حلب تحترق منذ أكثر من أسبوعين ومازال هناك من يحدثنا عن حل سياسي في سوريا في وجود المجرم بشار! قوات الأسد وروسيا الصليبية بدعم أمريكي غربي إسرائيلي تستهدف المسلمين السنة، كما يحدث تماماً في الفلوجة العراقية وغيرها من المحافظات السنية. إنها حرب مبرمجة وممنهجة تستهدف الإسلام في المنطقة والعالم, والغرض هو فرض أمر واقع عبر تطهير عرقي للسنة وتحويل الأغلبية السنية لأقلية مضطهدة بلا حقوق، فحلب باختصار هي العاصمة الثانية ودرة الاقتصاد السوري (حيث تشكل 40% من الاقتصاد)، والسيطرة عليها يعني إجهاض الثورة بعد تخليصها من قبضة المعارضة.
لم يتورّعوا عن قصف المستشفيات ومستودعات الأدوية والمساجد في حملة إبادة مكتملة الأركان انتقاماً من ثورة شعب أراد الحرية والكرامة. هذا النظام المجرم الذي لم يطلق رصاصة واحدة على ربيبته “إسرائيل” منذ حرب أكتوبر 1973 يبيد شعبه عقاباً له على مجرد التفكير في الثورة، ولأول مرة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً على دخول الاسلام حلب والشام يتم تعليق صلاة الجمعة خوفا على أرواح الأبرياء.
أمريكا الصهيونية وروسيا الصليبيبة يتفقان على هدنة مؤقتة في ريف دمشق واللاذقية وتستثني حلب المحروقة والهدف هو مزيد من القصف الصليبي ليتم تهجير أهالي حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة، وإعادة السيطرة عليها بغرض تغيير الوضع السكاني لصالح مخطط تقسيم سوريا الذي تنفذه روسيا وإيران على الأرض بغطاء أمريكي غربي صهيوني، وسط صمت عربي إسلامي رسمي يرقى للتواطؤ والمباركة.
الغرب الذي يدعي العدالة والانسانية، انتفض غضباً لضحايا أحداث صحيفة ” شارلي إيبدو ” التي أساءت للرسول صلى الله عليه وسلم مطلع عام 2015 ، مروراً بتفجيرات باريس وبروكسل، واستثمر اللوبي الصهيوني المسيحي الحدث لشن حملة شيطنة بحق الإسلام والمسلمين، ووصم كل منتسب للإسلام بالارهاب والتطرف والهمجية.
أما حكام العرب والمسلمين فتبرعوا باطلاق بيانات لطم الخدود والشجب والإدانة للحادث الارهابي، وكأنهم تعمدوا إلصاق تهمة الارهاب بالإسلام، بل وصل الأمر حد سفر بعض هؤلاء المتحكمين فينا إلى باريس للمشاركة في بكائية “شارلي إيبدو ” إلى جوار الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ليقدموا فروض الولاء والطاعة للكفيل الغربي، والدخول منبطحين تحت مظلة (الحرب على الارهاب) أقصد على (الإسلام)، وتبارت إمارة ” دبي ” في التماهي مع الموجة الغربية فقامت بتلوين وصبغ قمة برج خليفة (أطول برج في العالم) بالعلمين الفرنسي ثم البلجيكي تعبيراً عن عميق التعاطف مع ضحايا (الارهاب الإسلامي).
ما حدث في حلب ما هو إلا حلقة من حلقات الثورات المضادة للانتقام من الربيع العربي عبر الفوضى الخلاقة التي بشرتنا بها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في الولاية الثانية لبوش الإبن، وبتضافر جهود الغرب وروسيا وإسرائيل وإيران بالتعاون مع أنظمة عربية خاضعة تماماً، تنفذ كتالوج إعادة ترسيم وتقسيم المنطقة على أساس طائفي عرقي بما يشبه إعادة تدوير “سايكس- بيكو” إن صح التعبير يضمن بالنهاية هيمنة أقلية مسيحية أو شيعية على حساب الأغلبية السنية التي يُراد لها أن تبقي متشرذمة ضعيفة هشة في شكل كانتونات معزولة ومتناحرة ممنوع عليها الاتحاد والتلاحم.
دماء الغرب طاهرة وذكية وغالية، ودماؤنا نحن المسلمين في البوسنة وأفغانستان والعراق وفلسطين وشمال مالي وأفريقيا الوسطى وماينمار وسوريا مستباحة ولا قيمة لها، لأنها هانت على أصحابها فهانت على أعدائها.