قالت وكالة رويترز، إن زعيم قوات الدعم السريع شبه النظامية وصاحب النفوذ القوي في السودان محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وضع نفسه في صدارة انتقال مزمع إلى الديمقراطية في البلاد، ما أثار قلق الحكام العسكريين وأدى لحشد قوات في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي.
وأضافت الوكالة، في تقرير لها، أن حميدتي يقود عشرات الآلاف من المقاتلين تحت مظلة قوات الدعم السريع، وجنى ثروة معتبرة من بيع الثروات المعدنية. ويشغل أيضا منصب نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم الذي استولى على السلطة في انقلاب قبل أكثر من عام.
لكن حميدتي ابتعد في الآونة الأخيرة عن زملائه العسكريين ووجد لنفسه أرضية مشتركة مع ائتلاف سياسي مدني في خطوات قد تؤسس لجعله شخصية رئيسية حتى بعد الانتقال الديمقراطي.
وقال مصدران عسكريان إن جوهر الخلاف بين حميدتي والجيش هو عزوف قائد قوات الدعم السريع عن تحديد موعد نهائي واضح لدمجها في صفوف الجيش، في إشارة إلى أحد بنود الاتفاق الإطاري الذي وقع في ديسمبر، ويمهد الطريق أمام انتقال يقوده المدنيون لمدة عامين وصولا للانتخابات.
وذكر المصدران أن الخلاف دفع حميدتي إلى نقل عناصر إضافية من قوات الدعم السريع من معقله الإقليمي في منطقة دارفور بغرب السودان إلى الخرطوم خلال الأسابيع القليلة الماضية. وانبثقت القوات عن ما يُعرف بميليشيا الجنجويد المتهمة بارتكاب فظائع في دارفور في مطلع الألفية الثالثة.
وأشار المصدران إلى أن الجيش تحت قيادة رئيس المجلس الحاكم عبدالفتاح البرهان وضع المزيد من الجنود في العاصمة في حالة تأهب بدافع القلق من نوايا حميدتي.
وذكر حميدتي أمام جنود قوات الدعم السريع هذا الشهر أن قواته لن تحارب الجيش أبدا لكن “في مشكلة مع الناس المكنكشين (المتشبثين) بالسلطة”، في إشارة واضحة لعناصر النظام السابق التي تميل إلى الإسلاميين وتحتفظ بنفوذ في الجيش والخدمة المدنية.
ولم يُكشف من قبل عن أسباب تحركات القوات، ولم يرد متحدثون باسم الجيش وقوات الدعم السريع على طلبات تعقيب.
وعلى الرغم من هدوء التوتر منذ ذلك الحين، فإن الخلافات الكامنة بين حميدتي والجيش لم تُحل ولا تزال هناك نذر مواجهة تجلب انعداما متناميا للاستقرار في السودان الذي يقع في منطقة مضطربة بين الساحل والقرن الأفريقي.
ومن غير المرجح أن يتمكن حميدتي أو أي رجل عسكري آخر من خوض الانتخابات على المدى القصير. لكن سليمان بلدو رئيس المرصد السوداني للشفافية والسياسات، وهو مؤسسة فكرية مستقلة، قال إن حميدتي المنحدر من خلفية بدوية ترعى الجمال يحاول أن يصبح قوة يحسب لها حساب داخل الهيكل الوطني للسلطة في بلد انفردت فيه نخبة الخرطوم بالسلطة لوقت طويل.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” العام الماضي، قال حميدتي إنه لن يقف مكتوف الأيدي ويشاهد البلاد وهي تنهار لكنه نفى أن تكون لديه طموحات للزعامة.
خطوات نحو الديمقراطية
وقد يعيد تسليم السلطة للمدنيين بموجب الاتفاق الإطاري مساعدات غربية بالمليارات ويستأنف انفتاحا اقتصاديا وديمقراطيا توقف عندما أقدم قادة الجيش وقوات الدعم السريع في أكتوبر 2021 على عزل الحكومة المدنية الوليدة التي جاءت بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
والموقعون الرئيسيون على الاتفاق الإطاري هم الجيش بزعامة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي من جهة وائتلاف قوى الحرية والتغيير المدني من جهة أخرى. وتقاسم الجانبان السلطة خلال الانتقال الفاشل في الفترة بين الإطاحة بالبشير والانقلاب.
ويعبر حميدتي عن تأييده للحركة المدنية الداعية للديمقراطية على نحو متزايد في خطاباته. ومن ناحية أخرى، أرجأ البرهان التوقيع النهائي للاتفاق الانتقالي بالضغط لتوسيعه ليشمل جماعات متمردة سابقة وفصائل مدنية موالية للجيش.