علامات أونلاين

عز الدين الكومي يكتب: يا سعد.. من يعتذر لمن؟

أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل … مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِلُ

هذا بيت من الشعر قاله في القديم أحد شعراء الجاهلية ومضمونه: كان سعد راعيا للإبل ويشتمل -أي يلبس شملة ليس تحتها قميص – وبسبب ذلك يصعب عليه أن يورد الإبل الغلاظ العطشى للماء لأن إيرادها يتطلب منه جهداً كبيراً وحركات كثيرة لا تتناسب مع ما يلبسه من ثياب قد تكشف عورته أثناء قيامه بهذا العمل الشاق ومن ثمّ صار هذا البيت مثلاً في كل من يعمل عملاً بطريقة غير صائبة ويقول قولا عجيبا مخالفا للحقائق والثوابت فيقال له: ما هكذا تورد الإبل, كما قال وفعل الدكتور سعد الدين إبراهيم .

وقد جال بخاطرى مباشرة هذا البيت حينما قرأت مبادرة الدكتور سعد الدين ابراهيم التى طرح من خلالها مبادرة للصلح بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الانقلابى الذى انقلب على الشرعية وأجهض التجربة الديمقراطية وأدخل البلاد في نفق مظلم وأغرقها في كم من الأزمات الإقتصادية والسياسية على الصعيدين الداخلى والخارجى وإعاد الحكم العسكرى للبلاد بمعاونة الأحزاب الكرتونية التى دفعتها الكراهية للإسلاميين إلى التعاون مع العسكر وعودتهم على ظهور الدبابات ظنا منهم أن إزاحة الإخوان عن المشهد ستتيح لهم الوصول للحكم الذي طالما حلموا به ولكنهم فشلوا في الوصول إليه عبر الصناديق والاستحقاقات الانتخابية فآثروا الصمت والسير في ركاب بيادة العسكر وعلى رأس هؤلاء الدكتور سعدالدين إبراهيم الذى طالب في مؤتمر بمركز ابن خلدون بعنوان “مآثر الديمقراطية الوطنية .. آل ساويرس نموذجا” بتاريخ 11 من مارس 2013 بعودة الجيش للسلطة مؤقتاً ليكون بديلاً عما أسماه حكم الضلال الإخوانى وقال مخاطبا الحضور: من منكم يستطيع الخروج لمظاهرة تدعو الجيش لحمايتنا وتخليصنا من الضلال الإخوانى بشرط أن يكون الحكم لمدة محدودة وشروط واضحة خاصة وأن الجيش يمثل كل فئات الشعب, كما أنه تعلم الدرس وفرق بين قيامه بمهمة وطنية نيابة عن الشعب وأن يستأثر بالسلطة؟ وأضاف: أعتقد لو طلبنا منه (الجيش) إنقاذنا من الضلال الإخوانى سيقوم بدوره ويتخلى عن السلطة بعد قيامه بمهمته وتسلميه البلاد بعد انتخابات حرة مدنية تحت إشراف قضائى كامل وإشراف دولى !!

هذا هو سعد الدين إبراهيم صاحب الوطنية الزائفة ورجل المبادرات!!

والعجيب أن د. سعد الدين إبراهيم وصف زعيم عصابة الانقلاب بأنه مختل وأن مخاطبته للمصريين في كلمته الأخيرة بعدم سماع كلام أحد غيره هو بداية لما أسماه بجنون العظمة وأضاف أن هذا الكلام خطر عليه ويجب على المجلس العسكري أن يؤاخذه على هذه الكلمات.

الآن يطالب سعد الإخوان المسلمين بالتوبة والاعتذار وتقديم فروض الولاء والطاعة للعسكر مصطفين منكسرين مطأطئ الرؤوس أمام زعيم عصابة الانقلاب الذى سيخرج في زينته منتشيا ببزته العسكرية حاملا أنواطه ونياشينه وألقابه العسكرية والمدنية والدينية ليقول لهم في أنفة وشمم: اذهبوا فأنتم الطلقاء!!

