شريف عبدالغني يكتب: لحية محمد مرسي.. ولحية خالد يوسف!

 (1)

مصر ليست فقط مستنقعا للجهل والخرافة، التي جعلت فيها من يصدق أن هذه السلطة البائسة، هي سلطة جبارة ترعب الشرق وتأسر قادة أساطيل الغرب. مصر – للأسف- مستنقع للأمراض. 22 مليون مصري على الأقل مصابون بالتهابات الكبد. الحلاقون هم رأس الحربة في ترويج ونشر هذا المرض اللعين. حولوا الفيروسات الكبدية إلى حق للمصريين كالماء والهواء. عبر أدواتهم الملوثة نشروها من رأس إلى رأس ومن «قفا» إلى آخر، بينما الحكومة «المباركية» لم تكن تهتم لا بالرقابة الصحية، ولا مواجهة المرض، وقد سخرت الميزانية للدولة البوليسية وما يلزمها لمواجهة الشعب.

(2)

أما ما بعد الانقلاب الزاهر، فقد دخلت مصر مرحلة جديدة. وكلنا تابعنا ملحمة «الكفتة» لعلاج فيروسات الكبد. إذن هناك علاقة وثيقة بين الحلاقين والانقلابيين، وأوجه تشابه لا لبسّ فيها، يمكن تلخيصها في عدة نقاط:

أولا: الحلاقون يعشقون منظر الدماء التي تسيل من رؤوس وأوجه ضحاياهم. والانقلابيون هوايتهم الوحيدة هي التلذذ بالدماء. لا يشبعون. لا يرتوون. عطشى دائما لها. مجازرهم تشهد على مهارتهم. في 6 أشهر أسالوا من دماء المصريين ما لم يفعله الاحتلال الإنجليزي في 82 سنة.

ثانيا: الحلاقون «رغايون». والرغاي هو الثرثار، الذي يتكلم كلاما فارغا كثيرا ينتهي إلى لا شيء. الواحد منهم يضرب ضربة مقص تقابلها 10 كلمات بلا معنى. أتذكر أحدهم، بمجرد أن عرف أني صحفي حتى اعتدل وراح يقلب في مخزن ذاكرته ليثبت أنه مثقف. روى مغامراته في العراق: “الله يرحمه صدام.. البلد دي شفت فيها أحسن ذكريات حياتي.. كنت تروح تشتغل وتكسب وتعيش ملك زمانك.. صدام حلف يمين طلاق أمامي إن اللي هيمس شعرة من أي مصري كأنه اعتدى على عدي وقصي شخصيا”.

أظن أن ما قاله صاحبنا لا يختلف كثيرا عن الخطابات فارغة المضمون للانقلابيين، وتفاهة تفكيرهم، وتسريبات وتحليلات «جذب الستات» و”الفلاتر” و”ما بنتهزش” وغيرها.

ثالثا: ثقافة الفكاكة وجه آخر للاتفاق بين الفريقين. التشابه يكاد يتطابق بين كلام الحلاق سالف الذكر، وكلام المحللين الاستراتيجيين للانقلابيين، ومنه أن إسرائيل لو أطلقت علينا صاروخا فسيرتد إليها بفعل الرياح!

رابعا: الحلاق يشعر بالفخر أن الناس تنحني أمامه أثناء عمله. يعوض من خلال هذه الانحناءات الاضطرارية أي أوجه نقص في حياته. الانقلابيون نفس الشيء.. يفخرون بانحناءات العبيد المرتعشين في حضرتهم، ويعوضون بها فضيحتهم العالمية بالترحيب الأسطوري الإسرائيلي لمواقفهم!

(3)

لكن..

رغم أوجه الاتفاق الأربعة السابقة، فللأمانة هناك فارق جوهري بين الفريقين. الحلاقون في النهاية غلابة يبحثون عن لقمة عيشهم. بل كانوا أيام زمان في قريتنا لا يحصلون على أجر، وإنما يرسل إليهم كل رب أسرة في موسم الحصاد ما يجود به من ذرة وقمح ومحاصيل أخرى مقابل حلاقتهم له وأولاده. بينما الانقلابيون أجارك الله لا يشبعون.. الدولة كلها بأراضيها وسواحلها ومناجمها ملك يمينهم. زيادة الرواتب لهم، والموظفون يتسولون. بطونهم تنتفخ، والشعب يجوع. هم لا يحبون الذرة، لأنهم يعشقون “الرز”!

الانقلابيون صادروا حتى مهنة «الحلاقة» لأنفسهم. يسابقون الزمن للتخلص من «لحية» محمد مرسي. لقد انتهى زمنها. يكتفون بـ «لحية» خالد يوسف!

شاهد أيضاً

د/ عز الدين الكومي يكتب : “الوزيرة النازية” وازدواجية المعايير

كم أعجبني قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال : “إِنَّ لِلَّهِ …