قد يبدو للمتأمل للعلاقة السعودية الإيرانية المتوترة منذ 1979، أن المملكة ترغب في الإطاحة بالنظام الإيراني لكن على العكس من ذلك فإن المملكة تسعى للإبقاء على نظام طهران رغم التصريحات السابقة لقادة النظام الملكي السعودي.
قبل وفاته في عام 2015، تردد أن العاهل السعودي الملك “عبدالله” طلب من الولايات المتحدة الأمريكية “قطع رأس الأفعى” في إشارة إلي إيران وبرنامجها النووي.
وفي عام 2017، هدد ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة “محمد بن سلمان” صراحةً بمواجهة إيران من خلال نقل الحرب إلى طهران وقال في حينها: “لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل نعمل على أن تكون المعركة لديهم في إيران”.
بعد ذلك بعامين، في عام 2019، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران مسؤوليتها عن قصف منشآت “أرامكو” النفطية السعودية في الأراضي السعودية.
وفي الوقت الحالي، تهدد طهران السعودية بحرب مباشرة، حيث حذر قائد الحرس الثوري الإيراني من أن الرياض “ستدفع الثمن” بسبب دعمها المزعوم للنشاط الانفصالي ووسائل الإعلام المحرضة على الاحتجاجات التي أعقبت مقتل الشابة الكردية “مهسا أميني” بعد اعتقاله من قبل شرطة الآداب بسبب الحجاب.
والسعودية وإيران خصمان لدودان منذ الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت بالنظام الملكي في إيران.
من خلال هذا السياق قد يفترض البعض أن السعودية تسعى في نهاية المطاف إلى زوال النظام في إيران عدوتها اللدودة منذ قيام الثورة الإسلامية هناك في عام 1979.
لكن وفق تحليل نشره موقع “فورين بوليسي” فإن تصريحات القادة السعوديين لا سيما ما أورده “بن سلمان” قد تكون مجرد إشارات لفظية فقط، فهناك الكثير من الأدلة على أن القيادة السعودية الحالية عقلانية، ولا ترغب في حقيقة الأمر إلي إسقاط النظام الإيراني.
وأوضحت المجلة أن السعودية تريد بدلا من ذلك إضعاف إيران بما يكفي لانتزاع تنازلات جيوسياسية رئيسية. وقد يشمل ذلك تنازلات إيرانية بشأن برنامجها النووي، وعدم تدخلها في الشؤون العربية، ووقف الدعم لحلفائها الإقليميين مثل “حزب الله” والحوثيين و”حماس”.
واعتبرت “فورين بوليسي” أن هناك سببين رئيسيين يجعلان إسقاط النظام الإيراني لا يصب في مصلحة السعودية.
السبب الأول وفقا للمجلة الأمريكية يتعلق بالهوية السعودية، فيمكن القول إن القوة السعودية موجودة فقط بسبب وجود إيراني آخر.
ذكرت المجلة أنه مثلما ترمز طهران للكثيرين إلى القيادة الشيعية العالمية، فإن الرياض تضع نفسها على أنها رمز للقيادة السنية. وأضافت أنه بدون وجود إيران على رأس الشيعة، فإن الهوية المفترضة السعودية باعتبارها الحامي السني للعالم لن تكون موجودة.
وبحسب المجلة فإن السبب الثاني، خوف السعودية من تأثير الدومينو كنتيجة محتملة لإسقاط النظام الإيراني، فإذا نجحت الاحتجاجات الإيرانية وأدت إلى زوال الجمهورية الإسلامية، فقد يكون لها تداعيات إقليمية شبيهة بالربيع العربي في بعض الدول العربية، ولا سيما الخليج.
واليوم، يمكن أن تلهم احتجاجات إيران المستمرة بالمثل النساء في جميع أنحاء السعودية والأقليات في الشرق ذي الكثافة الشيعية على وجه الخصوص للتظاهر.