعة ولوائحها ومؤسساتها وعدم احترام قرارات مجلس الشورى.
خامسا: صدور بيانات وتصريحات من الإخوة الموقوفين ، عن إجراء تعديل للوائح الجماعة ، هو محاولة للقفز علي ما تقوم به لجنة التطويرواللجنة الإدارية العليا برئاسة الدكتور محمد عبد الرحمن والتي تعمل في صمت ، وذلك لكي ينسب هؤلاء الاخوة الموقوفين هذا العمل لأنفسهم ، بهدف تصدير صورة ذهنية عن إدارتهم للعمل على غير الحقيقة، أو أنهم يقومون بعمل منفرد ، ويدعون أنهم يعبرون عن مؤسسات الجماعة.
سادسا: قرارات الوقف ، لم تكن قرارات القائم بأعمال فضيلة المرشد ، وإنما كانت توصيات لجنة التحقيق ، واعتمدها القائم بالأعمال ، فهو الذي أحال الأمر للتحقيق حول التسريبات الإعلامية لمحاضر جلسات اللجنة وأخبار اجتماعاتها ، والذي يعد مخالفا لأصول العمل ولا يحتاج الأمرلتصديق مجلس الشورى ،باعتباره ليس جهة التحويل السابقة وطالما أن العقوبة مؤقتة.
التساؤل الرابع: قيام القائم بأعمال فضيلة المرشد بتعيين الدكتور محمد عبد الرحمن رئيسا للجنة الإدارية العليا ؟.
ج – اللجنة الإدارية العليا التي تمت الموافقة عليها من مجلس الشورى ، كانت مشكلة من ممثلي القطاعات الجغرافية وأعضاء مكتب الإرشاد وبإشراف فضيلة القائم بالأعمال، ووفقا للسياسات التي أقرها مجلس الشورى عام 2015 ، ونظرا لأن أعضاء المكتب هما اثنان فقط ( الدكتور محمد كمال والدكتور محمد عبد الرحمن ) فكان لا بد من تولي أحدهما رئاسة اللجنة ، ولما كان الدكتور محمد كمال محالا للتحقيق لم يكن بد من رئاسة الدكتور محمد عبد الرحمن للجنة ، وقد أبلغت اللجنة في أول اجتماع لها بذلك ولم يعترض أحد ، بل واجتمعت اللجنة عدة مرات ، وكان الجميع موافقا على رئاسة الدكتور محمد عبدالرحمن لها ، ويمكن الرجوع للرسائل التي يستشهد بها نفس هؤلاء الإخوة والصادرة من اللجنة بتوقيع الدكتور محمد عبد الرحمن.
التساؤل الخامس: مجلس شورى 2015 مطعون عليه لأنه تم بحضور 15 عضوا من الخارج ، وأقر 16 عضوا في الداخل من 46 أنهم لم يحضروا؟.
ج – أولا فيما يخص الداخل يبدو أن من يستشهد بهذه المعلومات ، يعتمد على الرسالة التي نشرت باسم الدكتور محمد كمال ، وبمراجعة الحضورمن واقع استمارات إبداء الرأي في الداخل ، تبين أن هذه المعلومات غير صحيحة ، وقد أثبتت لجنة التحقيق ذلك والتي طعن الدكتور محمد كمال أمامها.
ثانيا: بالنسبة لعدد المشاركين في الخارج ، يستند الدكتورمحمد كمال للتقرير المبدئي لأول يوم في الاجتماع والمؤرخ بتاريخ الثلاثاء الموافق ٢١ شعبان ١٤٢٦ هـ الموافق ٩ /٦/ ٢٠١٥ م وفيه النص التالي : ” تم توجيه الدعوه لجميع الأعضاء في الخارج ، وحضر ١٥ عضو شوري عام ، هم الذين تيسر لهم الحضور. وتم توزيع الأوراق التي أرسلتموها إلي جميع الحضور ، وأدار الاجتماع الأستاذ منير ، وكانت إحدى توصيات الاجتماع : ” مع إبلاغ الأعضاء الذين اعتذروا عن الحضور بما تم الاتفاق عليه، وأخذ موافقتهم بالتمرير، وإبلاغ جميع أعضاء مكتب الإرشاد بهذه التوصيات” .
وينص المحضر الذي أرسل بنتائج الاجتماع النهائي والمؤرخ بتاريخ 16 /6 /2015 علي ما يلي : ” اجتمع أعضاء مجلس الشوري العام المقيمين بالخارج ، يوم الثلاثاء الموافق ٢١ شعبان ١٤٢٦ هـ الموافق ٩ /٦/ ٢٠١٥ م ، بناء علي الدعوة التي وجهها مكتب الإرشاد ، وتم توزيع كافة الأوراق التي تم إرسالها من مكتب الإرشاد علي الحضور ، ورأس الجلسة الأستاذ / ابراهيم منير، هذا وقد تم الاجتماع على يومين، حضر في اليوم الأول 15 عضوا كما ذكر سابقا ، واعتذر عن الحضور في اليوم الثاني أربعة أعضاء لارتباطاتهم السابقة ، وقد تم التواصل مع الأعضاء المتغيبين سواء في اليوم الثاني أو الذين تغيبوا عن الاجتماع ، و تم استقبال ردود من 22 عضوا ” …ثم بعد إرسال المحضر ، تم استقبال الرد من العضو 23 والذي لم يستطع مغادرة المكان الذي هو فيه ، وطلب إضافة رأيه حتى لا يحرم من الأجر. وبذلك يكون المشاركون 71 عضوا .
