(1)
الفضيحة المدوية لانقلاب «الفلاتر والرز» الآن على عينك يا تاجر. كلمات الأم الإيطالية الثكلى، عار سيلاحق ليس فقط العصابة الحاكمة في القاهرة، ولكن الحكومة الإيطالية نفسها التي انقلبت على كل القيم الأوروبية وساندت انقلابا دمويا يتغذى على دماء المصريين.
قالت أم «ريجيني»؛ الشاب الإيطالي الذي جاء إلى مصر باحثا أكاديميا فخرج منها جثة مشوهة من آثار التعذيب: «شرور العالم كلها وجدت على وجهه في صورة ما بعد قتله».
بعد فضائح الأكاذيب التي أطلقها نظام «الكفتة» منذ تفجر القضية، تشير التحليلات إلى أنه سيقدم أحد الضباط «كبش فداء»، والتضحية به في سبيل غلق الملف الذي لم يكن في الحسبان. لقد قتلوا آلافا من شباب مصر على مدار ثلاث سنوات، وعذبوا الآلاف غيرهم، ولم يتحرك أحد، لذا ظنوا أن قتل النفس أمر روتيني اعتيادي، لكنهم من جهلهم العصامي لم يدركوا أن «مش كل الطير اللي يتاكل لحمه».
(2)
العصابة الحاكمة، هي النسخة الجديدة والأكثر دموية من عصابة “ريا وسكينة” التي شغلت المصريين خلال أحداث ثورة سنة 1919. وقتها تابع الجميعُ القصة، والتي كان من بين أسبابها الواقع الاقتصادي القاسي أيامها في ظل الاحتلال الإنجليزي. لم تجد المرأتان ومعهما رجالهما إلا القتل بغرض السرقة حتى يستطيعوا العيش. عندما قصت العصابة شريط إزهاق الأرواح، ودفنوا الضحية الأولى في حجرة تخصهم، لم يستطيعوا المبيت فيها. لكن مع توالي دفن الضحايا في تلك الحجرة وغيرها، اعتاد أفراد العصابة الأمر، ومارسوا حياتهم بشكل طبيعي جدا فوق الجثث المدفونة، فكانوا يمرحون ويتناسلون ويتعاطون المخدرات.
(3)
هناك حقيقة علمية: من يتعود على القتل ورؤية الدماء، يتحول الأمر إلى روتين عنده، ولا يتورع عن سفك المزيد منها بدم بارد في أي وقت، بعد زوال رهبة المرة الأولى.
هذا بالضبط ما حدث في قضية مقتل «ريجيني». إذا كنت تبحث عن القاتل الحقيقي، فأول الخيط من كلام زعيم العصابة بانتهاء عصر محاسبة من يقتلون المتظاهرين. هذه العبارة المجنونة زرعت في أجهزة أمنه بذرة القتل بأريحية.
بدأ صبيانه قتل المعتصمين السلميين في أبشع مجازر شهدتها مصر، ثم استباحوا دماء المتظاهرين السلميين بالشوارع، ثم انتقلوا إلى مرحلة تصفية المعارضين في منازلهم، والتعذيب حتى الموت في سلخانات الشرطة.
(4)
حين وقع «ريجيني» في قبضتهم كما تشير المعلومات المنشورة التي وصلت للجانب الإيطالي، كان منهج التعذيب والقتل المستمر منذ سنوات قد أصبح جزءًا من جينات العصابة، فحصل ما حصل. لم يتخيلوا أن هناك محاسبة, ومارسوا حياتهم بشكل اعتيادي، مثلما مارست عصابة “ريا وسكينة”, القديمة, الفواحشَ فوق الجثث المدفونة أسفلهم.
ولأن عملية غسل الأدمغة وصلت لدرجة أن يصدق مؤيدو العصابة أن المتظاهرين هم من يقتلون أنفسهم بأنفسهم، فقد استمرت فهلوة التبريرات «العبيطة» من النظام الخائب لما انكشف أمر الضحية الإيطالي المسكين. لقد قتلوا عددا من الشبان «الغلابة» بزعم أنهم هم الذين خطفوه وعذبوه حتى الموت. تخيلت العصابة من غبائها المعتق أن سر «ريجيني» سيدفن مع هؤلاء الشباب، وأن الحيلة الساذجة ستدخل على عقول الطلاينة.
(5)
الخلاصة..
عدالة السماء أرادت فضح العصابة، وفضح ازدواجية إيطاليا «الديمقراطية» التي ساندت انقلابا دمويا مجرما.