علامات أونلاين

ستدفع أوروبا ثمنا خطأها في سوريا

أجرى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي سيرجي لافروف وتطرقت مباحثاتهما بشكل مسهب حول الوضع في سوريا .

وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أن الاتصال الهاتفي جرى ليلة الجمعة الماضية 30 أيلول / سبتمبر قبل مغادرة شتاينماير برلين إلى تل أبيب للمشاركة بتشييع رئيس الكيان الصهيوني السابق شمعون بيريز، مشيرة أن شتاينماير طالب نظيره الروسي بضرورة العودة مع نظيره الأمريكي جون كيري إلى جنيف والعمل على التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا وخاصة في مدينة حلب التي تفاقم الوضع المأساوي فيها الى أسوأ مما كان عليه وذلك إثر انهيار الهدنة التي تم التوصل اليها في وقت سابق من شهر أيلول / سبتمبر الماضي, وأن يكون هناك وقف لإطلاق النار لأكثر من 48 ساعة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الى المحاصرين بالمدينة, كما طالبه بوقف القصف العشوائي على المدينة ووقف الزحف البري, إذ يحاول نظام بشار أسد اقتحام المدينة من شرقها.

وأشارت وزارة الخارجية إلى أن شتاينماير (سيجري) مباحثات مع نظيره الامريكي جون كيري في تل ابيب حول الوضع في سوريا وضرورة انهاء الوضع الماساوي للشعب السوري .

ومن المقرر أن يدعو رئيس الحزب الديموقراطي الاشتراكي, نائب المستشارة الالمانية, وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل في وقت لاحق من الأسبوع المقبل لمسيرة حاشدة ضد الغزو الروسي لسوريا ونفاق الولايات المتحدة الأمريكية وسخريتها من المعارضة السورية ومن أولئك الذين يقفون إلى جانب الشعب السوري ويدعمونه في مطالبه بإنهاء نظام بشار أسد  وقيام سوريا جديدة موحدة تسودها الحريات العامة. واعتبر مراقبو تطورات ماساة الشعب السوري والهمجية الروسية وجود حرب حقيقية بين موسكو وواشنطن على الأرض السورية, فالنزاع حول انهيار وقف إطلاق النار الذي تم الاعلان عنه في وقت سابق من سبتمبر والمشاجرة التي وقعت بين مندوبي موسكو وواشنطن بمجلس الأمن الدولي قبل أيام دليل واضح على مسئولية واشنطن بتدمير سوريا لأنها لم تنفذ أي تهديد ضد بشار أسد الذي استعان بالروس والفرس وميليشياتهم لحمايته.

وأكدت زعيمة معهد حقوق الإنسان البرليني بيئاتيه رودولف أن أوروبا تتحمل مسئولية إبادة الشعب السوري لركونها لواشنطن وموسكو بإنهاء مأساة الشعب السوري؛ فبدل أن يتعاون الأوربيون مع السعودية وتركيا وقطر والدول الإسلامية التي تدعم الشعب السوري معنويا, أسندوا مهمة إنهاء الحرب إلى الكرملين والبيت الأبيض, فالكرملين يريد تثبيت أقدامه في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مزاحما بذلك واشنطن, والأخيرة فقدت بريقها السياسي والعسكري وتحاول إعادته من جديد على أرض سوريا مطالبةً الأوروبيين أخذ مبادرة إنهاء مأساة الشعب السوري ولو بتدخل عسكري ضد نظام بشار أسد . وأوضحت رودولف أن معهدها ضد الحروب وهو يسعى لأن ينال الإنسان حقوقه وحريته, والاتحاد الاوروبي الذي يدعو لحقوق الإنسان بسكوته تجاه إبادة الشعب السوري يعتبر عاقًا لحقوق الإنسان. 

الانتقادات التي تتوالى على الأوروبيين لعدم أخذهم المبادرة لإنهاء الحرب في سوريا وإنهاء مأساة الشعب السوري ووقف تدفق اللاجئين تعود بشكل رئيسي لتطورات الأوضاع السياسية والأمنية بأوروبا؛ فالتدخل الروسي بالشرق الأوكراني وسلخ إقليم شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا وضمه إلى حظيرة روسيا ومخاوف البلاد التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي من اجتياح موسكو لبلادهم عسكريا وعدم استعداد حلف شمال الاطلسي (الناتو) لخوض حرب مع روسيا كان وراء عدم أخذ الاوروبيين زمام مبادرة التدخل عسكريا لإنهاء الحرب في سوريا. وستستمر الآلة العسكرية الروسية بتدمير ذلك البلد ولا سيما مدينة حلب لمخطط يكمن في إفراغ البلد من سكانها وتنفيذ مخطط أمريكي روسي يكمن بقيام دويلة للأكراد وتقسيم سوريا إلى دويلات مذهبية وعرقية.

وعلى حسب اعتقاد بعض خبراء الشرق الأوسط , فإن الحرب في سوريا لن تنتهي ببقاء سوريا موحدة, وأن مخطط بلقنة تلك الدولة قائم على قدم وساق إذا ما تم تنفيذ ذلك المخطط؛ وهو استمرار لاتفاقيات (سايكس بيكو) فإن ذلك يعني مقدمة لقيام دويلات جديدة بالشرق الأوسط ستكون بمثابة شوكة حادة  في أعين الاوروبيين, ولذلك فإن أخذ أوروبا مبادرة إنهاء الحرب في سوريا والإبقاء على وحدة أراضيها استقرار لأوروبا سياسيا وامنيا .

شباب من أوروبا يقاتلون إلى جانب بشار

قرار اعتقال كل من يشارك بالحرب في سوريا سواء مع تنظيم ما يُطلق عليه بـ( الدولة الاسلامية) أو مع ميليشيات إسلامية أخرى الذي اتخذه الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة, يدعم بشكل مباشر إيران؛ فهي تقوم بتجنيد شباب شيعة يعيشون في أوروبا للحرب في سوريا إلى جانب بشار أسد، إذ تؤكد تقارير المخابرات الأوروبية أن عدد  الشباب الشيعة الذين غادروا أوروبا ويحاربون إلى جانب بشار بحوالي 985 شابا؛ منهم نحو 631 شابا من المانيا.

وعزا المعهد الأوروبي للسياسة الخارجية الذي يتخذ من برلين ولندن مقرا له عدم انتقاد الأوروبيين والأمريكان دعم إيران لبشار ماديا ومعنويا وعسكريا إلى الاتفاق الذي تم بين الدول المعنية بملف إيران النووي وإيران في وقت سابق من عام 2015 الماضي ، بينما يرى معهد مارشال للعلوم السياسية والعسكرية, وأن سبب عدم مبالاة واشنطن والاتحاد الاوروبي بدعم طهران للحوثيين باليمن وبشار هو الخشية من قيام محور عسكري يضم إيران روسيا والصين.

دمار سوريا يستمر إلى أن يستيقط الاوروبيون من سباتهم قبل وصول خطر أخطائهم إلى عقر دارهم على حد رأي وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر, وتحذير رئيس معهد ميونيخ للأمن والسلام الدوليين فولفجانغ ايشينجر, من مغبة تقاعس الأوروبيين عن إنهاء مأساة الشعب السوري.

………………

مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

Exit mobile version