فيلم “الرصاصة لا تزال فى جيبي”, من الأفلام التي أُنتجت عام 1974 بعد حرب أكتوبر1973، حيث تدور أحداث الفيلم، حول المجنَّد “محمد” الذي يلجأ إلى منازل أحد الفلسطينيين فى غزة، كي يتسنى له الهروب، والعودة إلى بلده، وهناك التقى السايس “مروان الأخرس”، فشك في أنه عميل يتجسس لصالح العدو، وتمكن “محمد” من الفرار بحراً، والعودة لبلده محطما بعدما رأى مقتل رفاقه أمام عينيه، فيستقبله أهل قريته بفتور، وكأنه هو المسؤول عن هذه النكسة، ثم يقابل فاطمة ابنة عمه ويعرف أن “عباس” رئيس الجمعية التعاونية الذي يستغل الفلاحين، ويطلق الشعارات المزيفة يريد الزواج منها، ويسانده في ذلك عمه “إبراهيم” والد فاطمة. يعرض “عباس” الزواج على فاطمة ولكنه يترك القرية، ويحل محله “عبد الحميد”، يصمم “محمد” على الانتقام من عباس لشرف ابنة عمه، وأثناء مشاركته في حرب الاستنزاف يكتشف أن “مروان” كان يتعامل مع العدو لصالح الوطن، ويشارك “محمد” في حرب أكتوبر، ويعبر الجيش المصري القناة، ويعود “محمد” محمولا على الأعناق وهو لا يزال يحمل الرصاصة فى جيبه!
بعد ثلاثة وأربعين عاما يقول اللواء طيار “أحمد كامل المنصوري” أحد الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، إن الجيش المصري كان يحارب منتخب العالم في 1973، وأنا لي الشرف إني تربية يهود على أعلى مستوى من التدريب!
وبعد حرب أكتوبر التي اعتبرها “السادات” آخر الحروب يمم السادات وجهه شطر البيت الأبيض فاشترطت عليه الولايات المتحدة أن يتخلص من كل الأسلحة السوفيتية، وإعادة تسليح الجيش المصري بالسلاح الأمريكي وأن يخضع كل قادة الجيش لدورات تدريبية فى الولايات المتحدة.
ومن يومها تحول جيش كامب ديفيد لمجموعة من التجار والسماسرة، مستغلين المجنَّدين فى أعمال السخرة فى مشروعات الجيش التي شكلت حوالي 60 % من اقتصاد البلاد، وهى لا تخضع لأي نوع من الرقابة، أو تدفع أي نوع من الضرائب، وتحصل على أراضى الدولة ومختلف الخدمات بالمجان!
أصبح الوضع فى مصر أن الدولة ملك للجيش وليس العكس!
لذلك فإن جيش كامب ديفيد لا هم له سوى مطالبة الشعب بالتضحية والجوع والتقشف من أجل الوطن، أقصد وطن العسكر، كما قال “أحمد مطر” فى رائعته (الوطن):
نموت كي يحيا الوطن
يا سيدي انفلقت حتى لم يعد للفلق في رأسي وطن
ولم يعد لدى الوطن من وطن يؤويه في هذا الوطن
أي وطن؟
الوطن المنفي.. أم الوطن؟!
أم الرهين الممتهن؟
أم سجننا المسجون خارج الزمن؟
نموت كي يحيا الوطن
كيف يموت ميت؟ وكيف يحيى من أندفن؟
نموت كي يحيا الوطن
كلا …. سلمت للوطن
خذه وأعطني به صوتا أسميه وطن
ثقب بلا شمع أسميه وطن
قطرة إحساس أسميها الوطن
يا سيدى خذه بلا شئ .. فقط خلصنى من هذا الوطن!
بعد ثلاثة وأربعين عاما يتم تغيير اسم معبر طابا إلى معبر “مناحيم بيجن” رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق، وقد أجريت مراسم إطلاق معبر بيجن بمشاركة وزير المواصلات الصهيوني، والقنصل المصري في إيلات، وقال الوزير الصهيوني فى كلمته: إن معاهدة السلام تواصل صمودها، رغم كل الصعوبات والتقلبات. فقد أخرجتْ أكبر دولة عربية من دائرة الحرب، وغيرت تماما الوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل بالمنطقة!
بعد ثلاثة وأربعين عاما، تغيرت عقيدة جيش كامب ديفيد، من عداوة الصهاينة وقتالهم، إلى اعتبارهم دولة صديقة، وأن العدو هي حماس، ويغرق الجيشُ غزةَ بمياه البحر، ويشدد الحصار على أهلها ويغلق المعابر.
بعد نصر أكتوبر الذي برزت فيه المقاومة الشعبية فى مدينة السويس بقيادة الشيخ “حافظ سلامة”، بعد أن قرر محافظ السويس العسكري الخانع، تسليم المدينة للصهاينة، كما هي عادة العسكر, بعد أن حاصرتها دبابات العدو, رفض الشيخ “حافظ سلامة” الاستسلام، وصعد على مئذنة أحد المساجد ونادى بأعلى صوته: “حي على الجهاد، حى على الجهاد” ، فالتف حوله الشباب، وبعض الجنود والضباط، وخاضوا حرب شوارع ضد الصهاينة، دمروا خلالها سبعين دبابة، وقتلوا العشرات، وانسحب العدو وفرّ الباقون من جحيم المقاومة الشعبية، وبعد انتصار المقاومة فى السويس كرّم “السادات” الشيخ “حافظ سلامة”، ومنَحه وسام “نجمة سيناء”، وعرض عليه أن يكون محافظا للسويس لكنه رفض، وعندما طالب الشيخُ “الساداتَ” بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية اتهمه الأخير بالجنون، واعتقله ضمن من اعتقلوا خلال قرارات سبتمبر 1981، وكذلك الفريق “سعد الدين الشاذلي” وهو أحد رموز النصر فى حرب أكتوبر تم تشريده ومطاردته ونفيه، وبقي في المنفى سنوات، ولمّا عاد إلى مصر سجنوه ثلاث سنوات ولم يكرمه سوى الرئيس المنتخب الدكتور “محمد مرسي” الذي كرم أسرته بعد أن تجاهله نظام المخلوع “مبارك”.
وبعد ثلاثة وأربعين عاما تحول الاحتفال بنصر أكتوبر إلى أفلام ورقص وغناء دون ذكر الصهاينة، بل يأتي الاحتفال هذا العام وقد تنازلت مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بتواطؤ من الانقلاب!
وبعد ثلاثة وأربعين عاما تخلى الجيش عن مهمته الأساسية في حماية الحدود، ليمارس السياسة ويقهر الشعب ويهينه ويذله بل ويهدده، كما قال زعيم عصابة الانقلاب بأن الدولة تمتلك خطة لنشر الجيش في كل الأماكن والمحافظات في فترة لا تزيد عن 6 ساعات فقط.
وأخيرا صحيفة هآرتس الإسرائيلية ترشح زعيم عصابة الانقلاب للحصول على جائزة “نوبل” للسلام، وهو الذي قتل وأصاب عشرات الآلاف واعتقل أضعافهم، وصادر الحريات وأغلق عشرات الصحف والقنوات وصادر التجربة الديمقراطية الوليدة.