في ظل الانقلاب زادت تجاوزات الشرطة المصرية بشكل ملحوظ في القتل والسرقة والاغتصاب، والرشوة وتجارة الآثار والنصب وتجارة المخدرات والبلطجة وحماية المجرمين وممارسة الفجور والدعارة ورعاية شقق الدعارة وفرض إتاوات على أصحابها، واستغلوا مناصبهم والبدلة الميري، حيث شهدت البلاد منذ الانقلاب العسكري عمليات سرقة لم يقم بها كالعادة مجرمون محترفون؛ بل قام بها أفراد من شرطة الانقلاب الذين يُفترَض أنْ تكون وظيفتهم توفير الأمن للمواطنين، لكنهم تحولوا إلى لصوص، وكونوا تشكيلات عصابية يسرقون المارة بالإكراه، فتحوّلوا إلى (حاميها حراميها)!
وأبلغ دليل على ذلك التحقيقات مع عصابة “الدكش وكوريا” التي أثبتت تورط ضباط شرطة وقيادات بداخلية الانقلاب في التواصل والتخابر مع عصابات الإجرام والمخدرات في المثلث الذهبي، ومنها عصابة “الدكش وكوريا” الإجرامية المتورطة في قتل بعض أفراد الشرطة في منطقة الخانكة، وتورط لواء في تقاضى رشوة مالية بـ ٣ ملايين جنيه لغض الطرف عن أعمال البلطجة وصفقات المخدرات، وإخبار العصابة بموعد الحملات الأمنية، كما كشفت عن تورط أحد الضباط الصغار، الذي تردد على أوكار العصابة في أوقات سابقة بالتزامن مع الحملات الأمنية! وهو الأمر الذي أكده محمد حافظ زعيم العصابة عندما انفعل عقب القبض عليه والاحتفال بهذا الأمر والتجول به مكبلا في الجعافرة وعندما سبه ضابط فقال له: “نسيتوا الشهريات اللي كنتوا بتخدوها! ماحدش يمد إيده عليا، حساباتكم السرية عندي! أمال كنتوا بتخدوا فلوس ليه!”
صحيح كانوا بياخدوا الفلوس ليه؟ .. أكيد أعمال حرة!
لقد قرر ضباط داخلية الانقلاب استغلال خبراتهم الأمنية للسرقة والنصب والبلطجة, وعلى ما يبدو, فهذا أمر طبيعي لأن الكثير من عمليات السرقة الكبيرة تتم بمساعدة شرطة الانقلاب الذين خانوا شرف مهنتهم ووظيفتهم مقابل تقاضيهم مبالغ مالية ضخمة وصلت لنحو 60 ألف جنيه شهرياً مقابل رصدهم تحركات القوات الأمنية وإبلاغ العصابة بها!
وهذا يرجع إلى أن اختيارات الطلاب في كلية الشرطة وملحقاتها تتم بالمحسوبية والرشاوى والعلاقات المشبوهة, وإلا كيف يتمكن أحد المجرمين, وهو أمين موسى, من الهرب من أحد السجون إلى السودان, وهو متهم في 7 قضايا ومطلوب ضبطه وإحضاره في 22 قضية!
وهناك تورط لعدد كبير من أفراد شرطة الانقلاب في جرائم قتل وسرقة آثار وتجارة مخدرات وسرقة أسلحة زملائهم واغتصاب وغيرها من الجرائم.
والسؤال هنا: ما هي عقوبة من يثبت تورطه من أفراد شرطة الانقلاب في مثل هذه الجرائم؟ وكيف تكون عقوبة من قام بفعل إجرامي وساعد العصابات الإجرامية في إيذاء الناس وقتل زملاء لهم والعمل ضد مصلحة الدولة؟ وهل يُكتفَى بالإحالة إلى التقاعد؟
أليس من المفروض إحالتهم لمحكمة الجنايات؟
غالبا ما تكتفي داخلية الانقلاب بإحالة الضباط المتهمين للصلاحية والفصل من الخدمة دون محاكمة أو تحويل إلى مجلس تأديب، وفي حالة تورطهم مع عناصر إجرامية فإن أقصى عقوبة تُفرض عليهم هي فصلهم من العمل وإنهاء خدمتهم دون محاكمة، وهو الأسلوب الذي يتم اتباعه مع القضاة والأجهزة السيادية التي يتعاملون معها على أنها “فوق القانون”, ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تزايد انحرافات جلاوزة الشرطة الخارجين على القانون، وتوثيق علاقتهم بالعناصر الإجرامية والعصابات المسلحة الخارجة على القانون, وتزايد توزيع الرشاوى على كبار الضباط والقيادات الأمنية الوثيقة الصلة بالمجرمين.
هذه الجرائم ليست جديدة على شرطة الانقلاب, لكنها زادت بشكل مزعج في الآونة الأخيرة عن طريق تعاون أفراد شرطة الانقلاب مع تجار المخدرات لاستخدامهم كمرشدين يرشدون عن قضايا تجار المخدرات والسلاح والمتهمين الهاربين الصادر بشأنهم أحكام قضائية نهائية بالحبس حتى تسقط عنهم التهم بمرور السنوات.
وبعد هذه الفضائح التي تزكم الأنوف يخرج أحد “الخوابير الأمنيين” ليقول لنا: اطمئن يا شعب .. إن تجاوزات ضباط شرطة الانقلاب الذين هم على علاقة بالمجرمين مجرد حالات فردية وليست حالة عامة.
وبعد ذلك يأتي دور نائب عام الانقلاب ليصدر قرارا بحظر النشر في تورط ضباط شرطة الانقلاب ومعهم بعض أفراد القضاء الشامخ في قضية الاتجار بالآثار, لأن ضباط داخلية الانقلاب والقضاء الشامخ استغلوا انشغال المصريين يوم 14 أغسطس إبان مذبحتي رابعة والنهضة، لسرقة ونهب متحف ملوي الذي أنشئ عام 1963م والذي يعد الوحيد بمنطقة الصعيد وأكبر المتاحف الإقليمية في مصر.
وقد رأينا كيف وصل الإجرام على يد جلاوزة الشرطة أنّ أحد أفراد شرطة الانقلاب قتل مواطنا بصورة وحشية وأصاب آخر بسبب كوب شاي رفض أن يدفع ثمنه بعد نشوب مشاجرة بينهم في الشارع استمرارا لمسلسل جرائم الشرطة في ظل الانقلاب.