الرهبنة تعني التخلي عن الدنيا والزهد فيها, والابتعاد عن البشر, والتفرغ للعبادة. هذا هو مفهوم الرهبنة كما ورد في المعاجم, والمعروف من تعاليم الكنيسة والإنجيل أنه إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر.
لكن فى مصر وفى ظل الانقلاب العسكرى وحكم العسكر وطوال عقود, صارت الكنيسة دولة داخل الدولة مثلها مثل جيش كامب ديفيد فلا رقابة ولامحاسبة لميزانيتها ولا مصادر تمويلها ولا مساحات الأراضي التي استولت عليها من أملاك الدولة والتى تعادل مساحات بعض الدول, وضمتها لأديرتها وحولت الأديرة إلى مستعمرات وثكنات عسكرية تتكدس بالأسلحة وتقوم بتدريب بعض الأفراد على عمليات قتالية في بلد غالبيته من المسلمين.
أديرة الكنيسة لم تخضع يوما للتفتيش والمراقبة بعكس مساجد المسلمين التي تخضع لرقابة الداخلية والجهات الأمنية وأقسام الشرطة ولكل من هب ودب.
قبل سنة نشبت معركة بين الرهبان بالشوم والأسلحة البيضاء للتعبير عن المحبة والسلام!! فكشفت عن زيف المحبة والسلام والزهد والتخلي عن الدنيا عند رهبان الدير, وتبين فيما بعد أن المعارك التى نشبت بين رهبان المحبة والسلام كانت بقصد النزاع على الآثار التى تم استخراجها من الأراضى التى تم الاستيلاء عليها من قبل الرهبان الزاهدين في الدنيا المتفرغين للعبادة!
ونظرا لمواقف الأنبا تواضروس والكنيسة – التى لا تتدخل في السياسة – وساويرس والنصارى بشكل عام من النظام الانقلابي, فقد غض الانقلاب الطرف عن ممارسات الكنيسة الفجة والتي وصلت لحد الاستيلاء على محميات طبيعية وأراضٍ تابعة لهيئة الأثار ووزارتي البيئة والسياحة فتركوا لها الحبل على الغارب.
ورأينا بأم أعيننا تسامح ومحبة وسلام تواضروس وهو يجلس عن يسار قائد الانقلاب العسكري أثناء تلاوة البيان الانقلابى في خيانة غير مسبوقة, وقام بتوجيه ثلاثية الشكرالشهيرة للجيش بعد الانقلاب لإزاحته الإسلاميين.
قبل يومين تجددت أزمة الدير المنحوت عندما قام رهبان الدير بالإعتداء على محافظ الفيوم الانقلابى ومدير الأمن السفاح القاتل؛ ناصر العبد, بالسب والشتم, وذلك عندما حاولت المحافظة هدم سور أقامه الرهبان حول أرض ضموها إلى دير الأنبا مقاريوس من محمية وادي الريان الطبيعية ولم يكن قصد المحافظة – لاسمح الله – استعادة الأرض المغتصبة بالمحبة والسلام ومساحتها 13 ألف فدان من الرهبان, ولكن كان بهدف هدم جزء من السور بما يتيح استكمال العمل في طريق سيربط القاهرة بمحافظة أسيوط في الجنوب.
لكن رهبان الدير رفضوا استقبال المحافظ وحملته التى جاءت لإزالة السور المخالف في الساعة الثانية عشرة منتصف الليل وأكثر من 50 سيارة شرطة على أبواب الدير وقال لهم المحافظ – مستعطفا-: جئت لشرب الشاى معكم, لكن الراهب بولس المقارى المتحدث باسم الدير رفض الاستماع له قائلًا: إن هناك طرقًا بديلة للطريق الإقليمى الدولى.
إنها دولة الكنيسة تفرض إرادتها على الدولة!
لاتعجب, فإنها المحبة والسلام.. لاإرهاب ولا وضع الرؤوس في التراب !
الرهبان اتهموا قيادات المحافظة بالخيانة – خائن يتهم خائنًا وكلكم خونة؛ خنتم الله والوطن – وقالوا إنه تم هدم أجزاء من السور في غفلة منهم, ولذلك شرع الرهبان في إعادة بناء ما تم هدمه وحرقوا أحد بلدوزرات الشركة المنفذة للهدم.
ياللعجب .. حرق سيارة من سيارات الشرطة اتهم فيها عدد من الشباب حكم عليهم الشامخ يومها بـ 160سنة سجنًا!
وقال أحد الرهبان فور نشوب أزمة الدير إن المحافظ والقيادات الأمنية -الخونة – جلسوا معهم عند بوابة الدير وشربوا الشاي, وهموا بالانصراف ثم فوجئواعقب ذلك بأربعة “بلدوزارات” هدمت جزءاً من سور الدير وهو ما اعتبره الرهبان خيانة, مؤكدين أن الرهبان سيعيدون بناء السور.
ومن باب حفظ ماء وجه النظام الإنقلابى أعلن المحافظ أن تنفيذ هدم السور سيتم خلال 10 أيام بحدٍ أقصى وسيتم استرداد المزارات والأراضى التي استولى عليها الرهبان بالمخالفة للقانون .
أين هذا مما يحدث لأهلنا في سيناء وفى رفح من هدم البيوت على ساكنيها وطردهم في العراء يواجهون مصيرهم دون أدنى احترام لآدميتهم في الوقت الذى تتعامل فيه الدولة مع رهبان المحبة والسلام بكل احترام.
وبعد ذلك تسمع أقباط المهجر المتصهينين يتحدثون عن اضطهاد الأقباط وعن مطالبة دولية بحمايتهم, وفي الحقيقة فإن الأغلبية المسلمة هى التى تطالب بحماية دولية من أفعال تواضروس وكنيسته.
المتحدث الإعلامى للكنيسة أعلن أنه لا يعترف بدير الأنبا مكاريوس وذلك عند نشر فضائح الرهبان, لكنه قبل ذلك كان جزءًا لا يتجزأ من الكنيسة حيث أكد أن دير الأنبا مكاريوس الرياني لا يعترف به ضمن الأديرة المسيحية وأن هؤلاء الرهبان يقيمون على أراضٍ تابعة للمحميات الطبيعية وأنهم أقاموا منشآت غير مرخصة وأن الدولة لها الحق في اتخاذ ما تراه تجاه هؤلاء الرهبان.
والسؤال أين السفاح القاتل ناصر العبد مديرالأمن صاحب البطولات والعنتريات ضد معارضى النظام الانقلابى الدموى والذى أهانه الرهبان بين جنوده وضباطه وكادوا أن يفتكوا به .. بالمحبة والسلام؟ !