وهو الذى صرح بأنه التقى قيادات الإخوان وهم من عرض عليه الصلح مع زعيم عصابة الانقلاب, وقال الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين د. محمود حسين إن ماصرح به الدكتور سعد الدين إبراهيم من عقد لقاء بينهما بوساطة الدكتور أيمن نور غير صحيح, مؤكدًا أن ما حدث كان لقاءً عابرًا خلال زيارة صحية للدكتور أيمن نور تواجد خلالها – دون ترتيب- كل من الدكتور سعد الدين إبراهيم والدكتور منصف المرزوقي والدكتور أحمد طعمة، وآخرون.

وأكد في بيان رسمي له أن الحوار الذي دار بين الحضور حوار عام ولم يتطرق إلى مبادرات أو مصالحات أو ما شابه ذلك وأن موقف جماعة الإخوان واضح ومعلن وهو أنه لا تنازل عن ما وصفوه بـ”الشرعية” والتمسك بعودة الرئيس محمد مرسي ولا تصالح مع من تلوثت أيديهم بدماء المصريين ولا تنازل عن حق الشهداء ولا عن تحقيق مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ويحاول الدكتور سعد الدين إبراهيم أن يقنعنا بأن نفتل من شواربنا قيودا لأفواهنا قائلا: على الدولة ومؤسساتها خاصة مجلس النواب تبنّى مبادرته التى تشمل الإفراج عن كافة قيادات الإخوان وعلى رأسهم «المرشد» والرئيس محمد مرسى وأن تتيح لهم العودة للعمل العام مقابل التوبة والاعتذار للشعب ووقف عمليات العنف!

ويستمر الدكتور سعد الدين ابراهيم في تناقضه الواضح بقوله: والمبادرة شخصية منى ولم يدعُنى أحد لإطلاقها لا الإخوان ولا الدولة, فأنا داعية للسلام, أريد أن أحقن الدماء فما نراه يومياً عبر البيانات الرسمية والفيديوهات من مقتل ثلاثة أو أربعة أشخاص يومياً فى عمليات قتل واغتيال، أمر مؤسف للغاية ويدعونا جميعاً لضرورة المساهمة فى وقف ذلك، ومبادرتى لوقف هذا النزيف وأدعو مجلس النواب لتبنّى تلك المبادرة لحل الأزمة.

ويعود للتناقض مجددا فيقول: “لقاءاتى بعدد من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان فى تركيا، كان على هامش زيارتى لإلقاء محاضرة بإحدى الجامعات هناك واستضافنى أيمن نور فى منزله على العشاء مرتين التقيت فى إحداهما مع محمود حسين وقيادات الصفين الثانى والثالث بالإخوان فضلاً عن منصف المرزوقى رئيس تونس السابق وانقسمت الجماعة إلى مجموعتين الأولى مع عواجيز الجماعة وعلى رأسهم الأمين العام للجماعة محمود حسين ونواب سابقون بمجلس النواب تابعون للجماعة وهؤلاء كانوا أكثر قابلية للمصالحة مع النظام الحالى فى إطار تفاهمات منها الإفراج عن السجناء والسماح لهم بممارسة العمل العام الشرعى كله, كذلك التقيت بشباب الجماعة وهناك جزء منهم مع العواجيز أما صقور الشباب فيريدون الانتقام من «المجلس العسكرى» ويريدون إرجاع الدكتور محمد مرسى إلى رأس الحكم، وهذا الحد الأقصى لمطالبهم، فهم أكثر تشدداً فيما يتعلق بالمصالحة مع النظام الحالى وزعيم عصابة الإنقلاب .

وواضح أن الليبرالى العجوز يهدف من وراء مبادراته شق الصف الإخوانى لتحقيق حلم النظام الانقلابى وما فشل فيه الغرب والشرق على حد سواء, فراح يقسم الإخوان إلى عواجيز وصقور ليضرب كل العصافير بحجر واحد!

Exit mobile version