قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن 7420 مدنيًا مصريًا على الأقل قد حوكموا في محاكم عسكرية منذ أكتوبر 2014، حين أصدر عبد الفتاح السيسي قانونًا مؤثرًا وسّع اختصاص المحاكم العسكرية.
وأضافت المنظمة في تقرير لها إن قائمة المدنيين المُحاكمين أمام محاكم عسكرية – التي وفرتها “التنسيقية المصرية للحقوق والحريات” (التنسيقية المصرية)، وهي منظمة قانونية وحقوقية مستقلة – توثق للمرة الأولى لأي مدى استعانت إدارة السيسي بنظام القضاء العسكري لتسريع قمع الخصوم السياسيين.
وأشار التقرير إلى أنه قد حُكم على معظم المدعى عليهم بعد محاكمات جماعية خرقت حقوقا أساسية في إجراءات التقاضي السليمة، كما اعتمدت بعض المحاكم على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.
وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “هيومن رايتس ووتش”: “على ما يبدو لم يكتف السيسي بعشرات الآلاف ممن اعتُقلوا وحوكموا بالفعل في محاكمات عاجلة تتجاهل سلامة الإجراءات القانونية باسم الأمن القومي، فأطلق العنان بالكامل للملاحقات القضائية العسكرية. أعاد السيسي للقضاء العسكري الدور القوي الذي تمتع به في الشهور التي تلت الانتفاضة المصرية، حين كانت مصر تخضع لحُكم مجلس الجنرالات”.
القائمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش توثق 324 حالة، وتحدد المدعى عليهم بالاسم والجنس والمحافظة ورقم القضية، وفي حالات عدة، المهنة والسن. شملت القضية الأكبر 327 مدعى عليهم.
ولم تصف القائمة الاتهامات في كل القضايا. لكن هيومن رايتس ووتش دقّقت في نحو 50 تقريرا إعلاميا مصريا منذ أكتوبر 2014، تصف إحالة الآلاف إلى محاكمات عسكرية.
تبيّن من البحث أن عددا كبيرا من المتهمين أحيلوا إلى محاكم عسكرية، لأن الأحكام الفضفاضة في قانون السيسي تضع فعليا جميع الممتلكات العامة تحت سلطة القضاء العسكري، وليس لأنهم ارتكبوا جرائم تمس القوات المسلحة.
وأشارت التقارير الإعلامية إلى أن عددًا كبيرًا من المتهمين اتُهموا بالمشاركة في مظاهرات غير قانونية أو عنيفة، وكذلك الانتماء إلى “الإخوان المسلمون” أو دعمهم. منذ يوليو 2013، حين عزل الجيش محمد مرسي، وهو أول رئيس منتخب بحُريّة وعضو الإخوان، أصدر قضاة مصريون أحكاما على آلاف من أعضاء الجماعة.
وشملت هذه المحاكمات العسكرية 86 طفلاً على الأقل، بالإضافة إلى طلاب، أساتذة جامعيين ونشطاء، منهم من جرى إخفاءهم قسرا وزُعم بتعذيبهم. أنزلت المحاكم العسكرية 21 حُكمًا بالإعدام منذ أكتوبر 2014، رغم أن محاميًا في التنسيقية المصرية قال إنه لم تتم الموافقة بعد على أي منها من قبل المحكمة العليا للطعون العسكرية.
وقابلت هيومن رايتس ووتش أقارب 7 أشخاص، بينهم 4 رجال حُكموا بالإعدام وطفل، حوكموا جميعا في محاكم عسكرية على مدار العام الماضي. قال 6 لعائلاتهم إن أعوانا بجهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية عذبوهم أو ضربوهم لانتزاع اعترافات، بما في ذلك تعذيب 4 أفراد بالصعق الكهربائي.
وقال 5 إنهم اختفوا قسرًا على يد السلطات لأسابيع أو شهور. في جميع الحالات ما عدا واحدة، كانت الاعترافات جزءا كبيرا من حيثيات الإدانة، بحسب أقاربهم وملفات القضايا.
وقال حوري: “إحالة هذا العدد الكبير من المدنيين لمحاكم عسكرية هو محاولة من السلطات المصرية لدمغ قمعها بختم قضائي”. أضاف: “لكن هذه المحاكمات العسكرية –تكون عادة بحق مئات المدنيين معًا – غير منصفة ولا تتمتع بالمصداقية”.