قد يقال الكثير من الأكاذيب قبل أن يعرف الشعب الفلسطيني حقيقة ما يحدث في منظمة التحرير الفلسطينية، وحقيقة “غـربان التصفية” من الناعقين باسمها الذين يستميتون لطمس ما حافظت عليه المنظمة طوال أكثر من أربعة عقود ــ رغم المؤامرات والانشقاقات ـــ من أن ” المنظمة ” رقم لا يقبل القسمة.
وكيف أصبحت المنظمة رقماً قابلا للقسمة والطرح والضرب بكل ما يخطر في البال، وطيرًا جريحاً يرفرف, ودمه ينزف في سماء الوطن، ويبحث عن غصن يقف عليه، والجميع يطلق الرصاص لقتل هذا الطير الفلسطيني قبل أن يجد الشجرة التي يجعل منها قاعدة للتمسك بالثوابت وعدم الانزلاق بالقضية الفلسطينية نحو مزيد من السقوط.
المتباكون والنائحون والمولولون ضد الجهود الوطنية والصادقة لعقد المؤتمر الشعبي لفلسطيني الشتات في مدينة اسطنبول لاستعادة الحراك الشعبي الفلسطيني لزخمه، وتأكيد الثوابت الوطنية في تحقيق العودة الشاملة واستعادة المقدسات, تحت ذريعة أن هذا المؤتمر يهدف لايجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية أناس يدعون الوطنية وليسوا بوطنيين.
والذين أدانوا وشجبوا واستنكروا وألقوا التهم جزافاً ضد القائمين على المؤتمر, أشخاصٌ يدعون المقاومة وليسوا بمقاومين، ويدعون الصدق وليسوا بصادقين.
والذين هددوا وتوعدوا بالويل والثبور وهاجموا المؤتمر ــ حتى قبل انعقاده ــ أناس يدعون الطهارة وهم ملوثون، ويدعون الشفافية وهم باطنيون.
عن أي منظمة تحرير يتحدث هؤلاء وهي عند أغلبية الشعب الفلسطيني بحكم ” الميت سريريا ” منذ أن تولى محمود عباس رئاستها في عام 2005 م ، وقد أصبح المشهد الفلسطيني في وجوده حالة من القهر والبؤس والكمد والغم والحزن المختلط بمهرجان تعهير القضية، ونهب الوطن وتدمير اقتصاده، وطمس هويته النضالية الممتدة على مدار قرن من الزمان؟
فمنذ تولي محمود عباس السلطة, وقيادة منظمة التحرير, وقيادة فــتـح, وهو يعمل بشكل ممنهج على تدمير المنظمة وفتح، باتخاذه القرارت الفردية وبتجاوزه كل القوانين الوطنية.
أصبحت “حركة فـتح” التي سيطرت على المنظمة منذ 1968م، وظلت تسيطر حتى الآن على كافة مفاصلها وعلى صناعة القرار فيها, نسخة “بدل فاقـد ” عن المنظمة، وقد نصت اتفاقية القاهرة عام 2005م، ووثيقة الوفاق الوطني عام 2006م ، واتفاق مكة عام 2007م ، واتفاق المصالحة عام 2011م ، على إعادة بناء وتفعيل المنظمة لتشمل أطياف الشعب الفلسطيني كافة، لكن أياً من هذه الاتفاقيات لم ينفذ حتى الآن، فمحمود عباس وحركة فتح لم يبديا أية جهود حقيقية لاستيعاب باقي مكونات الشعب الفلسطيني وفصائله بما يتوافق مع أحجامها السياسية والشعبية، بينما تضاءلت المنظمة وضمرت، لتصبح على مقاس حركة فتح أكثر منها على مقاس الشعب الفلسطيني.
وأصبح الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره يصحو كل يوم على ” فضيحة” مجلجلة، أبطالها أطراف في ما تسمى بـ ” السلطة الوطنية الفلسطينية “، فلا يكاد يمر يوم، إلا ونسمع عن فساد أخلاقي أبطاله مسؤولون في السلطة، أو فساد مالي متجذر ومتغلغل في أركان السلطة منذ سنوات، دون ان نسمع صوتا لـ ” غـربان التصفية ” يطالب بمكافحة لهذا الفساد أو تطهير أركانه، والسبب أن الغالبية من قادة السلطة مشارك فيه!
وباتت فضائح السلطة تزكم, لا أقول أنف الشعب الفلسطيني المقاوم والصابر بالداخل والخارج فحسب، إنما باتت تزكم أنوف كل الشعوب العربية، فلم يعد الأمر مقتصرا على جانب أو أفراد، أو حالة استثنائية، إنما بات الأمر يمارس علانية.