ولا أظن أن أحدا يقول أن رأي مجموعة من الأفراد ، عددهم لا يتجاوز العشرة – بعضهم أعضاء في الشورى العام وبعضهم ليسوا أعضاء – أرجح من رأي هذا العدد المشارك والذي تجاوز حضور اجتماع شورى 2014م .
ثالثا: أما الادعاء بأن الاجتماع تم في معظمه بالتمرير، فأود أن أذكر الإخوان جميعا أنه في انتخابات مجلس الشعب 2010 م ، وبعد الجولة الأولى وقرار مكتب الإرشاد بشأن الاستمرار من عدمه ، لجأ لمجلس الشورى بالتمرير (عبر اتصالات بالهاتف حتى من كان منهم خارج مصر) وتمت موافقة الأغلبية على مقاطعة الانتخابات ، وهذه سابقة لم يطعن فيها أحد في ظل ظروف كانت أفضل من الظروف التي تمر بها الجماعة الآن.
التساؤل السادس: صدور قرارمن القائم بأعمال فضيلة المرشد بوقف إحدى اللجان تماما وتفكيك هيكلها ؟.
ج – عجيب أمر من يعطي اللجنة الإدارية العليا صلاحيات أعلى من صلاحياتها التي أنشئت من أجلها ، بل وأعلي من صلاحيات مكتب الإرشاد بكامل تشكيله ، فقد تم تشكيلها حسب قرار مجلس الشورى 2015 م لتنفيذ السياسات المقررة من مجلس الشوري العام والتي هي من صميم صلاحياته ، ومهمة فضيلة القائم هي الاطمئنان علي عدم خروج وحدات الجماعة عن هذه السياسات ، فلما تبين له أن مهمة هذه اللجنة خرجت عن السياسات ، كان لا بد من وقفها وحلها ، وإلا لتمت مساءلته من قبل مجلس الشوري العام.
التساؤل السابع: كيف يتم اتخاذ قرارات مخالفة لقرارات ” اللجنة الشرعية ” للجماعة؟.
ج – أولا: لا توجد لجنة في الجماعة بهذا الاسم ، ولكن عند مناقشة قضية من القضايا في الجماعة لها شق شرعي ، يتم الرجوع لمجموعة من العلماء ،ولا يتم الرجوع للجنة ثابتة لأخذ رأيها في هذا الموضوع.
ثانيا: الموضوعات التي تحتاج إلى تكامل الرؤى الفقهية والسياسية ، وفي بعض الأحيان الاقتصادية ، تقوم قيادة الجماعة ممثلة في مجلس شوراها ومكتب إرشادها ، بل وفي بعض الأحيان مجالس شورى الأقطار ، بترجيح الرأي بعد الاستماع لرأي المختصين من فقهاء وسياسيون وغيرهم ووفقا للمآلات والمصالح والمفاسد ، وقد مرت الجماعة بهذه التجارب حين أصدرت رأيها في مشاركة المرأة ،ومشاركة الأقباط ، وتعدد الأحزاب ، وغير ذلك من القضايا المعاصرة.
التساؤل الثامن: كيف تصدر لجنة التحقيق قراراتها دون أن تلتقي بمن وجهت له التهم ، وكذلك من لم يكونوا أعضاء في الإدارة السابقة؟.
ج – تفاصيل هذا الأمر عند لجنة التحقيق ، والذي يحترم النظم والقواعد في الجماعة من حقه إذا ما اعترض علي شيء في الإجراءات أن يتقدم بطعن ، سواء في الإجراءات أو الحكم ، وقد تقدم الدكتور محمد كمال بطعون للجنة ونظرت فيها وأصدرت حكمها ، ومع ذلك نشر على لسانه المذكرات التي تقدم بها للجنة التحقيق ،عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وعلى الأخ الذي قام بذلك أن يستغفر الله عز وجل ، وأن يعتذر للجماعة عن ذلك.
التساؤل التاسع: اتهامات للبعض بأن بعض الجهات الخارجية لها تأثيرعلى قرارات الجماعة وأن بعض القيادات في الخارج حفاظا على أوضاعها المادية والمعنوية بالخارج لا تريد حل الأزمة.
ج – أربأ بأي أخ أن يفكر بهذا الشكل في إخوانه الذين ضحوا عبرسنوات عمرهم ، وتاريخهم معروف في الجماعة ، ومن هؤلاء من كان دخله ومكانته في المجتمع أضعاف ما هو فيه الآن ، ناهيك عن ألم الغربة والهجرة وتفكك الأسرة ، واعتقال الكثير من أهل كل واحد منهم أو استشهاده ، وأظن أن من البلاء أن يفكر بعضنا بمثل ذلك “ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم” . وهذا ليس معناه أن الانقلاب لا يستفيد من هذا الخلاف أو يسهم بشكل غير مباشر بتهيئة الظروف لزيادة الهوة ، لكننا نلتزم بمنهج الإسلام بعدم الظن السيء ما لم يظهر لنا برهان بغير ذلك ، ونسأل الله أن يحفظ إخواننا جميعا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
……………………………
(*) الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين
30 من ربيع الثاني 1437 ه الموافق 9 فبراير 2016م