لقد صمت ” غـربان التصفية ” صمت القبور عندما ارتهن رئيسُ المنظمة القضية الفلسطينية، وامتطى مسار النضال الفلسطيني طوال السنوات الماضية، فصال وجال مستهتراً بشعبنا ونضالاته، وغيّر مسار هذا الشعب من نضال ومقاومة وجهاد واستشهاد إلى شركة خاصة له ولأبنائه تحمي مراكزهم التي أوجدوها، وامتيازاتهم التي سلبوها من قوت الشعب، واستمات في جعل منظمة التحرير كيانأ ضعيفا باتخاذه قرارات هدفت إلى تحطيم منظمة التحرير، وخلق أزمة فلسطينية داخلية عامة للتلهي بها عما جرى وسيجرى من اختراقات قاتلة في سياق التفاوض مع العدو على القضايا الهامة والتاريخية.
ولم نسمع لهم صوتا عندما أسقط شعبنا في حفرة ” أوسلو” التي أسقطت حق اللاجئين والعودة، وقطّعت أوصال شعبنا الفلسطيني إلى شعوب وقبائل عدة، ووصف جهاد الشعب الفلسطيني ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود!
ألم يسمع هؤلاء بالتعاون الأمني بين أجهزة السلطة ” الوطنية ” الفلسطينية وبين العدو الصهيوني؟
فما شهدته الساحة الفلسطينية من ضرب وتصفية لحركات وفصائل المقاومة والتآمر على قتل قادتها، وتقديمهم قربانـًا لإرضاء العدو الإسرائيلي كان ــ للأسف ــ عبر قيام أجهزة أمنية بالسلطة بإمداد أجهزة العدو الأمنية بكافة المعلومات والبيانات التي تمكِّن العدو من القيام بمهمته؛ باغتيال قادة الفصائل بكل سهولة ويسر تحت شعار “التنسيق الأمني المقدس” الذي رفعه رئيس منظمة التحرير، وأصبح من الثوابت الفلسطينية في نظر قادة الأجهزة الأمنية.
الأمر الذي شجع رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية اللواء ماجد فرج ” جنرال التنسيق الأمني المدنس” على الاعتراف لصحيفة “ديفنس نيوز” الأمريكية بأن قواته نجحت منذ بداية ” انتفاضة السكاكين ” في أكتوبر 2015 م في إحباط أكثر من 200 عملية ضدّ الاحتلال، واعتقال 100ناشط فلسطيني وداهمت عشرات المنازل وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة خلال ثلاثة شهور!
تعرض قطاع غزة المجاهد لثلاثة حروب، ووجدنا أعضاء من منظمة التحرير يتآمرون مع العدو على إبادة القطاع وتدميره، ويطلبون من العدو أن يستمر في عدوانه على أهلنا في القطاع الصامد، لحين استسلام المدافعين والمقاومين فيه!
كيف صمت ” غـربان التصفية” على قيادات ساهمت في التحريض على حصار أكثر من مليونين من أبناء شعبها إلى درجة الموت، بل وتطلب وتتوسل من العدو الصهيوني تدمير قطاع غزة على روؤس أبنائه لأنهم فضلوا المقاوم على المساوم؟!
ألم يظهر رئيس منظمة التحرير على التلفاز المصري وهو يفاخر بأنه صاحب فكرة إغراق حدود رفح بمياه البحر، وليقر بتواطؤه مع السلطات المصرية بإغراق الحدود بين فلسطين ومصر بمياه البحر للقضاء على الأنفاق؟!
ألم ترفض السلطة الكشف عن الشخص الذي باع الرئيس ياسر عرفات من أفراد طاقمه إلى العدو الإسرائيلي، وليت الأمر توقف عند ذلك بل غطت على الجريمة بتبرئة العدو من هذه التهمة المثبتة عليه!
لماذا التزمت المنظمة وحركة فتح الصمت عندما أصر رئيس المنظمة على تأخير إعادة إعمار قطاع غزة، ويوم تم حرمان أكثر من خمسين ألفا من المجاهدين والموظفين من رواتبهم في غزة تحقيقا لسياسة التجويع التي يمارسها العدو الاسرائيلي؟!
وعندما استغل رئيس المنظمة سلطته المطلقة في الكهرباء للضغط على غزة للتنازل عن مشروع المقاومة، والتمكن من غزة أمنيًا واقتصاديًا ليستأنف تعاونه الأمني مع إسرائيل في القطاع كما يمارسه في الضفة الغربية!
المطلوب من المشاركين في مؤتمر اسطنبول أن يسقطوا البقية الباقية من “ورقة التوت” عن “غـربان التصفية” في رام الله الذين يقتاتون على موائد الاسرائيليين، ويتاجرون بالدماء الزكية للشعب الفلسطيني، فقد ” تعروا ” تماما، ولم تعد لهم أدنى مصداقية, ليس فقط أمام الشعب الفلسطيني المجاهد، وأبطاله ومقاومته الشريفة، بل حتى أمام الشعوب العربية والإسلامية .